الذي يتأمل تتابع الليل والنهار وملاحقة أحدهما للآخر يرى قدرة الله سبحانه وتعالى سافرة جليلة ، ولولا رحمته جل شأنه لاستحالت حياة الإنسان إلى صعاب ومشقات ..
قال تعالى :(( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ ، قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ ، وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )) (القصص:71-73) ..
يقول الإمام الفخر الرازي في تفسير هذه الآية : نبه الله تعالى بهذه الآية على الليل والنهار نعمتان يتعاقبان على الزمان ، لأن المرء مضطر إلى أن يتعب لتحصيل ما يحتاج إليه ، ولا يتم له ذلك لولا ضوء النهار ولولا الراحة والسكون بالليل فلا بد منهما في الدنيا ، وأما في الجنة فلا نصب ولا تعب فلا حاجة بهم إلى الليل فلذلك يدوم لهم الضياء واللذات ..
ولا أحد يستطيع أن يتصور نهاراً سرمدياً بلا ليل ، كذلك فلا يمكن تصور ليلاً سرمداً من غير نهار ننتهي إلى قول الله سبحانه وتعالى : (( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً )) (الفرقان: من الآية2)
وتدبر الآيات الشريفة يجلي لنا آيات الله سبحانه وتعالى ونعمه حين يجعل له من مخلوقاته سبيلاً وسكونه فيجعل له الليل سكناً وراحة وهدوءاً . كذلك يجعل النهار له الحركة والسعي والعمل والنشاط .
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرف بفضل الله سبحانه وتعالى على خلقه وكان عليه الصلاة والسلام ، أشكر الناس وأتقاهم وأخشاهم جميعاً ..
كان عليه الصلاة والسلام يقول إذا أصبح : (( أصبحنا وأصبح الملك لله ، رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً )) ..
وفي المساء كان يقول عليه الصلاة والسلام : (( أمسينا وأمسى الملك لله ، والحمد لله لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شئ قدير ، رب أسألك خير مافي هذه الليلة وخير ما بعدها ، رب أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر ، رب أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر )) ..