العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام الثقافية والأدبية ]:::::+ > الإبداعات الأدبية
موضوع مغلق
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-10-2002, 04:50 PM   رقم المشاركة : 1
العمدة الإجباري
ود مميز
 
الصورة الرمزية العمدة الإجباري
 






العمدة الإجباري غير متصل

صفحات من تاريخ المخابرات ( أستاذ الخيانة )

المصدر- الأهرام
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------


أسمه الرسمي (هارولد أدريان روميل فيلبي ) لقبه كيم وله اسمان حركيان هما( ستانلي) و(العميل توم).

سئل قبيل وفاته عما اذا كان لا يشعر بأنه خان وطنه بريطانيا , فقال:

" الخيانة تتطلب الانتماء أولا . وأنا لم أشعر بالانتماء أبدا ".

ومهما يكن هذا القول مبهما فأنه التفسير الوحيد الذي قدمه اغرب عميل في تاريخ الجاسوسية .

كان فيلبي جاسوسا للمخابرات السوفيتية . سرب أسرار مخابرات بلاده قرابة ثلاثين عاماً. وصل الى قيد شعرة من منصب رئيس المخابرات وهو في نفس الوقت يتجسس للعدو بنتائج تتجاوز الاحلام وصارت قصته مصدر وحي لعدد لا يحصى من الروائيين والقصاصين والكتاب الذين حاولوا تفسير ظاهرة فيلبي وتحليل شخصيته وتحديد شخصيته وتحديد دوافعه على الخيانة.

ركز المحللون على طفولته وحياته المبكرة بحثا عن بؤرة ترديه في وهدة خيانة الوطن .. فهو من مواليد الهند قبيل الحرب العالمية الاولى عام 1912م أمه بريطانية وأبوه المستعرب " سانت جون فيلبي " رجل غريب الأطوار بنى لنفسه اسما في الشرق الأوسط حيث اشتغل لحساب المخابرات البريطانية وكانت مهمته تحريك الثورة العربية ضد تركيا بعد الحرب , اقنع العرب بأن بريطانيا خانتهم.

انتقل الى المملكة العربية السعودية واعتنق الاسلام وتزوج امرأة عربية زوجة ثانية وكان دائما يحذر ابنه من تصديق كلام الحكومة البريطانية .

كان فيلبي وابنه متقاربان , لكن الأب لم يكن يتدخل في ميول ابنه السياسية نحو الشيوعية والواقع أن هذا الاتجاه لم يبدأ الا حينما التحق الابن بجامعة كامبريدج عام 1929م بعدما أصبح صديقا حميما لكل من جاي بيرجيس ودونالد ماكلين وكانا من غلاة الماركسيين ونجحا في اشباعه بالأفكار الشيوعية .

وخلال الاجازات كان يتجول في أوروبا حيث كانت مسارح الرعب النازي مما ثبت اعتناقه للشيوعية وقوى حماسة الماركسية. وخلال صيف عام 1934م كان في فيينا حينما قرر أن يصبح جنديا في الصراع ضد الفاشية .

انغمس في دوامة الاضطراب السياسي . كان اليمين الحكومي مشتبكا في صراع حياة أو موت مع الخصوم اليساريين، وسجل فيلبي اسمه متطوعا في قائمة الثوار الاشتراكيين الذين يساندهم الشيوعيون النمساويين وبدأ بالعمل مراسلا بين عدد من المخافر الأمامية المضادة للحكومة والتقى في هذه الفترة بفتاة شيوعية نمساوية أحبها وهي " أليس فريدمان " المعروفة باسم " ليتز فريدمان ". كانت غارقة لأذنيها في الصراع الذي يهز المدينة والذي بلغ القمة حينما قصفت قوات الحكومة مساكن العمال وقتلت مئات وشاهد فيلبي المذبحة فتحول من يومها الى متطرف راديكالي.

تصادف أن للمخابرات السوفيتية رجلان يعملان في المدينة وهما الميجور " تيودور مالي" وهو قسيس سابق تحول الى الشيوعية و" جابور بيتر" وهو أيضا شيوعي وقد توسم كلاهما في فيلبي سمات نادرة تؤهله للجاسوسية والتفاني الأعمى في خدمة الشيوعية، فجندوه لخدمة ما سميت بقضية الثورة العالمية، وكان عليه أن يخفي ولاءه للشيوعية ويحاول أن يتسلل الى وظيفة حكومية في بريطانيا وياحبذا في خدمة المخابرات .

