يصر الصحفيون على أن يعتبروه فيلما للأطفال، فلما شاهدوه في عرضه الخاص الأول، لم يعجب معظمهم أن يعرض هكذا، لا للأطفال ولا للكبار.
فقد خيب العرض الخاص لفيلم الرسوم المتحركة "محمد خاتم الأنبياء" الثلاثاء 8-10-2002 في القاهرة آمال بعض النقاد والصحفيين؛ بسبب الانتقائية التي اتسمت بها معالجته للسيرة النبوية، خاصة تجاهله لصراع النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع اليهود، واقتصاره على المشركين العرب، إضافة إلى خلو الفيلم من الجاذبية الخاصة بهذا النوع من الأفلام على افتراض أن أفلام التحريك موجهة للأطفال.
ويدور الفيلم حول السيرة النبوية منذ هبوط الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم حتى رحيله، ويصور مجموعة من الأحداث المنتقاة مثل اجتماعات قريش أثناء محاولاتها التصدي للدعوة، والعذاب الذي يتعرض له أتباع الدعوة، وهجرة بعضهم إلى الحبشة، وهجرة الرسول الكريم إلى يثرب (المدينة المنورة).
كما يصور الفيلم غزوات بدر، وأحد، والخندق التي وقعت بين المسلمين وغيرهم من كفار قبيلة قريش ومن حالفها.
لكن الفيلم يتجاهل الصراع الذي جرى بين المسلمين واليهود، وهو ما اعتبره عدد من النقاد محاولة لتجنب أية مشاكل سياسية قد تنتج عن الإشارة إلى هذا الصراع.
ويقول الناقد "أشرف بيومي": "إن الفيلم جاء دون المتوقع، وفوجئت بأنه احتوى مجموعة من الألغام السياسية منها على سبيل المثال: حذف كل ما يتعلق بصراع المسلمين الأوائل مع اليهود، والمعارك التي خاضها الرسول ضدهم في المدينة وطردهم منها".
وأشار إلى أنه "لا يمكن الخوض بالسيرة النبوية دون الحديث عن الصراع مع اليهود، القوة الثانية بعد مشركي مكة في معاداة الرسالة السماوية، ودورهم في محاولة إيقافها، حتى إنهم شكلوا الخطر الحقيقي على الدويلة الوليدة في المدينة".
المخرج "علي مهيب" خالف هذا الرأي وأعرب عن تعاطفه الشديد مع المنتجين؛ "لأنهم يبذلون جهدا يستحق الاهتمام"، واعتبر أن "تجاهل اليهود" ربما كان مبررا بالنسبة للشركة المنتجة - وهى شركة "بدر الدولية" - لكونها تريد "أن تحافظ على أموالها"، ولتتمكن من عرض نسخة الفيلم الإنجليزية في السوق الغربية.
وردا على هذه الملاحظات طالب رئيس شركة "بدر الدولية" موفق الحارثي - سعودي الجنسية - النقاد "بأن لا يحولوا موضوع الفيلم إلى موضوع سياسي".
وكانت الشركة المنتجة، التي أعدت نسختين إنجليزية وعربية من هذا الفيلم، قد حصلت على موافقة الأزهر على السيناريو الذي كتبه الأمريكي بريان نيسين؛ استنادا إلى مادة تاريخية أعدها عدد من أساتذة التاريخ الإسلامي. وأخرج الفيلم الأمريكي ريتشارد ريتش، ونفذته شركة "ريتش أمنيشن ستوديوز".
واشترط الأزهر عدم تصوير الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة للموافقة على الفيلم واستجابت الشركة المنتجة لهذا المطلب.
ومن جهة أخرى أكدت المخرجة فريال كامل أن "الفيلم لم يصور الشخصية العربية، لا من حيث اللون ولا الحركة ولا اللباس، وهذا يُفقد الفيلم الكثير من التعبير عن الصورة الحقيقية في تلك الفترة التاريخية".
وأرجع الناقد محمد صلاح الدين هذه الثغرات إلى "اعتماد الشركة المنتجة على الأمريكيين في كل شيء، بينما كان ينبغي الاستعانة بكفاءات عربية، ولدينا منها الكثير وبعضهم يعمل مع ولت ديزني".
وقال الناقد طارق الشناوي: "إن الفيلم جاء انتقائيا في اختياره ما شاء من أحداث السيرة النبوية، بعيدا عن الأبعاد السياسية التي حملها، مما يزيد من العبء على نفسية المشاهد العربي".
وأيد عدد من المشاركين في الندوة التي تلت عرض الفيلم موقف الرقابة المصرية في حذف المشاهد الأربعة التي خلطت بين أصنام العرب في الجاهلية والتماثيل الفرعونية التي لم يكن يعبدها المصريون القدماء.
وهي المرة الأولى التي يعرض فيها الفيلم بنسخته العربية التي ستنزل إلى الأسواق المصرية الأسبوع الجاري، بينما لم تعرض نسخته الإنجليزية بعد.
العرض العادي
