كيف نختلف ولماذا نختلف

[رهـ من انا ـين]

بسم الله الرحمن الرحيم

عندما نختلف !

مع أني أختلف معك في الرأي

فاني سأقاتل من أجل حقك في أن تقول رأيك

ذهب ستة مكفوفين إلى حديقة الحيوانات فاصطدموا أثناء تجوالهم بكائن غريب

قام رهان بينهم حول من يعرف هذا الكائن ؟

قال الأول : هذا رمح

قال الثاني : بل ثعبان

قال الثالث : لا انه حبل

قال الرابع : أبدا هذا جذع شجرة

قال الخامس : لا شك بأنها تله

قال السادس : لا.لا.. إنها قربة ماء

واحتدم الجدال بينهم وتعالى الصراخ

وكل واحد يعتقد انه على صواب

وبالتالي فهو الأحق بأخذ الرهان ، واستمروا في الجدال إلى أن اقترح أحدهم إعادة النظر

فيما أدركوا لعلهم يعطون الحق لأحدهم ، وقاموا بجولة ثانيه للتعرف على هذا الكائن ؟

قال الأول : انه رمح مغروس في تله

قال الثاني : هو ثعبان يتدلى من تله

قال الثالث : أبدا حبل يتدلى من جزع شجرة

قال الرابع :

أوافق زميلي انه جذع شجرة يتدلى منه حبل

قال الخامس:لا شك أنها تله علقت عليها قربة ماء

قال السادس:صحيح أنها قربة ماء علقت على تله

( أرجو الملاحظة بين الجولتين )

وانقسموا في الرأي من جديد ، ولاكن هنا برز فريقين متعارضان فيما استمر آخران

على موقفهما الفردي ، واحتدم الجدال ثانية

واستمر النقاش أياما حتى أعيتهم ألحيله

فأرادوا الاحتكام إلى احد الحكماء

عرضوا مشكلتهم عليه بما يفيدهم

قال لهم الحكيم :

كلكم على حق ولكنكم على خطأ

أن دواءكم في الواو

انطلقوا من عند الحكيم فنسقوا معطياتهم

وضموها إلى بعضها البعض عملا بقول

الحكيم

لينفجروا بعدها ضحكة ساخرة من جدلهم

حتى قال كبيرهم :

( كيف لم نكتشف من البداية ان الكائن

الغريب ليس سوى الفيل الذي لا نعرف

في الدنيا أكبر منه )

تدل هذه ألقصه في بعض مؤشراتها

إلى أننا أحيانا أشبه بالمكفوفين

تعمى بصيرتنا دون البصر ولا تكتمل الصورة إلا عندما ننظر إليها بعيدا عن ذواتنا

ولعل في وصفة دلك الحكيم علاج للعمى المعرفي المتعارف ، أنها تدعو إلا جمع المدركات

الحسيه الجزئية ونظمها إلى بعضها البعض

مما يجعل المعطيات متكاملة المعالم

وهي نفس الوقت علاج للتعامي ألمصلحي ( النفسي ) الذي يجعل دائما (( أنا ))

سيدة مطلقة بالرأي والقرار

دون اعتبار لوجهة نظر أخرى

إذ عندما تقول أنت ( أنا ) وآخر يقول لا ( أنا )

وكل واحد يقول ( أنا )

تتباين وجهات النظر وتتعدد وتختلف

إلى ما لا نهاية ويبقى كل منا على ( جبهته )

لا تنازل بينما إذا قلت أنا وأنت وهو وهم ونحن تكون أنت الأخر والآخر آخر في شبكة تبادليه تسانديه يخسر عندها كل واحد رهانه

الشخصي وفرديته الاستعلائية

ولكن يربح

المقابل تعاضده الاجتماعي وتفاعله الايجابي

( كيف يحدث الاختلاف في وجهات النظر )

صعد إلى احد القطارات جنرالا برفقة جندي

وصدف أن جلسا معا مقابل فتاه حسناء

برفقة سيدة عجوز

وأثناء مرور القطار في نفق مظلم

سمع صوت ( صفعة كف ) و ( وصوت قبلة )

وبعد أن انقضى القطار من عتمة النفق

أخذ كل واحد من الأربعة

يقدر ويحلل في ذهنه ما حدث

1ـ قالت الفتاة في سرها :

أنني مسرورة لأن الجندي قبلني

ولكنني مستاءة لأن جدتي صفعته

2ـ وقالت المرأة العجوز في سرها :

أنا مغتاظة من ذلك الجندي الوقح الذي قبل

حفيدتي ولكنني فخورة بها لأنها صفعته

على خده صونا لكرامتها

3ـ وأحس الجنرال

أن جنديه هو من قبل الفتاة

لاكنه تساءل :

لماذا صفعتني الفتاه على وقاحته ؟

4ـ أما الجندي

فوحده الذي كان يعرف ما حدث

في تلك اللحظات المعتمة . وجدها فرصه

سانحة لأن يقبل الفتاة الجميلة التي تقابله

وفي نفس الوقت ينتقم من قائده

بصفعه على خده

يوجد أمثولة في هذه ألحادثه

حيث ترينا اللبس الذي يحصل أحيانا

بين مجموعه عند نزاعهم على قضية معينة

حيث يتبين ذلك بـــ ..

ــ اختلاف الناس في تقييمهم لموقف واحد

ــ اختلاف النظر إلى الموقف

من قبل شخص واحد

ــ تقدير البعض لموقف واحد

أو حادثة ما بأكثر من احتمال

مما يعني أن الاحتمالات تتعدد

في أكثر من اجتهاد

مع ان الحدث واحد كان كل ينظر إلى

ما حدث من خلال زاويته

من خلال تحليله وفق ما يعرف

والشيء المحزن أن هذه التحليلات

برزت على ضوء أمر ( معتم مظلم )

وهذا ما يحدث أحيانا بالنسبة لنا

عندما ندخل نقاش أو نختلف في وجهة نظر

خلال مواقف حياتنا

( عتمة النفق تلك )

أشبه بوجهات النظر المتنازعة

نقرر ، نحلل ، نتصرف ، نتكلم

ونختلف دون أن ينتهي تشنج وجهات نظر

إلى أزمة ما

يقول احد المفكرين :

انه لجنون رفض تقاسم شيء ما مع آخر

لا يمكن امتلاكه بمفردنا

((( أنا من وجهة نظري

إننا داخل قطار يسير في نفق مظلم

ويجب علينا إدراك ذلك جيد )))

(( يجب فهم واستيعاب أي حدث

قبل الخوض فيه من طرف واحد ))

دمتم في حفظ الرحمن

صادق الحب