بادر فيلبي بعمل كل ما من شأنه محو ماضيه الشيوعي كمدخل أساسي للالتحاق بخدمة الحكومة البريطانية وانظم الى عضوية الجمعية (الأنجلو ألمانية) وهي جمعية يمينية يدور نشاطها حول تنمية فكرة عقد حلف مع ألمانيا النازية، وزيادة في التمويه بأنه تنصل من الشيوعية، طلق "أليس فريدمان ".

وسنحت فرصة اختراقه للعمل الرسمي عام 1936م ، حينما حصل على وظيفة مراسل لجريدة " لندن تايمز" في الحرب الأهلية الأسبانية الى جانب "فرانكو "، وتعمد أن تكون تقاريره الصحفية متحيزة للجنرال فرانكو، فذاعت شهرته على أنه يميني متطرف على الرغم من أنه كان يزود المخابرات السوفيتية بما يلتقطه من معلومات من حاشية فرانكو، وكادت حياته الجاسوسية تنتهي في مهدها حينما اشتبه فيه جنود وطنيون وحجزوه للاستجواب وكان معه أوراق تدينه ولما طلبوا منه تقديم حافظة أوراقه تظاهر بأنها سقطت منه عفوا تحت الطاولة وانحنى الجنود لالتقاطها فانتهز الفرصة واسترد الأوراق.

في عام 1941م كان لا يزال مراسلا لجريدة التايمز ،وحانت الفرصة التي طالما انتظرها ذلك أن زميله في الدراسة ورفيقه في الشيوعية "جاي بيرجيس" كان يعمل في وكالة المخابرات البريطانية فضمه اليها وظلت الوكالة تتحرى عن ميوله وأنشطته بين الحين والآخر، وسئل أبوه عما اذا كان فيلبي شيوعيا حقا فنفى ذلك بشدة قائلا:

" كانت مجرد حماقات سياسية مما يقع فيها المراهقون ".

وانتهت بذلك التحريات وانزاحت عن طريق مستقبله خلفيته المشبوهة .

في عام 1941م ألغيت ادارة المخابرات البريطانية واستبدلت بوكالة أخرى أعادت تنظيم جهازها واكتشفت أن فيلبي يعاني من فأفأة في النطق فجنبته العمل الميداني وعينته في الأعمال المكتبية بشعبة الاستخبارات المضادة في الدول الأجنبية وكان ذلك هو الموقع الذي لم يحلم بأحسن منه لا هو ولا المخابرات السوفيتية لأنه سيطلع في هذا الموقع على آفاق بعيدة من المعلومات والتقارير التي لا تتوافر لأي عميل ميداني.

كان فيلبي معروفا بين رجال المخابرات البريطانية،، محبوبا بينهم، ومن ناحية أخرى كان ملفه عامرا بما يكفي من الوثائق التي توفر فيه ثقة رؤساءه واشتهر في الوقت نفسه بسهولة تآلفه مع الأقل مرتبة ولأنه ولد في الهند مثله مثل الشاعر " روديارد كيبـــلبخ" .. ولأنه كان رجل مخابرات موهوب تنبؤا له برئاسة الجهاز في المستقبل وأطلقوا عليه اسم "كيم".

في أواخر عام 1944م واتت فيلبي صفقة حظ مدهشة اذ أسندوا اليه رئاسة الشعبة التاسعة بالمخابرات البريطانية وهي الشعبة المنوط بها التصدي لعمليات الهدم والجاسوسية السوفيتية التي كانت مجمدة حينما كانت روسيا حليفة بريطانيا . فلما قاربت الحرب على الانتهاء واتضح أن الاتحاد السوفيتي سوف يكون عدو الغرب التالي فكرت المخابرات البريطانية في بعث الشعبة تحت ادارة فيلبي وزودته بمائة عميل . .

