العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام العامة ]:::::+ > المنتدى العام
 
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 18-08-2010, 02:36 AM   رقم المشاركة : 1
الهدار
مشرف المنتدى الثقافي
 
الصورة الرمزية الهدار
غازي القصيبي وصديقه الجهني .......... القصيبي يرثي نفسه

مات غازي

يروي علي بن طلال الجهني

نحو الساعة التاسعة من صباح يوم الأحد الخامس من رمضان 1431 الموافق 15/8/2010 مات الرجل العملاق الوزير المختلف عن كل الوزراء، الإداري الذي تميز على كل من عرفت من الإداريين، والشاعر الأديب الخطيب الفصيح الذي يكتب كما يتحدث من دون أن يتردد أو يشطب أو يصحح. ولد غازي في اليوم الثاني من الشهر الثالث من عام 1940 ، فكان في يوم وفاته قد تجاوز السبعين بنحو خمسة أشهر.

لقد كان غازي رجلاً مؤمناً بالقدر خيره وشره أيماناً مطلقاً. وكان يقول منذ ثلث قرن على الأقل : « إنه أوصى أن يدفن في المكان الذي يموت فيه، أياً كان ذلك المكان، وبأسرع وقت ممكن، حتى لا يكلّف الناس لحضور جنازته».

وهكذا حدث، فقد تمت الصلاة عليه وحضرها عدد من الأمراء والوزراء والأصدقاء وغيرهم من عامة الناس. وصلى عليه نائب أمير منطقة الرياض الأمير سطام بن عبدالعزيز، وأم المصلين سماحة مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ بعد صلاة العصر من يوم الأحد؛ وتم دفنه في مقبرة «العود» في الرياض. «اللهم أجعل قبره روضة من رياض الجنة» كما جاءني في رسالة تعزية من محبه الأديب السعودي الأستاذ حمد القاضي.

ومن يعرفوا علاقتي بغازي يعزوني فيه كما يعزون أبناءه. وقد اتصل بي رجل لا أعرفه محاولاً تعزيتي ولكنه كان يبكي وينتحب بشدة ولم أستطع أن أفهم مما قال من ثناء علي غازي ودعاءٍ له إلا عندما تغير صوته ولامني شخصياً لوم المحب المعاتب لماذا لم تقل الحقيقة وأنت تعرفها حينما تم نقل غازي إلى أميركا خلال حج العام الماضي؟

وفي واقع الأمر أنني لم أقل إلا الحقيقة حينما تم نقله رحمه الله بالإخلاء الطبي إلى مستشفى «مايو» في ولاية «مينسوتا». فالذي حصل أنه كان عند غازي رحمه الله، قرحة في الإثني عشر، منعت الطعام من الانتقال إلى الأمعاء الدقيقة. وقبل نقله إلى «مايو» أخذ الأطباء في مستشفى الملك فيصل التخصصي عينات من منطقة القرحة. وكانت كلها حميدة. وكذلك فعل الأطباء في «مايو» ووجدوا كل العينات التي أخذوها أيضاً حميدة.

فهذا ما كنا جميعاً نعرفه

ولكن حينما استمر العلاج لمدة تجاوزت أربعة أسابيع، ولم يؤد العلاج إلى ما كان ينبغي أن يؤدي إليه، فتح الأطباء المعدة جراحياً بمنظار، فرأى الجرّاح عشرات الحبيبات التي تشبه حبوب العدس منتشرة في السطح العلوي للمعدة. وصارت المعدة تشبه «القربة» المنفوخة الفارغة. وبالطبع عرف الجراح سبب المعاناة ونوع المرض. وهذا نوع معروف من أنواع السرطان القليلة جداً التي يتعذر علاجها.

وبمجرد أن اتصلت بي زوجته المرأة الفاضلة الصابرة «أم سهيل» وقالت لي تمت الجراحة، عرفت من نبرة صوتها أن الأخبار غير سارة، وحينما قالت لم اتصل بغيرك بناءً على طلبه سقط التليفون من يدي ولم أكن بحاجة إلى متابعة المكالمة. بعد ثلاثة أيام، اتصلت بغازي رحمه الله ووجدته كما عهدته ضاحكاً شامخاً عالي المعنوية. وقال لي : «لا تحزن ولا تتألم، سأقاوم بكل ما استطعت من قوة. ولكن الأمر لن يتجاوز بضعة أشهر قبل أن ألقى خالقي فادعُ الله معي على أن يحسن لقائي برب العزة والجلال».

خضع للعلاج الكيماوي الذي أعطاه القدرة الموقتة على الذهاب إلى البحرين لقضاء ما تبقى له من حياة مع أبنائه وأحفاده. وبالذات حفيده «العفريت» سلمان ابن فارس بن غازي. وهكذا كان.

أكتب هذه السطور بعد وقوفي على قبر صديقي الصدوق، الذي لم أسمّه قط، بأكثر من غازي. لا يا دكتور ولا يا أبا يارا ولا يا أبا سهيل كما يسميه نفرٌ من أصدقائه. رأيت العباءة التي أعرف جيداً تغطي كفنه فذرفت دموعي التي بذلت جهدي لإخفائها







 

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:01 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية