أعظم قيم الوجود ، وأساس كل القيم،هو الإيمان بالله(1)- تعالى- الإيمان الذي يدخل صاحبه في دائرة الملة الحنيفية.
الإيمان ليس معلومات عن الله-تعالى- ورسوله واليوم الآخر... يختزنها المسلم في ذاكرته فحسب، وإنما هو بلورة لمنظور يكتشف المسلم من خلاله نفسه، كما يكتشف واجباته ومصيره وإنجازاته وأزماته.
إن الإيمان حين يتمكن في القلب، وتنعم به الروح يحدث في كيان المسلم ما يشبه الزلزال، حيث يعيد صياغته على نحو مختلف كليا.
من خلال الإيمان يكتشف المسلم قيمته الحقيقية ، فتعظم ذاته، وتهون كل الأشياء الأخرى لديه بما فيها الحياة الدنيا نفسها . ويكتشف من وجه آخر ضآلته أمام ربه- جل وعلا- فيتخلص من مشاعر الكبر والأنانية ويرى الأمور على حقيقتها، كما هي دون تلوين ولا تزيين.
إن الشيء الذي يكاد يعادل صفاء العقيدة ونقاءها هو فاعليتها في تسخير كل إمكاناتنا من أجل ما نؤمن أنه حق وخير،وقد قال أحدهم:"" لكل امريء دينان: دين معلن ودين حقيقي، ودينك الحقيقي هو الذي تكرس حياتك من أجله""
إن وعي كثير من المسلمين اليوم مغيب عن هذه الوظيفة الجوهرية للإيمان ، وذلك بسبب سيطرة التقاليد والبرمجة البيئية على مفاهيمنا ومشاعرنا ، حيث إن تناول معظم الناس لمسألة الإيمان والإلتزام –عامة- يتم وفق ما هو سائد في مجتمعاتهم ، مما يعني أن ملامسة جوهر الإيمان وحقيقته لن يتم إلا من خلال انتفاضة كبرى للوعي ،تعيد الأمور إلى نصابها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)نظرة المسلم إلى الإيمان تختلف عن نظرة أصحاب الملل الخرى ،لأنه يعني بالنسبة إليه عقد استسلام لله، وعقد التزام بأمره، بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى ، وهذا هو بالضبط الذي يجعل من الإيمان إطارا مرجعيا لكل القيم والأخلاق والمعايير التي تشكل رؤى المسلم وسلوكاته المختلفة.