كسبت المخابرات السوفيتية موقعا فوق المتصور . قد لا يعرف سوى أرشيف مخابرات موسكو مقدار ونوع الخيانات التي اقترفها فيلبي بالتفصيل والموضوعات التي نقلها اليها , لكن بات من المؤكد أنه أسدى للسوفيت خدمتين حيويتين أثناء الحرب :

-- الخدمة الاولى: هي الاحباط التام لكل جهود أعداء النازية الألمان السريين للحصول على دعم بريطاني للاطاحة بهتلر . وكان هؤلاء بمثابة أفظع كابوس لموسكو. فلو أن حكومة ألمانية جديدة قامت على أشلاء النازي فانها ستسعى بكل تأكيد الى عقد اتفاقية سلام منفصلة مع الغرب وهو ما يمثل كارثة حقيقية للاتحاد السوفيتي خصوصا اذا احتفظ الالمان بكل جيوشهم وساقوها نحو الشرق لكي يجهض فيلبي هذه الخطة ونتائجها فعل كل ما من شأنه تشويه تقارير معارضي هتلر وتجريدها من فاعليتها وجدواها ووصمها بأنها لا تستحق النظر .

-- أما الخدمة الثانية التي قدمها فيلبي للمخابرات السوفيتية: فهي تزويدهم بأسماء عملاء المخابرات البريطانية العاملين في أوروبا الشرقية. فلما استولت موسكو على المنطقة فيما بعد أحاطت بهم وفي الوقت نفسه. خان فيلبي شبكة الجاسوسية المضادة للسوفيت التي نسجها بنفسه كرئيس للشعبة التاسعة وكانت المخابرات السوفيتية تحصل منه على التحذيرات والمعلومات وتعيد اليه معلومات مضللة خدعت المخابرات البريطانية لسنوات .

في عام 1945م واجه فيلبي أزمة هددت بوضع نهاية لوظيفته على الأقل ,ذلك أن رجلين من مخابرات السوفيت لجأا الى الغرب :

أحدهما "ايجور جوزينكو " وهو كاتب شفرة في السفارة السوفيتية بكندا هرب بكمية برقيات سوفيتية سرية جدا وما يحتويه رأسه من معلومات خطيرة.

والرجل الثاني هو "كونستانتين فولكوف " ضابط مخابرات روسي كبير في استانبول لم يكن قد هرب بعد لكنه تقدم للسفارة البريطانية بطلب حق اللجوء السياسي و قرر فيه أنه يعلم علم اليقين أن المخابرات السوفيتية اخترقت المخابرات البريطانية . لم يعرف فولكوف شخصية العميل السوفيتي لكنه أشار الى عدة علامات تكشف عن شخصية العميل فيلبي .

استشار فيلبي موجهه "يوري مردين " وكيل المخابرات الروسية الأسطوري الذي يشرف في لندن على شبكة العملاء الخمسة العاملين في بريطانيا وهم " فيلبي" و"ماكلين " و"بورجيس" و"أنتوني بلانت " و" جون كيرنكروس.

وجد مودن أن فيلبي لا يستطيع التعامل مع الجواسيس الروسيين المرتدين وأن على المخابرات السوفيتية أن تختار أشدهما خطرا وتتخلص منه، واستقر الرأي على فولكوف وكان فيلبي –بحكم رئاسته للشعبة التاسعة – أن يستخلص المعلومات من فولكوف بنفسه عن أشخاص قال انهم اخترقوا المخابرات البريطانية لصالح روسيا.

سافر فيلبي الى استانبول في الوقت نفسه الذي قررت المخابرات الروسية التخلص من التهديد المتمثل في ارتداد فولكوف. ولم يكشف النقاب حتى الآن عما جرى لفولكوف غير أن شهود عيان رأوا جسما ملفوفا بأربطة الضمادات من الرأس الى القدم يزج على متن طائرة سوفيتية في مطار استانبول في نفس يوم اختفاء فولكوف فجأة .

اتضح أن جوزينكو لم يكن على دراية بعمليات المخابرات السوفيتية داخل بريطانيا وهذا ما كان متوقعا ومن ثم عاد فيلبي الى لندن مطمئنا في نهاية الحرب ارتفع نجمه بثبات متألقا في سماء المخابرات البريطانية التي غابت عنها خيانته تماما بما في ذلك الارشاد عن الفدائيين من رجال المخابرات البريطانية العاملين ضد الشيوعية في دول البلطيق وعمليات أخرى مشابهة في أوروبا الشرقية.

دار حديث في وكالة المخابرات البريطانية عن قرب ترقية فيلبي خلفا لمدير المخابرات "ستيوارت منزيس" وتأكدت الترقية بنقله عام 1949م رئيسا لمحطة المخابرات البريطانية في واشنطن , تحت ستار وظيفة سكرتير أول سفارة بريطانيا في أمريكا وكان من بين أهم واجباته المنوط بها أن يعمل كحلقة اتصال بين المخابرات البريطانية والمخابرات الأمريكية واعتبرت المخابرات السوفيتية هذا النقل ضربة حظ لم تكن في الحسبان لأن فيلبي يستطيع بمنصبه الجديد تزويد موسكو بأسرار المخابرات الأمريكية والبريطانية معا.

