العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام العامة ]:::::+ > ۞ مكتبة الــوٍد الإسلامية ۞
 
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 28-05-2007, 01:26 PM   رقم المشاركة : 1
king-abdullah
( ود فعّال )
 
الصورة الرمزية king-abdullah
 





king-abdullah غير متصل

كفالة اليتيم والتحذير من أكل أمواله

الخطبة الأولى

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله فإن تقوى ربكم عليها المعول، والزموا سنة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم وما كان عليه الصدر الأول.

أيها المسلمون، الأمة مكلفة برعاية مصالحها وحقوقها، مأمورة بالتعاون فيما بينها على البر والتقوى، والمودة والنصرة.

التفاضل فيما بينها بالتقوى والعمل الصالح، والتسابق في البر والمعروف، والتنافس في الفضل والإحسان.

ودين الإسلام أثبت لها حقوقاً وواجبات في فئاتها وطبقاتها.

إنها حقوق وواجبات ثابتة، مقرونة بحق الله سبحانه في الإفراد بالعبادة:

وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً [النساء:36].


وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152)الأنعام

الآيات... إلى آخر الحقوق العشرة في قوله سبحانه:

وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام:153].

حقوق عظمى، ووصايا كبرى، التقصير فيها من الكبائر، والتفريط فيها من الموبقات. حقوق للوالدين والأقربين، واليتامى والمساكين، وأبناء السبيل والجيران، والأصحاب والأغراب.

وهذه وقفة ـ معاشر الأحبة ـ مع حق من هذه الحقوق تضمنته هذه الآيات الكريمات، حق عظيم يتأكد التذكير به، والمسلمون بمشكلاتهم ومحنهم يتزايد فيهم صاحب هذا الحق وتتنوع في تكاثره الأسباب، إنه حق اليتيم؛

ـ أيها الإخوة ـ فحسب اليتامى أن يكون أسوتهم محمداً فتلك ـ وربك ـ هي الإنسانية بجلالتها، وهي الحقوق بأسمى معانيها.

وحسب الأوصياء أن يعلموا أن يُتْمَ محمدٍ قد رعاه ربه وتولاه، فآواه وهداه

أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى

[الضحى:6].

وحسب كافل اليتيم أن يكون مع النبي في جنات عدن كهاتين، وأشار عليه الصلاة والسلام بإصبعه السبابة والوسطى[1].

وقد يرغب محب الخير أن يعرف السر في بلوغ الكافل هذه المنزلة العظيمة، والرتبة الشريفة ليكون قريناً لنبيه في المقام العظيم.

يقول أهل العلم: إن محمداً كتب الله على يديه هداية قوم كانوا في ضلال مبين، قام عليهم، وأصلح شأنهم، علمهم وأرشدهم، ودلهم على الحق والطريق المستقيم.

وكذلك كافل اليتيم، يحفظ يتيمه في حال صغره لا يعقل ولا يفقه، فيدله ويهديه، ويهذبه ويربيه، فإذا ما بلغ مبلغ الرجال، كان رجلاً سوياً، محفوظ الحقوق، موفور الكرامة، مع ما يتحمل الكافل من تبعات الوصاية والرعاية، وشؤون التربية وحسن العناية، وما يحف بذلك من تقوى ونزاهة وعفاف.

هذه هي الإنسانية، وهذه هي حقوقها في دين الله.

أيها الإخوة في الله: إن لليتيم حظاً موفوراً في نصوص الكتاب والسنة، رعاية وحفظاً، وتربية وتأديباً، وعناية شديدة في الكف عن إيذائه وقهره، وزجره أو نهره.

لقد تنزلت الآيات في حقه في أوائل ما تنزل من القرآن المكي: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ [الضحى:9].

أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ {1} فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ [الماعون:1،2].

كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ [الفجر:17].

فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ {11} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ {12} فَكُّ رَقَبَةٍ {13} أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ {14} يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ [البلد:11-15].

وفي الحديث: ((إني أُحَرِّجُ عليكم حق الضعيفين: اليتيم، والمرأة)) [2].

