يعد الشهيد محمود عبد الفتاح جودة أحد القادة الميدانيين المشهود لهم في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين، وأحد العقول الهندسية الناشطة في المجال العسكري، حيث كان بمثابة الساعد الأيمن للشهيد مقلد حميد، القائد العام لسرايا القدس الذي اغتالته إسرائيل بتاريخ 25/12/2003 في حي عباد الرحمن في منطقة الصفطاوي شمال مدينة غزة ليتولى الشهيد جودة القيادة مكانه.
كما يعتبر الشهيد جودة المسؤول الأول عن العديد من العمليات العسكرية ضد قوات الصهاينة في قطاع غزة، الأمر الذي جعله من المطلوبين للعدو الصهيوني منذ وقت بعيد.
ميلاده ونشأته
ولد الشهيد محمود عبد الفتاح سعيد جودة "أبو المحتسب" " في مخيم جباليا بقطاع غزة في الحادي والعشرين من ابريل عام 1980، وتربى في أكناف أسرة كريمة هجرت عام 1948م كباقي الأسر الفلسطينية من بلدتها الأصلية اشدود، وتتكون أسرة الشهيد من والديه وأربعة من الأبناء، وستة من البنات، وقدر الله أن يكون الشهيد هو أكبر أخوته.
درس الشهيد، "محمود جودة"، المرحلتين الابتدائية والإعدادية في مدارس مخيم جباليا للاجئين، ودرس الصفين الأول والثاني الثانوي في مدرسة أسامة بن زيد في منطقة عباد الرحمن "الصفطاوي" وأنهى دراسة الثانوية العامة في مدرسة أحمد الشقيري الثانوية. واصل تعليمه الجامعي، فالتحق بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية، لكنه لم يكمل تعليمه بسبب ملاحقة قوات الاحتلال الصهيوني، وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية له.
وتزوج الشهيد جودة برفيقة حياته قبل نحو ثلاثة أعوام، حيث انجبت له طفلتين، وهما: "بتول" وتبلغ من العمر عامين، و"نور" وتبلغ من العمر شهرين وقت اغتياله.
ولانشغال الشهيد بالعمل العسكري ولدواعي الحيطة والحذر، لم يكن يتردد كثيراً على منزله، لدرجة أنه لم يتمكن من رؤية طفلته المولودة إلا بعد ثلاثة أيام من ولادتها.
مشواره الجهادي
وعن حياته الجهادية وعمله العسكري تحدث أبو المهند، وهو أحد المقربين للشهيد، حيث قال: "تربى الشهيد في مسجد الشهيد عز الدين القسام في بيت لاهيا، على يد الشهداء: أنور عزيز، علاء الكحلوت، أيمن الرزاينة، أنور الشبراوي، حسين ابو النصر)، فكان لهم كبير الأثر في تشربه للأفكار الجهادية وحبّه للجهاد والشهادة، والتزامه بالحركة الاسلامية المجاهدة".
ويضيف "عمل الشهيد وقت كان طالباً في المدرسة والجامعة في صفوف الجماعة الإسلامية - الإطار الطلابي لحركة الجهاد الإسلامي".
ويوضح أبو المهند بأن الشهيد كان قد اعتقل في العام 1997 لدى جهاز المخابرات العامة الفلسطيني على خلفية عملية الشهيد "أنور الشبراوي"، حيث كان شهيدنا "محمود" من الأصدقاء المقربين للشهيد "أنور الشبراوي".
ويردف "في شهر ابريل عام 1998م اعتقل محمود لدى أجهزة المباحث الفلسطينية، لمدة ثلاثة شهور لنشاطه السياسي البارز في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين آنذاك "مشيراً إلى أنه أعيد اعتقال الشهيد في شهر أكتوبر من العام 1998م لمدة شهرين على خلفية مشاركته في إحياء الذكرى السنوية لاغتيال الأمين العام المؤسس لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الدكتور "فتحي الشقاقي".
"وفي بداية انتفاضة الأقصى واصلت أجهزة أمن السلطة الفلسطينية مطاردة الشهيد القائد فاعتقل لدى جهاز الأمن الوقائي على خلفية مشاركته في العمل العسكري مع إخوانه المجاهدين في "سرايا القدس".
ويؤكد أبو المهند أنه خلال سنوات انتفاضة الأقصى تم اعتقال الشهيد لعدة مرات ولفترات متفاوتة، كان أطولها لمدة شهرين، على خلفية أحداث مخيم جباليا بين المجاهدين الفلسطينيين وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية، والتي استشهد خلالها سبعة من أبناء شعبنا، تلك الأحداث التي اندلعت بسبب قيام أجهزة أمن السلطة باعتقال عدد من المجاهدين.
ويقول "إن الشهيد من أبرز الذين ساهموا في ترتب صفوف حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين في منطقته بعد أن تعرض غالبية أعضاء الحركة للاعتقال والملاحقة من قبل أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في الأعوام (1998، 1997، 1996)".