انتقل فيلبي للاقامة في واشنطن وسرعان ما عرف سر أمريكا الأكبر، شفرة اسمها "ف ي ن و ن ا" تستخدم في حل الشفرات موجهة مباشرة من لندن ونيويورك وواشنطن ضد شبكة المواصلات اللاسلكية للمخابرات السوفيتية خلال الحرب . شعرت واشنطن أن تغييرا طرأ على كثافة الاتصالات وساورهما الشك في أن ذلك راجع الى أن موسكو تحث عملاءها على تزويدها بالمعلومات في وقت تعاضم فيه الخطر على النظام الشيوعي وكان شكهما صحيحا .

بدأت العملية باكتشاف كتاب شفرة سوفيتي محترقا جزئيا في فنلندا كشف عن مفاتيح شفرية حيوية كثيرة لحل رسائل السوفيت الشفرية ويبدو أن عدد عملاء روسيا في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا كان يقدر بالمئات وهؤلاء لا يمكن التعرف عليهم الا بأسمائهم الحركية ومع ذلك استطاع قراء الشفرة بمفاتيح أخرى مستمدة من رسائل مختلفة وركزوا اهتمامهم على الشخصيات البارزة خاصة عميل سرب معلومات عن مشروع القنبلة الذرية اتضح فيما بعد أنه كلاوس فوتشس , بل .

دوى ناقوس الخطر في صدر فيلبي حينما أشاروا الى عميل بريطاني يشغل منصبا مرموقا اسمه الحركي هومر يسرب المعلومات على جانب كبير من السرية من وزارة الخارجية البريطانية . وجاء في رسالة شفرية أن هومر سافر من واشنطن الى نيويورك ذات مرة ليزور زوجته الحامل المريضة وأشارت الرسالة مباشرة الى دبلوماسي بريطاني في واشنطن هو دونالد ماكلين
.
باعتباره مسئول الاتصال البريطاني في واشنطن، كان فيلبي عضوا في فريق المخابرات الذي راقب تطور نقد عملية "ف ي ن و ن ا " ومدى تقدم محاولة تحديد شخصيات عملاء السوفيت ومن ثم بادر الى تحذير المخابرات الروسية عام 1951م بأن قراء الشفرة قد دمغوا ماكلين . بهذا التحذير خشى مودن اذا قبض على ماكلين أن تنهار أعصابه ويسيء الى الشبكة السوفيتية باعترافاته، فقرر تهريبه الى موسكو على أن تتم العملية بحذر ومهارة لأن فشلها يعني أيضا نهاية لفوائد فيلبي.

أسند مودن مهمة اخراج ماكلين من بريطانيا الى واحد من أهم عملاءه وهو "جاي بورجيس " الذي كان صديقا حميما لماكلين وكان في الوقت نفسه صديقا حميما لفيلبي يعيش في بيته منذ انتقل للعمل في أمريكا . كانت هذه علاقة مشئومة ازدادت سوءا حينما قرر بورجيس فجأة ولأسباب غامضة مرافقة ماكلين في رحلته الجوية نحو الشرق مما ركز الشك في فيلبي واعتباره الرجل الثالث الذي حذر ماكلين من اعتقال وشيك .

كان الموقف برمته كارثة أصابت المخابرات السوفيتية في توقيت مذهل اذ شغل فيلبي منصبا استخباريا حساسا جعله على قيد شعرة من تولي رئاسة المخابرات البريطانية وفجأة يتحطم كل شيء بعمل طائش من جانب بورجيس.

بعد شهور قلائل أرسل مدير المخابرات الأمريكية " بيدويل سميث " رسالة جافة مقتضبة الى " ستيوارت منزيس" مدير المخابرات البريطانية نصها:

"استعيدوا فيلبي والا نقطع العلاقات الاستخبارية " .

وهكذا انتهت خدمة فيلبي الحقيقية للمخابرات السوفيتية .