وفي حديث عند مسلم: ((كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة))[3]. قال الإمام ابن بطال: حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي في الجنة. ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك.

وكان ابن عمر رضي الله عنهما لا يجلس على طعام إلا على مائدته أيتام.

أيها الإخوة المسلمون، اليتيم فرد من أفراد الأمة ولبنة من لبناتها. غير اليتيم يرعاه أبواه، يعيش في كنفهما تظلله روح الجماعة، يفيض عليه والداه من حنانهما، ويمنحانه من عطفهما، ما يجعله ـ بإذن الله ـ بشراً سوياً، وينشأ فيه إنشاءً متوازناً.

أما اليتيم فقد فَقَدَ هذا الراعي، و أحس بالعزلة، ومال إلى الانزواء، ينشد عطف الأبوة الحانية، ويرنو إلى من يمسح رأسه، ويخفف بؤسه، يتطلع إلى من ينسيه مرارة اليتم وآلام الحرمان.

كم من أم لأيتام يحوم حولها صبيتها وعينهم شاخصة نحوها، لعلهم يجدون عندها إسعافاً.

وإن شئتم أن تذرفوا الدمع ساخناً فاذكروا ساعة الاحتضار وَدُنوِّ الأجل، وتذكروا حال الصبية الصغار والذرية الضعاف الذين يتركهم هذا المحتضر وراءه، يخشى عليهم ظروف الحياة، وبلاء الدهر، يتمنى لهم ولياً مرشداً يرعاهم كرعايته، ويربيهم كتربيته، يعوضهم بره وعطفه.

من تذكر هذه الساعة، وعاش هذه الحالة، فليذكر حال اليتيم وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً [النساء:9].

إن اليتيم إذا لم يجد من يستعيض به حنان الأب المشفق والراعي الرافق، فإنه سيخرج نافر الطبع، وسيعيش شارد الفكر، لا يحس برابطة، ولا يفيض بمودة.

وقد ينظر نظر الخائف الحذر، بل قد ينظر نظر الحاقد المتربص، وقد يتحول في نظراته القاتمة الى قوة هادمة.

أيها المسلمون،(((((((( من خيار بيوت المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه)))))))).

خفض الجناح لليتامى والبائسين دليل الشهامة، وكمال المروءة. ((صنائع المعروف تقي مصارع السوء))[4]، وتحفظ من المحن والبلايا. إن كنت تشكو قسوة في قلبك فأدْن منك اليتامى، وامسح على رؤوسهم، وأجلسهم على مائدتك، وألن لهم جانبك.

وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً {8} إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً {9} إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً {10} فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً [الدهر:8-11].

نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وسنة نبيه ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.





--------------------------------------------------------------------------------

[1] صحيح، أخرجه البخاري: كتاب الأدب – باب فضل من يعول يتيماً، حديث (6005)، ومسلم: كتاب الزهد والرقائق – باب الإحسان إلى الأرملة... حديث (2983).

[2] حسن، أخرجه أحمد (2/439)، وابن ماجه: كتاب الأدب – باب حق اليتيم، حديث (3678)، وصححه ابن حبان (5565)، والحاكم (1/63). قال البوصيري: إسناد صحيح رجاله ثقات، مصباح الزجاجة (4/103). ونقل المناوي تحسين إسناده . فيض القدير (3/21)، وحسنه الألباني، السلسلة الصحيحة (1015).

[3] صحيح، صحيح مسلم: كتاب الزهد والرقائق – باب الإحسان إلى الأرملة... حديث (2983).

[4] حسن، أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (8014) والأوسط (943)، وحسن إسناده المنذري في الترغيب (2/15)، ورمز له السيوطي بالصحة في الجامع الصغير (5040، 5041)، وحسنه الألباني، صحيح الترغيب (889، 890)، وتحت الحديث رقم (1908) في السلسلة الصحيحة.


الخطبة الثانية

الحمد لله، دل على الحق ورفعه، ونهى عن الباطل ووضعه، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، لا مانع لما أعطاه ولا معطي لما منعه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، حاز من الفضل والشرف أكمله وأجمعه، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه ومن اقتفى أثره واتبعه.

