العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام العامة ]:::::+ > المنتدى العام
 
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 08-02-2003, 11:46 AM   رقم المشاركة : 1
شووق
( وِد ماسي )
 
الصورة الرمزية شووق
 






شووق غير متصل

أصدق حزن


صرخة ألم....صرخة خوف صداها مازال يطرب اذني....دارت في ارجاء البيت الذي كان يعمه الهدوء الحزين....الكل ينام....الكل يحلم بغد جميل ....تلتها صرخة اخرى.... ثم صرخات....اعترى الخوف الجميع....استفاق كل من كان نائما....الحيرة تأكل اعينهم....تساؤلات كثيره عما يجري....والام تبكي بشده وتصرخ....أين دموعك يا اماه؟؟؟ كانت تبكي بحرقه شديده ولم تكن هناك دموع....لقد كان بكاء الخوف....التف الجميع حول الام....هذا الم كبير....انها مصيبه....أب بين ذراعيها يحتضر....نصفها الثاني سيتخلى عنها ويرحل....تترجاه وسط صرخاتها القوية....تتوسل اليه....تنادي اولاده كي يتوسلوه بدورهم....خائفون وما اشد خوفهم وهم يقتربون منه....كان مستلقيا على الارض....راميا برأسه على صدر امي....كان هناك دم كثير....دم على لباس نومه....على السجاد وعلى يد امي التي كانت تحتضن رأسه وتصرخ....وتصرخ....انها تصرخ....وتستغيث....لاتحب ان ترى دماء....وكذلك انا....والآن بعد ان استوعب الجميع المصيبه التي حلت بهم ....أطلقوا العنان لأشكال وأنواع مختلفه للتعبير عنها....

أنا........أنا.... أنا كنت تائهة وسط صراخ وذهول الجميع....كل لحاله يعبر عن ألمه لقد كان ينزف....أبي كان ينزف....ما تراه يحصل؟؟؟ هل....هل حقا ابي يحتضر؟؟؟انه ابي المستلقي امامي وعلامات التعب والارهاق الظاهره على محياه....لقد عانى الكثير في الاشهر التي مضت....صار يطلب من الله الفرج....ولقد استجاب لك وبسرعه....رباه اني احبه....ساعدني ان اردت....اعجز في امري ولا تعجز سبحانك ربي....أوقف هذا النزيف....انه يؤلم ابي....لا اقوى ان اراه يتقيأ هذا الدم المتكبد....رباه انه رجل عظيم وقوي....احتاجه....اذا اخذته مني خذني معه....

صمت غريب كنت اشعر به .... رغم صراخ امي واخواتي الذي كان قويا وايقظ سابع جارواتى يسأل ما الخطب ....هنا الفاجعه....لا استطيع نطقها...انها...انها النهايه....بل...بل بداية النهاية....نهايه وضعها القدر....نهاية ابي....نهاية رجل عظيم....نهاية الم دام شهورا وسنين....نهاية عينيين كنت اجد فيهما كل امالي....عينيين سيرحل النور عنهما....كم اكرهك ايتها النهايه....لحظات....اتمنى ان تنسيني وتنسيك اكثر ما كرهت....امي....لقد حيرني صوتك الباكي وانا اعاني الحزن فبكيت.... انه يرحل....يرحل عن الحياة........( عد الي ابي ) :
-كن قويا ابي . لا تستسلم لا ترحل , نحتاج اليك( كانت كلماتي المتلعثمه والمخنوقه ببكاء والم شديدين ذا وقع خفيف على الرجل العظيم )

ابتسم وبصوت خافت ظلمه المرض رد على توسلاتي:
-هيهات اعود لدرب هجرت , تابع قائلا بعد ان منحني نظرة بعيده والله انها لنظرة الموت ابقتني في مكاني ساكنه.... لا تبكي يا حبيبتي ارجوك , يكفيني ما لقيت وما عانيت, حان الوقت الذي فيه سأرتاح , العذاب ولالم عرفا طريقي , لي يبرحاني حتى يأخذاني بعيدا حيث الالم ......يسكت قليلا حتى يلتقط انفاسه ويكمل على مسمع الجميع , انه نداء الرب , ولا بد من الاستجابة اليه...!!
قاطعته والالم يشتتني شطرين , نداء الرب ونداء القلب......وماذا عن نداء قلبي يا ابي؟؟؟

