احتشد العشرات من الناس في ساحة القصاص، البعض يبكي والآخر يتشفى في القاتل الذي سيصبح في تعداد الموتى بعد لحظات.. كل شيء اصبح جاهزاً الآن لتنفيذ شرع الله، استعد السيف والسياف، انهارت قلوب وسالت دموع واحتبست كلمات، والمحاولات مستمرة من الوسطاء واهل الخير لانتزاع العفو والتنازل حتى ولوفي آخر ثوان، نطق الجاني الشهادتين وشمر السياف عن ساعديه، وفجأة يهمس والد القتيل «ولي الدم» في اذن من حوله عفوت عنه مقابل «10 ملايين ريال».. يعلن الخبر ويعود السيف الى غمده وتتعالى الصيحات والتكبيرات، فقد ابرق ضوء الامل في طريق عتمة امتدت سنوات، ويعود النبض الى قلب الجاني النادم على ما فعل وما اقترفت يداه.
هذا المشهد الذي لم يكتمل جماله بالعفو التعجيزي والمشروط صار يتكرر في الآونة الاخيرة، ومعه شعر كثيرون بتحول «الدية» التي هي حق شرعي لاهل الدم الى مجال للمتاجرة والمزايدة لدى البعض، فمن مليون الى عشرة وعشرين.. فقد تطورت «صفقات الدم» وباتت عقاباً طويل الاجل لاسر تعجز عن تدبير هذه الملايين وتبقى اسيرة الاقتراض والسلف من هذا وذاك حتى تسدد ما التزمت به لانقاذ رقبة ابنها حتى آخر ورقة في الحياة.وكما قالت ام احدهم «كيف ندبر عشرة ملايين ونحن بلا عائل ولا نجد مصروف اليوم».
مارأيكم