أقرأ معي هذا الخبر .. كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار يكنى أبا معلق وكان تاجراً يتجر بمال له ولغيره ، يضرب به في الآفاق ، وكان ناسكاً ورعا ، فخرج مره فلقيه لص مقنع في السلاح ، فقال له : ضع ما معك فإني قاتلك ، قال ما تريد إلى دمي شأنك بالمال ، قال أما المال فلي ولست أريد إلا دمك ، قال : أما إذا أبيت فذرني أصلي أربع ركعات ، قال : صل ما بدا لك ، قال فتوضأ ثم صلى أربع ركعات ، فكان من دعائه في آخر سجدة أن قال : يا ودود يا ذا العرش المجيد أسألك بعزك الذي لا يرام وملكك الذي لا يضام وبنورك الذي ملأ أركان عرشك أن تكفيني شر هذا اللص ، يا مغيث أغثني ، يا مغيث أغثني ثلاث مرات ، فإذا هو بفارس أقبل بيده حربه ووضعها بين أذني فرسه ، فلما بصر به اللص أقبل نحوه فطعنه فقتله ، ثم أقبل إليه فقال : قم ، قال : من أنت - بأبي و أمي - فقد أغاثني الله بك اليوم ، قال : أنا ملك كم أهل السماء الرابعة دعوت بدعائك الأول فسمعت لأبواب السماء قعقعة ، ثم دعوت بدعائك الثاني فسمعت لأهل السماء ضجة ، ثم دعوت بدعائك الثالث فقيل دعاء مكروب ، فسألت الله تعالى أن يوليني قتله .
هكذا عندما تنزل المحن وتشتد الخطوب وتتوالى الكروب وتعظم الرزايا وتتابع الشدائد ، لن يكون أمام المسلم إلا أن يلجأ إلى الله تعالى ، ويلوذ بجانبه ، ويضرع إليه راجيا تحقيق وعده ، الذي وعد به عباده المؤمنين إذ يقول الله تعالى : ( وقال ربكم ادعوني استجب لكم ) غافر ويقول : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليومنوا بي لعلهم يرشدون ) البقرة .. فإني قريب .. أجيب دعوة الداع إذا دعان .. آية رقة ؟ و آيه شفافية ؟ وأي أيناس ؟ و أين تقع تكاليف الحياة في ظل هذا الود ؟ وظل هذا القرب ؟ وظل هذا الإيناس ؟ ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) . أضاف العباد إليه ، والرد المباشر عليهم منه .. ولم يقل : فقل لهم : إني قريب .. إنما تولى بنفسه جل جلاله الجواب على عباده بمجرد السؤال فقط ! .. قريب .. ولم يقل أسمع الدعاء .. إنما عجل بإجابة الدعاء : ( أجيب دعوة الداع إذا دعان ) .. إنها آية عجيبة .. آية تسكب في قلب المؤمن النداوة الحلوة ، والرضى المطمئن ، والثقة و اليقين .. ويعيش معها في جناب رضي ، وقربى ندية ، وملاذ أمين ، وقرار مكين ، قال عليه الصلاة والسلام : ( ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ، فيقول : من يدعوني فأستجب له ، ومن يسألني فأعطيه ، ومن يستغفرني فأغفر له ) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إنه من لم يسأل الله يغضب عليه ) فالدعاء من أنفع الأدوية ، وهو عدو البلاء ، ويعالجه ويمنع نزوله ، ويرفعه أو يخففه إذا نزل ، وهو سلاح المؤمن ، وقد روى الحاكم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يغني حذر من قدر ، والدعاء ينفع مما نزل ، ومما لم ينزل ، و إن البلاء لينزل فليقاه الدعاء فيتعلجان إلى يوم القيامة )1
اختكم بالله
شووق