فيما سألته هذا , دنوت واطبقت بيدي المرتعشه على يده اليمنى , كانت بارده كالثلج وطبعت قبله خفيفه على خذه الاصفر الباهت الذي شقته دمعة يتيمه , تحرك قليلا من مكانه وقال :
استطيع سماعه لكن ابعديه فأنا قد انتهيت .......
لا ترحل .....
ليس بيدي......
لم ار مثلك ابي.....
لم يا حبيبتي , فيما ترينني عن غيري قد اختلفت؟؟؟
شجاعتك بلا حدود ......
مدحتيني فبالغت, انا انسان يحتضر وللقاء ربي انا مستعد......

حنى رأسه غارسا اياه في حضن امي التي كانت تبكي بصمت متكئه على يدها وتحرك رأسها يمينا وشمالا .......
ذرف الجميع دموعا حارقه عند سماع هذه الكلمات القاسيه , دموع ثم دموع وابي يحتضر .... ابكي , فإنه لم يخلق الدمع عبثا فالله ادرى بلوعة الحزن

لحظات فقط وبدا على ابي قلق شديد نزيف اخر في الطريق.... دم .... دم كثير وصراخ .... برد يشعر به في جميع اطراف جسمه , انه برد الموت , برد قاس سنحسه جميعا, قلب دامٍ , عيون دامعه واسماء موتى , كان يهمس بصوت ضعيف يخنقه شخير الموت..... كان ينادي امه , امه المتوفيه مذ كان صقيرا حتى انه لا يذكرها كثيرا , لكن كان يطلب منها انتظاره لانه لا يعرف احد هناك

هناك .... اين هناك؟؟ نزلت هذه الكلمه كالصاعقه على رأسي , هناك ..... وبعدها غفا.... اناس كثيرون, اقارب وجيران, من قريب وبعيد اتوا, الجميع ينتظرون ..... ينتظرون ان ينتهي كل شيء بسرعه... لان الحياة مستمره لا يدركون ... انه راحل ومعه قلبي ..... قلبي متهشم وعنه تخليت يا ابي , كيف الصبر من بعدك ..... وكيف العيش من دونك... انها اللحظات الاخيره... ما اروع الموت حين يصيب جسدا وروحا يشهدان ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله.... عم صمت مخيف .... يجب ان يصمت الجميع ... انه يموت فدعوه يموت بسلام , ما اروعك ابي , بل ما اقواك وانت متوجه الى ربك .... الام على رأسه واولاده على يمينه وشماله ... ورجل دين يرتل القرآن على مسمع الجميع
وانا ... وانا كنت هناك احاول ان اتحكم قدر الامكان في نفسي ... كي لا اصرخ , انه الموت لا محاله ... نزلت الملائكه كي تشهد على موته... كي تأخذ روحه.... ونهتم نحن بجسده... انه يموت .... انه ينظر الى السقف بهدوء, سكنت رجلاه الدافئتان اللتان كانتا ترتعشان قبل قليل .... وقف الموت الان في حنجرته...

انه... انه يتنفس في صعوبه ... يحاول استنشاق كل الهواء الموجود.... امي ... امي بصمت تقطر ماء برزمة صوف صغيره في فمه , الوقت يمر بسرعه كل شيء مر بسرعه فمات ابي بسرعه.... ارتفع حينذاك صوت القرآن والقارئ يرتل

( يا ايتها النفس المطمئنه , ارجعي الى ربك راضية مرضيه , وادخلي في عبادي وادخلي جنتي)
صدق الله العظيم

اختكم بالله

شووق







التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


الى جنة الخلد يا بابا جابر

 

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:10 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية