* «رهاب الشمس»
·الآلية الثالثة ـ «فوبيا» الضوء photophobia: وهذا نوع ثالث من حساسية الشمس، يكون فيه لدى الشخص خوف ورهاب phobia من الضوء، وخاصة ضوء أشعة الشمس. وفي هذا النوع، يحاول المصاب الخائف جاهدا تجنب التعرض لأشعة الشمس، لأنها تتسبب له بحساسية مؤلمة في العينين.
وهناك أمثلة عديدة على أدوية تتسبب بالمشكلة، مثل عقار «ديجيتوكسن» digitoxin المستخدم في علاج اضطرابات نبض القلب أو ضعف القلب. وعقار «كوينيدين» quinidine لعلاج اضطرابات نبض القلب. وعقاقير «تولازاميد» tolazamide و«تولبيوتاميد» tolbutamide لعلاج السكري.
* تأثيرات مختلفة
* وتشير إصدارات إدارة الغذاء والدواء الأميركية إلى أن الحساسية من الشمس لها تأثيرات آنية وقتية، وتأثيرات أخرى مزمنة بعيدة المدى. والتأثيرات الآنية تشمل إما مظاهر حروق الشمس الجلدية أو حرقة في العين أو تفاعلات حساسية على الجلد كالاحمرار والحكة والتورم والبثور والقشور الجلدية. والتأثيرات البعيدة المدى تشمل إما شيخوخة الجلد المبكرة أو نشوء الماء الأبيض في عدسة العين أو تلف الأوعية الدموية الجلدية أو سرطان الجلد. وبشكل عام، يختلف مقدار التفاعلات، وبالتالي المظاهر الجلدية، بناء على لون بشرة الشخص، ومدة التعرض لأشعة الشمس، ونوعية المادة الموضوعة على الجلد أو الموجودة في داخله، وكمية تلك المادة، ومستوي مناعة الجسم. وكلما كانت البشرة فاتحة البياض، كلما زادت فرص حصول التسمم الشمسي. ومعلوم أن في طبقة خلايا الجلد توجد مادة «ميلانين» المسؤولة عن صبغة لون الجلد. وهذه المادة توجد في هيئة «منتشرة» لدي ذوي البشرة السمراء، وبهيئة «مركزة» في خلايا الجلد لدى ذوي البشرة البيضاء. ويعتقد أن شبكة مادة «ميلانين» تعمل على حماية الجلد وصد تأثير الأشعة فوق بنفسجية. وعليه فإن الأشعة فوق البنفسجية تدخل بشكل أكبر في جلد ذوي البشرة البيضاء، مقارنة بذوي البشرة السمراء. والأشخاص الذين لديهم انخفاض في مستوي مناعة الجسم، عرضة بشكل أكبر للتسمم الشمسي.
وفي الغالب، كلما طالت مدة التعرض لأشعة الشمس، وبالذات في ما بين الساعة العاشرة صباحا والرابعة من بعد الظهر، زادت كمية الأشعة فوق البنفسجية التي تصل إلى الجلد. ولكن، كما تقدم، قد تحصل التفاعلات عند التعرض لمدة وجيزة للشمس.
* تشخيص صعب
·ومن المعلوم أن الطبيعي هو تحمل الجلد تعرضه لأشعة الشمس، طالما كان الجلد في الأصل سليما وطالما كانت المدة معقولة. وظهور الحروق أو التورم والانتفاخ أو الاحمرار أو الطفح أو البثور أو الحكة أو تقشر الطبقة الخارجية من الجلد، بعيد التعرض لأشعة الشمس، وبشكل غير معتاد للشخص نفسه في السابق، هي أمور غير طبيعية، وبالتالي مثيرة للريبة والشك لجهة احتمال وجود حساسية من أشعة الشمس. وهناك منْ تظهر لديهم أعراض غير جلدية كالغثيان أو القيء.
والسؤال، كيف يعرف الشخص أن لديه حساسية أكثر من غيره، أو أكثر مما كان لديه في الماضي، تجاه التعرض لأشعة الشمس؟ ويقول الدكتور روجر سيلّي، بروفسور الأمراض الجلدية بجامعة أيوا الأميركية، إنك لو تعرضت لأشعة الشمس لفترة وجيزة، ثم لاحظت الشعور بشيء من الحرقة أو الوخز في الجلد، فإن عليك أن تكون متشككا في الأمر.