أما بعد:

لا تقوم الحقوق على وجهها ولا يحفظ للناس أشياءهم إلا حين يأخذون كتاب ربهم بقوة، يرجون وعده، ويخافون وعيده:

إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً [النساء:10].

وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً [النساء:2].

أي: إثماً عظيماً.

لقد تحرج الذين عندهم أيتام من أصحاب رسول الله حين سمعوا هذه القوارع، فعزلوا طعام الأيتام وشرابهم، فصاروا يأكلون منفردين، ويعيشون منعزلين، وامتنع آخرون من كفالة اليتيم تحرجاً وتعففاً، وكان هذا موضع حرج آخر، فعزل اليتيم ونبذه في ركن من أركان البيت وفصله عن أترابه من الأطفال له الأثر السيء في تربيته وضياع ماله، فسألوا رسول الله فنزل القرآن مجيباً لهم:

وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة:220].

ولقد رفع الحرج بتوجيه عميق وهدف عالٍ: قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ إن الغاية هي إصلاح اليتيم، إصلاح بكل معاني الإصلاح، من التهذيب والتربية والتنشئة على الدين والعلم والخلق القويم.

وهذا أعظم وأهم من الاشتغال بإصلاح المال وحده، وكل من الإصلاحين مطلوب: وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فإخوانكم ... إنهم إخوانكم، وشأن الإخوة المساواة والمخالطة في الكسب والمعاش، مخالطة في أخوة صادقة مبنية على المسامحة وانتفاء مظنة الطمع.

أما إذا فسدت النوايا واستغل ضعف اليتيم وقلة إدراكه، فقد جاء الوعيد: والله يعلم المفسد من المصلح

وكم من نُظَّار على أوقاف، وأوصياء على أيتام انزلقوا في الشبهات، ثم ترقوا إلى المحرمات فغلبتهم أطماعهم حتى أصبح واحدهم غنياً من بعد فقر، قاسياً من بعد لين، فويل لهم، ثم ويل لهم:

إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً /النساء:10]. وفي الحديث: ((أربع حق على الله ألا يدخلهم الجنة ولا يذيقهم نعيمها: مدمن الخمر، وآكل ربا، وآكل مال اليتيم، والعاق لوالديه))[1]. ------------------------------------------- [1] ضعيف، أخرجه الحاكم (2/37) وصححه، وتعقبه الذهبي بقوله: إبراهيم، قال النسائي: متروك، وقال المنذري عنه: هو واهٍ، الترغيب (3/4)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (748)، وضعيف الترغيب (1158).



الموضــــــــــــــــــــــــوع الثاني :

==================


(2)حق اليتيم والأرملة

ملخص الخطبة 1- وصاة الله بالأرملة واليتيم. 2- فضل كفالة اليتيم. 3- السعي في خدمة الأرملة والمسكين. 4- حق الجار وأنواع الجيران. 5- صور من إيذاء الجيران. الخطبة الأولى

أما بعد:

فإنه مما يحسن بعد الكلام عن بر الوالدين وصلة الرحم أن يعطف بالكلام عن اليتامى والإحسان إليهم والسعي على الأرامل والمساكين والإحسان إلى الجار، فهؤلاء من الذين أوصى الله تعالى بهم بعد توحيده والأمر بالبر بالوالدين والإحسان إليهم والأمر بصلة الرحم، وذلك في قوله تعالى من الآية السادسة والثلاثين من سورة النساء التي جمعت الحقوق، حق الله تبارك وتعالى وحق الخلق قال تبارك وتعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً.

فاعلموا وفقنا الله وإياكم وجميع المسلمين لما يحبه ويرضاه، أن لكفالة اليتيم والإحسان إليه والسعي على الأرامل والمساكين والإحسان إلى الجار فضلاً عظيماً يوفق الله تعالى للقيام به من شاء من خلقه، والله تبارك وتعالى يقول في سورة آل عمران: يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً ويقول في سورة النبأ: يوم ينظر المرء ما قدمت يداه فالسعيد حقاً هو من وفق للقيام بهذه الأعمال واستعمل ماله في مصالح نفسه وأهله المشروعة وكفالة الأيتام والسعي على الأرامل والمساكين وسد الخلات والسعي على ذوي الحاجات.

