بسم الله الرحمن الرحيم
حائل - أحمد القطب:
( 45عاماً) من الزواج في عش دافئ.. يمضي (أبو سعد) زهرة عمره مع شريكة حياته وأم أبنائه.. لكن زمن العسل انتهى بالطلاق..
ليست هذه هي القضية.. فأبغض الحلال موجود.. وربما نال ممن كان لهم من العشق حكايات وحكايات.. مثل حكايات قيس وليلى وأراغون واليزا و..و.. انما القضية مع ضيفنا - أن عقد الزواج وان انبتّ بالطلاق.. إلا انه لم ينفصم بالابتعاد فقد ظل هذان الزوجان يعيشان رغم الطلاق في نفس ذلك الجو الأسري وسط أبنائهم.. وان تغيرت ملامح ذلك الجو.
ظلا منذ ثماني سنوات يعيشان معاً في سابقة فريدة.. تعكس تلك الرابطة.. التي لم يفلح حتى الطلاق في تقطيع عراها. انها واحدة من قصص الوفاء الزوجي التي تستحق أن تُروى ..هذه حكاية أبي سعد:
كيف بدأت القصة
يروي (أبو سعد) ل (الرياض) انه أحب فتاة حباً شديداً قبل حوالي 45سنة، يوم كان عمره 28عاماً، ما دفعه لطلب يدها من أهلها للزواج، ولكن غلاء المهر وقف حاجزاً دون اتمام هذه الزيجة حيث بلغ 800ريال فيما كانت الزيجة آنذاك لا تتعدى تكاليفها عتبة 150ريالاً مما اجبره على بيع كل ما يملك للفوز بهذه الفتاة، حتى وصل الأمر إلى انه باع بندقيته الثمينة لاستكمال بقية المهر المطلوب.
وتابع قائلاً: وبالفعل تم ذلك الزواج السعيد بعد معاناة طويلة واستمر قرابة 37سنة انجبت خلالها زوجتي 12ولداً وبنتاً توفي منهم 5وزوجت البنات عندما بلغن سن الزواج بمهر لم يتعدى "ريال وشيمة رجال" حتى اخفف على ازواجهن ما عانيته أنا، ولم يبق لدي في المنزل سوى ولديّ سعد وسعود اللذين لم يبلغا اشدهما عندما زوجت البنات.
واضاف: انه في يوم من الأيام وقبل حوالي ثماني سنوات نشبت مشادة كلامية بيني وبين زوجتي أم سعد أدت إلى وقوع الطلاق بأن طلقتها بالثلاث وامرتها بتغطية وجهها وتوجهت على الفور لاحضار صك الطلاق كل ذلك حدث بسبب كلمة حضر في وقتها الشيطان.
سألناه: ما هي هذه الكلمة التي تسببت في الانفصال بعد هذه العشرة الطويلة؟
- اجاب: لقد دعت عليّ بالموت وبالحداد عليّ بسبب خلاف بسيط مما أثار أعصابي، فهي لم يسبق لها أن اسمعتني مثل هذه الكلام طيلة سنين زواجنا السعيد، عندها عزفت نفسي عن اكمال هذا المشوار وكما اسلفت لقد حضر الشيطان وكان ما كان.
فصل جديد
ثم سألناه عن المرحلة التي اعقبت احضار صك الطلاق؟
- قال: بصراحة لم تهن العشرة الطويلة عليّ ولا عليها فالطلاق قد وقع بالفعل ولكني لم اكن استطيع فراقها بعد عشرة العمر الطويلة المليئة بالمحبة والمودة والوفاء فطلبت منها بالحاح الا تغادر المنزل وتبقى مع اولادها فاتفقنا على ذلك وذهبت إلى أهلها واستأذنتهم في ذلك حتى وافقوا على بقائها بين اولادها.
ماذا بعد ذلك؟ كيف أصبحت حياتكم اليومية؟
- لقد أصبح البيت بيتين والعائلة عائلتين، حيث قمت ببناء غرفة لي بجوار المجلس الخارجي "الديوانية" وسكنتها بمفردي بينما بقيت هي في غرفة النوم التي تركتها لها وقمت بادخال خط تلفون لهم وآخر لي لغرفتي لمنع الاختلاط، كما أحضرت عاملة منزلية "خادمة" تخدمني وتخدمها، كما قلت: حياتنا أصبحت نصفين نصف لي ونصف لها.
جميع هذه الحلول مؤقتة! فكيف وجدتم حلاً دائماً؟
- كان الحل الوحيد هو تزويج ابننا سعد رغم صغر سنه حتى نتمكن من تكوين أسرة جديدة وايجاد حلقة وصل بيني وبين أم سعد حتى حدث ذلك بالفعل.
