من ثقب صغير يمكن أن نرى الأشياء الصغيرة بالبصيرة وبدونها لا يمكن أن نرى الأشياء الكبيرة وإن لم يحجبها دوننا سوى وسواس داخلنا.
حين نقرأ سيرة سيد الخلق مع صحابته نشعر بالغربة اليوم! وحين نقرأ سيرته مع زوجاته نشعر بالغربة أكثر! وحين نقرأ سيرته مع المخطئين والمخطئات نشعر بالأمل يتجدد داخلنا بالجنة ونعيمها بعد أن خفنا حتى الموت لأننا قصصنا شعرنا مثل اليهوديات...؟
حين نقرأ سيرته مع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها نتأكد أن رجولة الرجل المسلم لا ينقص من اكتمالها تعبيره عن الحب لزوجته، وحين نقرأ سيرته مع أبنائه وأحفاده نتأكد ان إنسانيتنا لا تكتمل إلا حين نلعب مع أطفالنا.
حين نقرأ سيرة سيد الخلق مع الصبية وهم يلعبون في الطرقات وممازحتهم لا نهرهم نشعر بالتعاطف مع شبابنا اليوم وهم يتلعثمون حين يتحدث معهم رجل خرج للتو من مسجد الحي.
حين نقرأ سيرته مع الصحابة نعلم يقيناً أن التجهم ليس من السمات الرئيسية للمسلم وأن الابتسامة هي مفتاح القلوب،. حين نقرأ سيرته عليه أفضل الصلاة والتسليم نبكي حالنا وقد قسونا عليها في وقت أحبنا الله ورحمنا بنبي الرحمة والحب، الذي يبتدئ بالله وينتهي به..
الإسلام من السماحة ومن الحب مما فاق قدرتنا البشرية على التعامل الصحيح مع أنفسنا ومع غيرنا حتى من اخوتنا المسلمين.
ليس من العدالة مع أنفسنا أن يكون تعاملنا مع الإسلام من خلال المحرمات فقط وليس من العدالة مع الإسلام دين السماحة أن نتعامل معه من بوابة الخوف والتخويف فقط وهو دين الحب، الشباب وهم ركيزة الغد يستحقون أن نفتح لهم أبواب الجنة قبل أن نحرقهم دون قصد بنار الخوف.
نعم بعض شبابنا اختلطت عليه الأمور بشكل جعله يعتقد أن المحرمات هي الأساس مع أنه في الإسلام الأساس التحليل وليس التحريم.
اليوم نحتاج أكثر من أي وقت مضى لأن نفهم الإسلام دون غلو أو تساهل حماية لشبابنا قبل أي شيء آخر ليس لأنه مستهدف بل لأن واقع العصر يتطلب منا ذلك، يجب أن تكون خطوط التناغم بين مجموع المؤسسات الاجتماعية المؤثرة في عملية التنشئة الاجتماعية أكثر ايجابية وأكثر تنسيقاً وتكاملاً، فهل من المنطق أن أؤكد لطفل في المرحلة التمهيدية أن من يسمع الأغاني يدخل النار؟ وهو سيعود للمنزل فيجد أسرته تشاهد أغنية بل ربما والدته أو شقيقته ترقص عليها ..أي وجدان سيحمله هذا الصغير الذي نحتاج للحب والاتزان داخله لنستطيع أن نزرع فيما بعد حين يكبر وحين يتسع أفقه أسباب التحريم ومساحة الحرية المتاحة لكل فرد، أيضاً حين نضرب مراهقاً عمره لا يتجاوز الخامسة عشرة وفي مكان عام لمجرد أنه أطال شعره في الوقت الذي يحتاج أكثر لأن نغرس داخله قيم الإسلام الجميلة، القيم التي تؤكد على العدالة... والصدق.. وحسن المعاملة، على قيمة الانتماء قيمة احترام الذات قيمة الحرية بمفهومها الايجابي، قيمة المسؤولية قيمة الحق قيمة الواجب قيمة الحب والعطف والتسامح قيمة إنسانية الإنسان.
السنا بذلك نوجد الحواجز بينه وبين الخير الذي يأتي من منابع التوجيه وليس التخويف، قراءة الإسلام من بوابة الجنة أكثر جمالاً وأعمق أثراً من قراءته فقط من بوابة الخوف ونار جهنم.
نعم علينا أن نحذر شبابنا خاصة من الوقوع في الخطأ وفي مسالك الجريمة أو الانحراف عن الطريق المستقيم ولكن في الوقت نفسه لابد أن نميز بين الحرام والحلال وبين ثوابت الإسلام التي لا خلاف عليها.. وليس الأحكام التي جاءت في عصر - ما - وفق اجتهادات علمائه آنذاك... وأيضاً أن لا تختلط الأمور لدينا بين ما هو نابع من الإسلام فعلاً وما هو نابع من تراكم العادات والتقاليد ومع مرور الأيام اعتقد البعض انه من الإسلام.. وعلى الكل الالتزام به أو تجنبه...
أيضاً الطفل يحتاج منا لجهد متواصل لغرس قيم الحب والتسامح داخل وجدانه... مع غرس أصول العبادة... لأننا في حاجة لمسلم قوي في عقله ومشاعره...، قوي في تفكيره وفي عطائه، نعم علينا احتواء عقول أطفالنا وقلوبهم... بعناصر الحب داخل الإسلام وليس فقط العقاب والتخويف الذي هو جزء في الإسلام وليس كلاً.
نعم نحن اليوم نحتاج لفتح أبواب الحب لشبابنا وأطفالنا... نحتاج لاحتوائهم إسلامنا بوعي.. وقوة ايجابية.. نعلمهم ان الإسلام بناء للإنسان من الداخل.. وأن الله لم يحرم شيئاً إلا لحكمة ولم يحرّمه إلا لحكمة وأنه ليس لنا كبشر أن نحرم إلا ما حرم الله ولا نحلل إلا ما حلل الله... وليس ما اختلف أو أتفق مع مصالحنا...