مفتاح كل خير
________________________________________
قال سعيد بن مسلم بن قتيبة دعا المنصور بالربيع فقال : سلني ما تريد ؟ فقد سكت حتى نطقت ( كناية عن إطالتك بالسكوت ) وخففت حتى ثقلت ، واقللت حتى أكثرت . فقال : والله يا أمير المؤمنين ، ما أرهب بخلك ، ولا أستقصر عمرك ، ولا أستصغر فضلك , ولا أغتنم مالك ، وإن يومي بفضلك علّي أحسن من أمسي ، غدك في تأميلي أحسن من يومي ولو جاز أن يشكرك مثلي بغير الخدمة والمناصحة لما سبقني في ذلك أحد .
قال : صدقت . علمي بهذا منك أحَلّك هذا المحل ، فسلني ما شئت ؟
قال : أسألك أن تقرب عبدك الفضل وتؤثره وتحبه .
قال : يا ربيع ، إن الحب ليس بمال يوهب ، ولا رتبة تبذل ، وإنما تؤكده الأسباب .
قال : فاجعل لي طريقا إليه بالتفضل عليه .
قال : صدقت ، وقد وصلته بألف ألف درهم ، ولما أصل بهذا أحد غيره ، ومني لتعلم ما له عندي ، فيكون منه ما يستدعي به محبتي . وكيف سألت له المحبة يا ربيع ؟
قال : لآنها مفتاح كل خير ، ومغلاق كل شر ، تستر بها عندك عيوبه وتصير حسناتٍ ذنوبه قال : صدقت ، وأتيت بما أردت .
________________________________________
.