وأما اليتيم فهو الذي مات أبوه وهو لم يبلغ.. مات أبوه الذي كان يرعاه بنفسه وماله، ويحبه من أعماق قلبه ويؤثر مصلحته على مصلحتِه وإن مما يذرف الدمع من العين ساخناً ساعة الموت صبية صغار وذرية ضعفاء يخلفهم الميت وراءه يخشى عليهم مصائب الدنيا وصروفها ويتمنى وحياً مرشداً يقوم مقامه، يرعاهم كرعايته ويسوسهم كسياسته يعزيهم برّه ولطفه عن أبيهم الراحل ويشعرون معه بالعناية التي يجدونها عنده، فكأن والدهم حي لم يفقدوا منه إلا جسمه والذي يتعاهد اليتيم ويؤدبه ويلاحظه ويهذب نفسه ويحنو عليه وتطمئن قلوب أقاربه إذا رأوه، هذا الذي يتعامل مع اليتيم على هذه النحو حريّ بمرتبة المقربين من رسول الله يوم القيامة، وقد دل على ذلك حديث سهل بن سعد في صحيح البخاري وغيره قال: قال رسول الله : ((أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا)) وقال بإصبعيه السبابة والوسطى أي قرن بين الإصبعين هاتين مبيناً قرب كافل اليتيم منه يوم القيامة. وأشار بهما وقال: ((أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا)).

وفي هذا ترغيب في كفالة الأيتام والعناية بأمورهم، فلهم حق عظيم على المسلمين يقوم به من وفقه الله تعالى لذلك، ولقد أوصى الله جل وعلا باليتامى ليصيروا كمن لم يفقد والديه فقال في سورة البقرة: ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير.

وأما الأرملة فهي التي فقدت زوجها فهي بحاجة إلى الملاحظة لأنها ضعيفة وحاجات النساء كثيرة، دقيقة وجليلة، فالذي يتعاهد الأرملة التي فقدت زوجها الذي كان يؤنسها ويرعاها وينفق عليه ويسكنها معه، الذي يرعاها من بعده فيسليها عن الفجيعة وعن تلك المصيبة ويكف يدها عن السؤال عما في أيدي الناس ويصون ماء وجهها له عند الله أجر عظيم، يكفيه في ذلك ما قاله عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه البخاري كذلك وغيره عن أبي هريرة قال عليه الصلاة والسلام: ((الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو كالذي يصوم النهار وقوم الليل)).

أما المساكين فهم الذين أسكنتهم الحاجة فلا يجدون كفاية لقوتهم وسكناهم وأمورهم ونفقاتهم إما بسبب فقد المال أو بسبب العجز عن الكسب لكبر أو صغر أو عمى أو شلل أو نحو ذلك من الأسباب المقعدة والمسكنة عن تمكين المرء أن يجد كفاية نفسه وأهله من يعول، فهؤلاء حري بالمسلمين مساعدتهم وتفقد أحوالهم وأمورهم والسعي عليهم وإعانتهم على عمل يحسنونه من تعليم أو صنعة أو زراعة أو وظيفة يكفون بها وجوههم وأيديهم عن السؤال، وقد يكون المسكين قريباً أو ذا رحم فيعظم حقه ويكون السعي عليه براً وصلة.

ومن يعين المساكين ويسعى عليهم ويتفقدهم يتضاعف أجره عند الله أضعافاً مضاعفة فهذه فرصة ثمينة يوفق إليها السعيد من خلق الله تبارك وتعالى، ومن يجمع المال بعرق الجبين لا لينفقه في ترف أو تبذير أو لذة أو سمعة، بل ينفقه فيما يحب الله ويرضى من القيام بمصالح نفسه وأهله كما تقدم ولمواساة أهل الحاجات فهذا هو الذي يستفيد من المال في الدنيا ويجده مدخراً له يوم القيامة في موازين الأعمال جبالاً من الحسنات، وهو أيضاً الحريّ بمرتبة المجاهدين ومنزلة المقربين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.



.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.







التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

 

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:34 AM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية