الهروب إلى النوم عندما تزداد المشاكل وتزدحم الحياة بالهموم
ويصبح النكد والقلق هما الخبز اليومي يفضل البعض الابتعاد عن المواجهة
بأسا أو ضعفا ويجد في النوم أفضل وسيلة للهروب
فهل عندما نتعرض لبعض المشاكل ونفشل في المواجهة يصبح النوم هو ملاذنا الأخير.
وهل حقا نجد في النوم الفرج الوحيد من مشاكلنا؟
وهل الهروب للنوم يعتبر حل العاجزين عن مواجهة الغضب والتوتر؟
تقول د. مجده أحمد أستاذ علم النفس أن النوم هو أية آيات الله له قيمة حيوية في
حياتنا وهو الشيء الذي يساعد الإنسان على قطع فترات اليقظة والغرض
من هذا الاجتياح الفسيولوجي هو: جلب الراحة والاستشفاء من حالة الافتراء
والتآكل التي تصيب الجسم الحي بسبب اليقظة.
ما هو الفهم الصحيح للنوم الصحي؟
إن الإنسان يحتاج يوميا من 6: 8 ساعات وأن قل عن ذلك نجد أن الإنسان لم يأخذ الراحة
الكافية لجسده، بينما لو نام أكثر من ذلك، نجد أن الإنسان في حالة من الكسل والخمول..
بالإضافة إلى أن الإغفاءة القصيرة أثناء النهار تفيد الجسم جدا بينما الإكثار
من النوم ظهرا يؤدى إلى عسر الهضم.
ما سبب اللجوء للنوم؟
يلجأ بعض الناس للنوم كنوع من الهروب عندما تتعرض لمواقف محبطة، ومشاكل
وضغوط يصعب عليهم مواجهتها إلى جانب فقدان الدعم النفسي وهو ما ينتج عن شعور
الفرد بوحدته وقلة أو انعدام المقربين إليه ومن يشعرونه بالدعم الحقيقي والوقوف بجانبه في مشكلاته.
فإن كل واحد منا لديه شعور نفسي به والمشكلات والأزمات والمصائب وأن جميعنا يود لو
أن ابتعد كليا عن مشكلاته وأزماته ولكنه عندما يتعرض شكله ويصعب عليه مواجهتها يهرب بالنوم.
هل يرتبط الهروب بالنوم بسن معين؟
إن ضحايا نوبات النوم الطويل لا تقتصر على فئة عمرية معينة فهناك أزواج يهربون
إلى النوم من زوجاتهم النكديات التي لا تكف عن الشجار ولا تنتهي بمطالبهم القليلة، وهناك
زوجات تهرب من أزواجهن بسبب الزوج الذي يدمن القسوة والكآبة ويشع جوا من البرود،
والإرهاب داخل المنزل، وهناك أبناء يهربون للنوم تجنبا لخناقات الآباء ولأنهم يفتقدون الحب
والحنان والرعاية والاهتمام وتلبيه الحد الأدنى من متطلباتهم المادية بسبب الخجل الشديد لأحد الأبوين،
وهناك أبناء يهربون للنوم بعدا عن حالة التوتر والقلق التي تسوء فترة الامتحانات،
وهناك فتيات تهرب للنوم بسبب الفشل في علاقة عاطفية.. الخ.
لماذا النوم بالأخص؟
لأن النوم يمثل للفرد أحد الاثنين:
1- إما أنه نوع من الراحة.
2- إما بشكل من أشكال الموت المؤقت.
ففي حالة تعرض الفرد لضغوط ومشاكل يصعب عليه موجهتها والتصدي
لها يكون الاتجاه الثاني هو الأصيل له.
وهو تصور الفرد أن النوم بشكل من أشكال الموت المؤقت.
أعراض النوم؟
تمثل أعراض الهروب عندما ينام الفرد وقت طويل ومن هنا نقص حاد في الطاقة
ومستوى ثابت تقريبا من الحزن إلى جانب الرغبة الدائمة في النوم والشعور
بالخمول مع زيادة ملحوظة في الوزن.
في تصوري لا يمكن أن يكون النوم حل لمشاكلنا فالنوم ليس بوابة إلى عالم النسيان ولكن فيه
راحة الجسم وتوقف عن التفكير بشكل مؤقت وإلغاء المشاكل بعض الوقت، فلا يمكن أن يعقل
أن ينام الفرد ولديه مشكلة ويستيقظ ويجدها محلولة!، فالنوم في هذه الحالة ليس أكثر
من إعلان عن حالة الغضب والثورة نتيجة للتعرض لمشكلة وعدم القدرة على مواجهتها.
وبهذا يصبح النوم مرض؟
لا يمكنني أن أنظر إليه أنه عرض مرضي وإنما الخطر إذا صار الأمر صفة دائمة
وهي الهروب الدائم من المواجهة إلى النوم.
هل هناك أشكال أخرى من الهروب؟
بالفعل يوجد أشكال كثيرة للهروب من القلق والتوتر غير النوم فكثرة تناول الطعام في
حالات القلق والتوتر تعتبر هروبا.
كيف إذا نقاوم التوتر والقلق؟
بممارسة الرياضة بانتظام وتناول الأغذية المفيدة مثل الحبوب والموز والمكسرات
والأطعمة الغنية بالمواد الكربوهيدراتية التي تزيد من إنتاج هرمون السيروتونين الذي
يخفف الاكتئاب والحرص على تناول وجبة الإفطار والاهتمام بالغذاء الذي منح الطاقة كالسلطة
والفاكهة والخضراوات، إلى جانب تعلم كيف نحب الحياة والتسامح وهزيمة الغضب
والتوتر وتقليل مساحات التفكير في الأشياء والذكريات المحزنة واستغلال أوقاتنا فيما نحب ويخفف عنا
ويجعلنا قادرين على معايشة الحياة والتكيف مع أحوالها بدلا من الهروب منها والاستسلام لإحساس بالعدمية والحزن القاتل.
وعندما تواجهنا مشكلة؟
المواجهة هي الحل الوحيد، فالهروب والنوم وافتعال الانشغال عن المشكلة بحلها،
فكل فرد في هذا المجتمع لديه مشاكل وأزمات ومصائب وإنما الدنيا كبد،
فالمواجهة هي أولي خطوات النجاح.