لمن يُنادي بإستحالة المُقاطعة بقلم : إبتهال السامرائي
اليابان لم تصل إلى ما وصلت إليه من تطور على جميع الأصعدة إلا عندما نفذت مقاطعة كاملة لكافة المنتجات الأجنبية بعد ما لحق بها من دمار من جراء القنابل النووية الأمريكية. ورغم كل الصعوبات التي واجهها اليابانيون بسبب هذه المقاطعة - لأن اليابان دولة ليس فيها بترول أو أي ثروات أخرى طبيعية - إلا أن العقول الايجابية هناك استطاعت تحويل هذه المقاطعة إلى استثمار داخلي دفعها إلى أن تصنع من لا شيء أشياء كثيرة، وصناعات وتقنيات متطورة، وصلت إلى أكثر من حد الاكتفاء الذاتي، وأصبحت اليابان دولة محورية لتصدير التقنيات، التي لو قررت أن تقطعها عن العالم - وعن أمريكا بشكل خاص - لانهار اقتصاد العالم وبقي اقتصادها شامخاً.
الآن، ما يتعرض له الشعب الفلسطيني والأراضي الفلسطينية من تدمير وتعذيب وقتل همجي أمام أعين عمياء وآذان صماء، وقلوب ميتة، يحتم علينا أن نساعد بالحد الأدنى من الدعم الذي نستطيعه بملء إرادتنا، ففكرة مقاطعة المنتجات الأمريكية التي تصب مباشرة في تحريك الاقتصاد الإسرائيلي هي ورقة رابحة جداً، يحملها المليار ونصف الميار مسلم حول العالم. فما لا تعلمه إسرائيل والدول التي تقف خلفها، أن أي فرد مسلم يتجول في أسواق الرياض، أو القاهرة أو بيروت أو كوالالمبور أو الرباط أو إسلام أباد يملك القدرة على جعل اقتصادها ينهار إذا أراد ذلك.
من خلال معادلة رياضية استلمتها عبر البريد الإلكتروني، فإن خسارة أمريكا لمائة دولار فقط عن كل مسلم، بسبب مقاطعته للبضائع الأمريكية "البسيطة"، يعني أنها تخسر ما يقارب المائة وخمسين مليار دولار في سنة واحدة.. هل تعتقدون أن أمريكا مستعدة للتضحية لأجل "عيون إسرائيل المسعورة"، عندما يتعلق الموضوع باقتصادها؟؟ فسياسة أمريكا كلها يسيرها الاقتصاد، والاقتصاد هو السلاح الأقوى الذي نستطيع تحريكه ليخدم قضايانا.
إذاً، أقول لمن يعانون من انهزام داخلي، ويرددون من دون وعي باستحالة مقاطعة البضائع الأمريكية، بأن علبة بيبسي واحدة، أو وجبة صغيرة من ماكدونالدز قد تصنع المعجزات.. ولا اعتقد أن هؤلاء لا يتمالكون أنفسهم عندما يقفون أمام ماكدونالدز أو برجر كنج أو لا يستطيعون العيش من دون بيبسي!!
أضف إلى ذلك أنها ستكون دافعاً إلى تفعيل الصناعات الوطنية، التي لا أرى أنها ستتحرك إلا عندما يقل اعتمادنا على المنتجات الأجنبية.. وهذا بالضبط ما استوعبه وقام به اليابانيون.
ثم ألم يفكر هؤلاء بما سيحدث لو قررت أمريكا فجأة أن تفرض حصاراً اقتصادياً على دول جديدة كما حدث في العراق أو السودان أو غيرهما؟؟ هل سيطلبون من الناس أن يلتزموا أماكنهم وينتظروا الموت لأن البضائع الأمريكية منعت عنهم؟؟
اعتقد أنه قد آن الأوان لأن نتخذ خطوات أكثر حسماً بدلاً من أن نحاول إحباط بعضنا البعض، وعلى كل من يحمل أفكاراً انهزامية سلبية أن يحتفظ بها لنفسه، فالأمة الإسلامية قد وصلت حد الإشباع من الاحباطات، وجاء دور العمل الفعلي ولو كان ببساطة "المقاطعة" أو حتى التقليل من شراء البضائع الأمريكية.. فالخطوات الكبيرة
.........................