والطبيب قد يتوقع سبب هذه المشكلة بمراجعة ما يذكره المريض حول ظروف وملابسات نشوء التغيرات الجلدية وعلاقتها بالتعرض لأشعة الشمس، وبمراجعة الأدوية التي يتناولها الشخص أو المستحضرات التي يدهنها على جلده. ولا يوجد فحص معين لتأكيد الإصابة بالحساسية الشمسية. ويمكن للطبيب استخدام طريقة ما يعرف بـ«اختبار الحساسية الضوئية» photosensitivity test، سواء بتعريض الجلد للضوء حينما يوضع على الجلد مادة مثيرة لحساسية الضوء، أو ضمن الشريط اللاصق patch test لاختبار حساسية الجلد.
* مسببات كثيرة ولائحة اتهام طويلة
·تذكر إدارة الغذاء والدواء الأميركية أن الأوروبيين كانوا هم السابقين في إجراء الدراسات حول اضطرابات حساسية الضوء، وذلك في وقت متأخر نسبيا، أي حوالي ستينيات القرن الماضي. وفي عام 1967 نشر الباحثون من الدنمارك إصابة امرأة بتغيرات جلدية غير طبيعية جراء تعرضها للشمس بعيد استخدام أحد أنواع الصابون المعطر. وفي نفس العام طرح الباحثون الإنجليز نتائج ملاحظتهم، تسبب الزيت العطري لخشب الصندل، المضاف إلى مستحضرات تجميل الوجه ومستحضرات الوقاية من الشمس، في تغيرات جلدية بعيد التعرض لأشعة الشمس. وبعدهم، أعلن الباحثون الفرنسيون عن نفس المشكلة مع مستحضرات الوقاية من الشمس المعطرة بزيت حمضيات البرغموت الشائعة الاستخدام. وكذا أعلن الباحثون الألمان عن تسبب العديد من أنواع الكولونيا والعطور، وأدوية منع الحمل، في تلك المشكلة.
وفي عام 1972 ربط الباحثون الأميركيون بين مركبات «أنيلين»، الموجودة في بعض الأدوية أو العطور أو ورنيش الدهان أو معجون تلميع الأحذية، وبين تسببها بتفاعلات حساسية جلدية بعيد التعرض لأشعة الشمس. وبعدها توسعت جدا الدائرة، وتبين أنها تضم الكثير من المواد الكيميائية الموجودة في المنازل ومستحضرات التجميل وغيرها. كما بدأ الاهتمام الطبي بمراجعة الأدوية المحتمل تسببها في نفس المشكلة. واليوم، هناك العديد من العوامل التي يمكن اتهامها بالتسبب في نشوء حالة «التسمم الشمسي» لدي المصابين به، والتي تختلف نسبة الإصابات بالتسمم الشمسي جراء استخدامها. وهي ما تشمل:
- أنواع من الأطعمة. مثل الكرفس Celery، وقشور ليمون «البنزهير» lime peel ، والشمر أو «البسباس» fennel، والشبت dill، والبقدونس parsley، والجزر الأبيض parsnips، وأنواع من المُحليات الصناعية. وكذلك أنواع من الأعشاب، مثل «حشيشة الملاك العينية» Dong quai، ونبتة سانت جونز أو «سيدي يحيى St. John’s wort. ـ عطور طبيعية. وخاصة منها المستخلص من الخزامى Lavendar، وزيت ثمار حمضيات البرغموتbergamot oil، وزيت خشب الصندال sandalwood، والمسك musk ، والزيت العطري لأشجار الأرْز cedar. ـ أدوية معالجة «حبّ الشباب» Acne. سواء كانت على هيئة بلسم، كريم، أو حبوب دوائية. ومنها البلسم المحتوي على مادة «بينزاويل بيروكسايد» benzoyl peroxide. أو أقراص دواء «أكيوتان» Accutane أو «سورياتان» Soriatane أو المضاد الحيوي «دوكسيسايكلين» doxycycline. ـ أدوية مضادات الهيستامين Antihistamines. وخاصة منها عقار «دايفينارامين» diphenhydramine الموجود في كثير من أنواع أدوية الحساسية وأدوية معالجة نزلات البرد. ـ المضادات الحيوية. وهناك مجموعات عدة منها. كنوع «تيتراسايكلين» Tetracyclines، مثل «تتراساين» Tetracyn و«سيمايسين» Sumycin. ونوع «دوكسيسايكلين»، مثل «فيبرامياسين» Vibramycin. وكذلك المضادات الحيوية المحتوية على عقار «سلفا» Sulfa، مثل «باكتريم» Bactrim و«سيبترا» Septra، وغيرهما من الأدوية المحتوية على «سلفا» مثل «سالفاسيلازين» المستخدم في علاج التهابات القولون المزمنة. وأيضا مجموعة «كوينالين» Quinolones من المضادات الحيوية، مثل «سيبروفلوكساسين» Cipro وغيره. وبالمثل قد تتسبب بنفس المشكلة أدوية مضادات الفطريات مثل عقار «غريسوفيلفين» Griseofulvin.