هل تسير حياتكم بشكل طبيعي الآن؟
- تقريباً، لكننا بالطبع لا نتقابل أبداً منذ ثماني سنوات إلا وقت المناسبات الرسمية على الرغم من أننا نعيش في بيت واحد وأكثر الاوقات التي نتقابل فيها عندما تأتي بناتنا المتزوجات لزيارتنا في أوقات الاجازات عندها فقط نتقابل ولكن بشكل رسمي، وأنا وهي حريصان على عدم الاختلاط أو الخلوة بدون محرم حيث ان التلفون الخاص بها لا ارد عليه مطلقاً كي لا اضطر إلى دخول المنزل.
من يقوم على رعايتك اذن؟
- أولاً أنا شباب ولا احتاج لرعاية ولله الحمد، أما الأمور المنزلية تقوم بها بطبيعة الحال زوجة ابني سعد والعاملة المنزلية التي تخدمنا معاً فيما اتكفل أنا برعاية الجميع كوالد لهم ورب لهذه الأسرة.
ألم تشاهد وجه أم سعد طيلة هذه السنوات الثمانية؟
- أبداً إلا مرة واحدة عندما وافق سعد على الزواج بعد الحاحنا اقبلت أمه مسرعة لتبشرني بنبأ موافقته فنيست من الغرفة ان تغطي وجهها عني، وعندما شاهدته صددت بوجهي عنها بينما غطت هي وجهها بيديها فوراً.
@ ألم تشعر بالحنين إلى السنين الخوالي لحظتها؟
- ضحك.. ولم يعلق..
سألناه ألمء تندم على قرار الطلاق؟
- لا فهو قرار لا رجعة فيه.
ألم تفكر بالزواج مجدداً؟
- بلى، واردف متسائلاً وهل لديكم عروس؟ لقد زوجت ابني ونسيت نفسي ولازلت ارى بأن العائلة ينقصها شيء مهم!!
ما هو؟!
- زوجة جديدة لي.
الا يكفيك خدمة زوجة ابنك لك؟
- لا لا يكفي الموضوع ليس موضوع خدمة فقط!!
ماذا إذن؟
- ......
ألا ترى بأنك متقدم في السن بعض الشيء؟
- لم يجب!!
أردنا استدراجه للاجابة بالقول انت مُصر على الزواج بأخرى اذن؟
- قال نعم ويا ليت، وأعد من توافق على الزواج مني أن تجد أماً حنوناً في هذا البيت ورجلاً يكرمها وأشياء اخرى احتفظ بها كمفاجأة للعروس.
وما هي؟
- لا ارغب في الافصاح عنها غير قابلة للنشر "سرية" لكنها سارة.
هذا اعلان تجاري يا أبا سعد لا أعلم ان كانت الجريدة ستمرره لك أم لا؟.. ضحك بشدة فسألناه:
ما هي شروطك في الزوجة الجديدة؟
- أن تكون بمواصفات أم سعد السابقة بأدبها وخدمتها وعطفها والأهم تربيتها الصالحة.. ولا أمانع ان كانت مدرسة أو حتى مديرة مدرسة.
وهل ستأخذ رأي أم سعد في الموضوع؟
- أنا دائماً آخذ رأيها في جميع الأمور صغيرها وكبيرها وهي ستفرح بالفعل ان تزوجت.
اذن ماذا إذا خُطبت أم سعد منك أو من أهلها ماذا ستفعل؟
- ضحك وقال لن تخطب فالسكر والضغط والمرارة لم يجعلوا فيها جهداً للزواج من جديد، لكنني اؤكد انني أحبها أكثر من حبي لأولادها ولن اسمح بذلك.
هل هذه غيرة يا أبا سعد؟
- على الاطلاق لا فهذه الصراحة.
ما أجمل ما رأيت منها خلال هذه السنوات الطويلة؟
- كانت ولاتزال إنسانة تحافظ على الطاعات ليلاً ونهاراً، حسنة الخلق طيبة القلب تكثر من فعل الخير تحب الناس ويحبونها منذ الصغر وهذه أهم مواصفات الزوجة في وقتنا السابق، بعكس شروط شباب هذا الزمن الذي لا يفضل الا الجميلة شكلاً دون النظر لباقي الأمور المهمة في تكوين الأسرة.
وعندما توجهنا بالسؤال لابنه سعد حول رغبة والده الجامحة في الزواج بشكل عاجل قال: انني مسرور لهذه الرغبة التي تعكس مدى ما يتمتع به الوالد من شباب متمنياً ان تمتد هذه العدوى إليه مبدياً استعداده لتقديم كل أشكال الدعم والمساندة لوالده قائلا: نؤيد فكرة زواجه ويبشر بالعونة إذا عزم.
الممدوح