احتفضت به المخابرات البريطانية لكن في سحابة من الشك فلم يعد في موقف يتيح له بتزويد موسكو بالمعلومات التي تتوقعها منه . علاوة على ذلك صار عرضة لهجوم المخابرات البريطانية والأمريكية المضادة التي شكت في أنه كان الجاسوس الأعلى المشار اليه في عملية " ف ي ن و ن ا " بالاسم الشفري ستانلي، وزاد الأمر سوءا أن عدد من المرتدين السوفيت في لندن وواشنطن قدموا أكوام المعلومات عن ضلوعه في الخيانة وأصبح واضحا في عام 1961م أن الخناق قد ضاق عليه ، ذلك أن عميلا آخر داخل المخابرات البريطانية اسمه " جورج بليك" تم القبض عليه وأدلى باعتراف كامل ذكر فيه بعض الشواهد تشير الى تورط فيلبي .

تحرك مودن لانقاذ فيلبي فلجأ الى بند قديم في قانون المخابرات البريطانية – دله عليه شخص ما زال مجهولا – يمنح فيلبي الحصانة مقابل اعتراف كامل .

أسرع مودن الى بيروت حيث كان فيلبي يعمل جاسوسا للمخابرات البريطانية تحت ستار وظيفة مراسل صحفي.

وكانت خطة مودن تتلخص في أن يتقدم فيلبي للمخابرات البريطانية بطلب استجوابه لمعرفة نوع ومقدار ما تأخذه عليه ثم يهرب الى موسكو بمجرد أن يكشف مستجوبوه كل أوراقهم وأدلى فيلبي –بالفعل- باعتراف محدود لا يتجاوز ما استشعر أن المخابرات البريطانية تعرفه .

وفي 23يناير 1963م تسلل من حفل عساء واختفى ثم أعلنت موسكو أنها منحته حق اللجوء السياسي .

رحب الروس بفيلبي ترحيبا بالغا ومنحوه مسكنا فخما وتزوج فتاة صغيرة روسية لا تتجاوز سن بناته بعد طلاق زوجته الثالثة، وأجزلوا له العطاء وصرفوا له مرتبا شهريا سخيا، و دون أن يكلفوه بأي عملية استخبارية لأنهم لم يضعوه موضع ثقة كاملة فليس هناك ما يضمن لهم ألا يتحول الى خدمة الطرف الآخر وألا يقوم بدور الجاسوس ذي الوجهين فيعمل لصالح الغرب ما فعله لصالح موسكو.

وبناء عليه صار فيلبي رجلا انجليزيا منفيا بائسا يتجول في طرقات موسكو حاملا نسخة من جريدة "لندن تايمز " وهي ميزة سمحت له بها المخابرات البريطانية مع ممارسة لعبة الكريكيت .

كان سكيرا ذكيا سريع البديهة حاضر النكتة كثيرا ما كان يرحب بزيارات الصحفيين البريطانيين ويسعده احترام كل الرسميين السوفيت له , ظل محافظا على مراسلة بعض أصدقائه الانجليز القدامى خصوصا " جراهام جرين " الروائي المعروف الذي كان زميله في المخابرات البريطانية والذي استنكر خيانة فيلبي حينما جعله بطلا لروايته " العنصر الانساني".

لم تتغير علاقة المخابرات الروسية بـــ فيلبي حتى عام 1980م حينما دعاه رئيسها "يوري أندروبوف " للخدمة مستشارا لعمليات روسيا في بريطانيا، ولم يعرف أحد نوع المشورة التي قدمها فيلبي لكن فرصة عودته الى ميدان الاستخبار أسعدته كثيرا ولكنه أصبح معتلا ولم يظهر في أي مكان بدون قفاز أبيض يقي كفيه من حساسية جلدية خبيثة , كما أصيب بعدد من العلل التي استنزفت قواه ثم توفي عام 1988م .

لم يدخر السوفيت جهدا في تكريم أعظم عميل لهم على مدى تاريخهم.

حضر جنازته كل سياسي مهم وكل رجال الجاسوسية الروس. وشيعوا جثمانه في موكب عسكري وأنعم على جثمانه برتبه جنرال. ودفن حسب وصيته في مقبرة روسية، وثبتت على صدره الأوسمة والنياشين قبل دفنه، ومن بينها وسام لينين أرفع الأوسمة السوفيتية.

تمت .







التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


Some men, see things as they are, and say
"WHY"???

I dream things, that never were,, and say
"WHY NOT"!!!!







موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:19 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية