رسالة ٌإلى اليائسين ِمن نصرِ الله
الحمدُ للهِ القائل ِفي محكم ِالتنزيل ِ: ﴿ من كان يَظنُّ أن لن ينصُرَهُ الله ُ في الدنيا والآخرة ِفليمدُد بسببٍ إلى السماء ِثمَّ ليقطعْ ، فلينظرْ هل يُذهبنَّ كيدُهُ ما يَغيظ {15} ﴾ الحج
أيُّها الإخوة ُالأحبَّة :
في هذهِ الآيةِ الكريمةِ يصفُ الله ُعزَّوجلَّ حركة َاليائِس ِمن نصر ِاللهِ لهُ في الدنيا والآخرةِ فيقول :﴿ فليمدُد بسببٍ إلى السماء ﴾ أيْ : فليربط حبلا ً في سقفِ بيتِهِ وقد لفـَّهُ حولَ جيدِهِ (أي عُنقِهِ) ثـُمَّ ليقطع( أي : فليلقي نفسَهُ من عليٍّ لِـيُشنـَق) فلينظر، هل يُذهبنَّ كيدُهُ ما يَغيظ ، أيْ : هل يُشفي ذلكَ ما يجدُ في صدرهِ من الغيظِ .
وَخُلاصة ُالقول ِ:
من كانَ يَظنُّ أنَّ اللهَ ليسَ بناصرٍ محمداً وأَمَّـتـَهُ وكتابَهُ ودينَهُ حتى يُظهـِرَهُ على الدين ِكـُلـِّهِ فليقتـُلْ نفسَهُ شَنـْقاً ، كمَداً وغَيظاً ، إن كان ذلك يَشْـفي غليلـَهُ ، لأنَّة منْ مستلزماتِ الإيمان ِأنَّ اللهَ مؤيدُهُ ، وناصرُ دينِهِ لا محالـَة َ، من غيرِ شكٍ أوِ ارتياب ، وصدقَ اللهُ :﴿ ولينصُرنَّ اللهُ من ينصُرُهُ ، إنَّ اللهَ لقويٌ عزيزٌ ﴾
إخوة َالإيمان :
إنَّ من أعظم ِما يُثبِّطُ العزيمة َ، ويُضعِفُ الهمَّة َ، أن يملأ اليأسُ قلبَ المسلم ِفيقنـَطَ من رحمةِ اللهِ جَرَّاءَ دعاياتٍ مُضَلـِّلـَةٍ يَبـُثـُّهَا الكفارُ وأعوانُهُم من حكام ٍضعفاءَ ، وموظفينَ أجراء ، حينَ يُعلِنونَ ضَعفـَهُم مُستسلمينَ بأنْ لا طاقة َلنا اليومَ بأمريكا، تماماً كما قالت بنو إسرائيلَ لموسى عليه السلام : ﴿ لا طاقة َ لنا اليومَ بجالوتَ وجنودِهِ {249} ﴾ البقرة .
فهُم يُمثلونَ بني إسرائيل ، حينَ يخشوْنَ من جالوتِ أمريكا وليِّ نعمَتِهم ، وقد اتخذوا من بيتِهِ الأبيضَ قبلتـَهُم ، متذرعينَ بضعفِهم ومُتمسكينَ بقراراتِ مجلِسِهِ ومراسم ِهيئاتِهِ وَنـُظـُم ِمبدئِهِ ، هؤلاء ِالأمراءُ والزعماءُ وَمَنْ شاكـَلـَهُم ، وقد عَمَدُوا بسياستِهـِم إلى تيئيس ِالأمَّةِ وتلوين ِ شخصيتِهَا حتى غـَدَتْ من غيرِ لون ٍيُمَيِّزُهَا ، أوفكرٍ يُهَذبُهَا ، حتى أوصلوهَا إلى ما آلَ إليهِ حالـُهَا ، من ضعفٍ ويأس ٍلتفقِدَ حرارة َالعقيدةِ وثـقتـَهَا بنفسِهَا ، فقد رَوَّعُوهَا بيهودَ ، وَهُم أهونُ خلق ِاللهِ على اللهِ ، وأجبنُ خلق ِاللهِ مِمَّنْ خلق ، يومَ اصطنعوا حروباً وهميَّة ً تؤكـِّدُ ما ادَّعُوهُ من ضَعفٍ لأنفـُسِهم ، ولِـيُظهـِروا قوَّة َعَدُوِّهِمُ الزائفةِ التي ما كانت لِتكونَ لولا خياناتِهم وتخاذلِهم ، ثـُمَّ قالوا : إنْ كانَ هذا حالـُنا مَعْ إسرائيلَ فكيفَ بهِ مَعْ أمريكا ودول ِالغربِ إذِ اجتمعوا علينا !!!
