الأسهم ..
احدثت ضجة كالجراج .. فاقت كل التصورات ..
صغير .. كبير .. رجل .. امرأة .. وحتى كل من ألتهمت مفاصله سنوات عجاف
باتوا يصطفون كأرصفة مسافرة عند أبواب البنوك ...
الأيدي .. كل الأيدي .. تحمل أوراقها .. اوراق شراء صفقة عمرها من الأسهم ..
بدت اعينهم ذابلة كأغصان هجرتها المياه .. أعين تشكو بأرمشتها زمن غابر
عبارات كتبت على الجفون .. : (( أما آن لعطش الفقر ان يرتوي ......... !! ))
الاصطفاف يحشد انفاسه .. لم يدع مساحة الا وسد طريقها ..
الأعين لا تنفك تقفز من على كل الصفوف لتعانق موظف شباك البنك ..
((يا الهي !! متى ستعانق اوراقي يد ذلك الموظف العابس .. ))
منظر الزحام مخيف كالظلام .. أخذت الزحمة تلفح الأنفس بلهيب الاختناق .. واخذت
برودة ( المكيفات) بالذوبان والتبخر .. بات الجو كصيف مشمس تلتهمه الانفاس ..
اخذت الاوراق تتمرجح لعلها تلطف جوا خانقا .. حبات من العرق هناك تتساقط من الجباه ..
وحدها الأقدام ظلت تقف والصمت يلتف كالثعبان حول سيقانها .. كانت كما يبدو انها
مجبرة على الصمت والوقوف معا ولو لألف ساعة اخرى ..
اذن المؤذن للصلاة .. اطفق صوت التكبير يعلو ويعلو .. والأقدام لا تراوح مكانها
اخذ موظف الشباك حين سمع الأذان نفسا عميقا ممزوجا ببهجة الانفراج ليملأ به روحه
الهالكه ..
صوت المؤذن يعلو ويعلو .. والأقدام تقف دون ان يصيبها النعاس ..
يا الهي !!
تلك الأقدام الوقفة كانت بالأمس تتأفف ضجرا وتحتج تبجحا
من امام مسجد الحي
حينما أطال ركعات صلاته بسورتي الفجر والانسان ... !!!