أيُّها المسلمونَ :
ليست أمريكا شيء خارق للعادة، ولا هيَ ماردٌ لا يُطال ، كما صوَرَها لكم عَبيدُها القـُوََََّال ، بل هي أدنى من ذلكَ وأوضع ، وأضعفُ ممَّا قد يُقال ، وعارضٌ لا بُدَّ أن يـُزال ، ما هي إلاَّ نَمِرٌ مِنْ ورق ، كما شَهـِدَ بذلك من ناصَبَكـُمُ العداءَ وناصَبَهَا من دول ِالغرب0فواللهِ ما أظهَرَ قوتـَهُمْ غيرُ ضَعفِنـَا ، وما عَلـَتْ علينا ، ولا تمكنتْ مِنَّا ، إلا بخيانةِ حكامِنَا الأنذال ، وهو ممَّا لا يُستغربُ منهم ، فهذا دَيدَنُهُم ، وقد جُبـِلوا على الخيانةِ ، وخانوا الأمانة َ، واستمرؤوا الإهانة ، بل المستغربُ صَمْتُ الأمَّةِ ورضاها ، إلاَّ مَنْ رَحِمَ الله ، فثـقوا بالنَّصرِ والتمكين ِ، ولو بعدَ حين ، وكونوا مِنَ الآمرينَ بالمعروفِ الناهينَ عن ِالمنكرِ، تلبية ً لتوجيهِ مُحمدٍ وقد جاءَهُ رجلٌ وهو على المنبرِ فقال : ( مَنْ خيرُالنـَّاس ِ يا رسولَ الله ؟ قال : آمرهم بالمعروفِ وأنهاهُم عن المنكرِ وأتقاهُم للهِ ، وأوصلـُهُم للرَّحِم )
إخوتي في الله :
( لا يَقـَالَّ أحدُكـُم عمَلـُه ) وأيمُ اللهِ ! إنَّ حمل الدعوة والأمرَ بالمعروفِ والنَّهيَ عن ِالمنكرِ من أجَلِّ الأعمال ِعندَ الله ِ، وكفى بهِ شرفاً أنْ كانَ عملَ الأنبياء ِ، فقوموا بما قامَ بهِ المرسَلونَ 0
فكونوا مِنَ الفئةِ الظاهرةِ التي وصفها رسولُ اللهِ فقال :( لا تزالُ طائفة ٌمن أمَّتي على الدِّين ِظاهرينَ ، لعدوِّهِمْ قاهرينَ ، لا يضرُهُم مَنْ خَالـَفـَهُم ، إلاَّ ما أصابَهُم من لأواء ، حتى يأتيَهُم أمرُ اللهِ وهم كذلك ، قالوا : يا رسولَ اللهِ : وأينَ هم ؟ قال ببيتِ المقدس ِوأكنافِ بيتِ المقدس ِ) 0
وكونوا منَ الغرباءِ نـُزَّاعَ القبائل ِ،أولئكَ الذينَ مَدَحَهُمْ رسولُ اللهِ فقال : ( إنَّ الإسلامَ بدأ غريباً وسيعودُ غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء ، قيلَ وَمَن الغرباء ؟ قال النـُّزَّاعُ من القبائل ِ) وفي رواية : ( فطوبى للغرباء الذين يُصلِحونَ ما أفسدَ النَّاسُ منْ بعدي من سُنـَّتي ) وفي رواية :( يَصْلـُحُونَ إذا فسَدَ النَّاس) وقد بيَّنَ الرسولُ واقعَ النـُّزَّاع ِفقال : ( إنَّ للهِ عباداً ليسوا بأنبياءَ ولا شهداءَ ، يغبـِطهُمُ الشهداءُ والنبيونَ يومَ القيامةِ لِقربهم من اللهِ تعالى ومجلسِهم منه ، فجَثا أعرابيٌّ على رُكبتيهِ فقال : يا رسولَ اللهِ صِفهم لنا ؟ وحَلـِّهم لنا، قال : قومٌ من أفناء ِالنَّاس ِ، من نـُزَّاع ِالقبائل ِتصادقوا في اللهِ وتحابُّوا فيهِ يضعُ الله ُعزَّ وجلَّ لهم يومَ القيامةِ منابرَمنْ نور، يخافُ النَّاسُ ولا يخافونَ،هم أولياءُ اللهِ عزَّ وجلَّ الذينَ لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون )
وكونوا خيرَ خلفٍ لأكرم ِسلفٍ ، الأجدادُ السابقونَ السابقونَ , وأنتمُ الأحفادُ اللاحقونَ ، فآزروا وناصروا ثلة َالآخرين 0
وكونوا من الشهداءِ وأنتم العُدول ، واعملوا مَعَ العاملينَ للإسلام ِلتكونوا شُهداءَ على النَّاس ، ويكونَ لكمُ السَّبـْقُ ، وقد كنتم منَ الذينَ جَرَى النَّصرُعلى أيديهم لتفوزوا ، ليكونَ أجرُ الواحدِ منكم بأجر ِخمسينَ مِنَ الصحابةِ ، كما وَعَدَ البشيرُ النَّذيرُ سيدُ وَلـَدِ آدمَ عليهما السلام ، إذ يقولُ : ( إنَّ مِنْ ورائِكـُم أياماً الصَّبرُ فيهنَّ مثلُ القابض ِعلى الجمر ، للعامل ِفيهنَّ ، مثلُ أجرِ خمسينَ رجلاً يعملونَ مثلَ عملِكم ، قالوا : يا رسولَ اللهِ : أجرُ خمسينَ منـَّا أم منهم ؟ قال بل أجرُ خمسينَ منكم) .
اللهَ أسألُ أنْ نكونَ وإيَّاكـمُ منهم ، وأنْ يجعلنـاَ مِمَّنْ يستمعونَ القولَ فيتبعونَ أحسنهُ ، وآخرُ دعوانا أن ِالحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ .