في حديقة المنزل الوارفة بالأشجار ، تخيلتها هناك بين حقول الأزهار ، فوقفت بقلبي أمام لوحة كيانها ، وكأني هائم في حسنها ، فأقرأ سحرها ، وأتأمل معانيها ، فوجودها قد ملأ الكون ، وصورتها قد تزينت بها أزهار الحديقة .
عذرا أحبتي .. تلك الحروف كانت مقدمة لتلك الساحرة ..
فقد بدأت الرحلة .. لنرحل مع شموخها عبر كلماتي المتواضعة ..
هكذا أراها .. وهكذا تمعنت في لغاتها ، حاولت أن أرسمها فأرتعد القلم ، وتناولت لغاتها فأهتزت الحروف ، حاولت وحاولت أن أتأمل معانيها ، وأتدبر بصمت خافت مفهوم جمالها ، فحاولت أن أقرأها بفكري ، لأتحرى صورتها البديعة ، بتمثالها الذي يشبع الخيال ، ويملأ عاطفتي الجياشة ، فترسم بشموخها الآمال ، لتسعفني بوصف مشرق غاية في الإبداع ، وآية في الإمتاع ، فكأنها تطرق سمعي ، وترسم لعيني ، خيالها الخصب ، لتهديني أسمى وأجل عطر في سماء حديقتي ، فقد ملأتها بهاءا من سناءها ، وإبداعا من إمتاعها .
آه .. أيتها الشامخة ..
كيف سحرتي لورانس في بصيرته ، وكيف أسعفتي سلامة ذوقه بجمال وصفك ، وأي إنطماس خالج أضلعي بحضورك ، وإي إزدهار داهني إجتاحني في مرابع جمالك .
ياأللـــــه .. على سمو قدرك .. وخطورة منزلتك ، أي عاطفة يختزنها خاطرك ، وأي خصوبة في ذاكرتك ، وأي روعة في إختيارك لحديقتي ، وأي جمال لإنتقاء لورانس من بين البشر ..
هكذا رأيتها تقترب .. وأنا بلا شعور إليها أنجذب ، فكأنها قافية بحاجة إلى المطر ، أو أنها شمس بحاجة إلى ملامسة أوراق الشجر ، إقتربت وإقتربت .. فرأيتها أمامي ، نعم أمام لورانس ، فرأيتها إمرأة مخلوقة من الثلج ، زاهية البناء ، رائعة الكبرياء ، باهية الشموخ ، فأي خلود إقتحم جمالها ، وأي حضور يرسم جوهرها ، أي معني تصفها ، وأي قصائد تترجم سحرها ، ضاع الكلام ، فماتت الحروف ، وإحتضرت الكلمات ، فقد بقيت عملة الحضور ، مرتبطة بقيمة الشموخ ، لتحفظها ذاكرتي ، بلا رقيب ولا تأخير ،
فقد كانت تمضغ حبات السكر ، وكأني أتذوق من جمالها العسل المصفى في حلاوته ، فقد ملكت في حديقتي كل حضور مشرق ، فائق الإعجاب ، لأحمل فتنتها من الفكر إلى القلب ، ليجد قلبي فيها الحلاوة في طعمها ، والإبتهاج في قلبها ، فقد رسمت برواز شموخها ، على أطراف فكري ، حينها ملأت عيني ، لتسكن قلبي ، براحة في الضمير ، وبغاية التقدير ، ولا تكلف أو تأخير ، فشموخها دقيق ، ذات معنى عميق ، فلا ترتقي إلى التربع في ساحة الجمال ، وإنما تمتلك القلوب بكل إستحقاق وجدارة ، لتكون خالية من العيوب .
ربما رسمت حضورها على صفحتي بكل خواطر الإنسان ، واستولت على فكر كل كيان ، فكيف بباقي صفاتها ، وسائر خصالها ، فربما كانت نادرة الوجود ، ولكنها تحمل في قلبها الحب لكل موجود ، لذلك هي تمزج العاطفة بالحنين ، تحب الجمال ، ويعشقها الحسن ، تملك الذكريات ، وتتوجع من الأنّات ، فتترجم حالها الدمعات ، ولكنها في النهاية إنسانة موجودة في ساحل الذات .
تملك النفس الذائبة مع الجمال ، لتحملها إلى الكمال ، بروعة شموخها الآسر ، فكأنها تتراقص طربا ، وتترنح شوقا ، لمن يستطيع أن يفك رموز حروفها ، ويحل طلاسم سحرها ، فقد عاشت ولازالت تعيش في عالم خاص بها ، ربما كانت أسيرة له ، وربما كانت سفيرة له ، فتتوج قلمها في كل ليلة بإحتفاء لحروفها ، وإحتفال لكلماتها ، لتحلق بين السماء والأرض ، فتسكن في حلمها العابر ، منازل النجوم ، وقصور الشمس ، فلا يسموا الزمان إلا بأمثالها ، فهي ذائعة في إسمها ، رائعة في رسمها ، لا تؤمن بالمهادنة أو عصي الخشب ، وإنما تعرف الحب وسيوف الذهب ، فما أجملها من تجارة ، وما ألغاها من بضاعة ، ألا وهي تجارة الشموخ في زمن الكبرياء .
ومع كل هذا الشموخ ، إلا أن لها حكاية طويلة مع البكاء ، فقد عاشت حبيسة لدموعها ، مشردة في قلبها ، منفية في ذكرياتها ، مصابة في مقاصدها ، فلم تدرك ما تطمح إليه ، إلا أن الزمن حاول جاهدا تمزيق قلبها ، فقاومته ذكرياتها ، لتقوم الذكريات بنحر الزمن في ميدان الدهر ، على مسامع الأيام ، لتدفنه هناك في مقبرة السنين .
يا أللــــــه .. أي روح طموحة ساكنة في مشاعرها ، وأي نفس جسورة في أحاسيسها ، كم تملك نفسا رقيقة ، وكم تريحها دموعها الغزيرة ، لتقف معها في حزنها على فراق من تحب .
فهي أكبر من أن تصطنع البكاء ، فلم تتكلف بدموعها ، ولكنها براهين تدل على ذوبان نفسها مع جمال ذكرياتها ، فيالها من إمرأة عجيبة في حضورها ، مؤثرة في دموعها ، ساطعة في ضميرها ، تحرك الشجون ، وتستمطر العيون ، بإيقاع حضورها المؤثر ، لأنشودة ذكرياتها الصادقة ، التي تحترق لماضيها حشايا قلبها ، بنار وجدها ، وحرارة دمعتها ، لتصل إلى عالمها الحنون ، ذاك العالم الذي لا يعرف المستحيل ، ولا يؤمن بالقيود ، لتعيش هناك .. سارحة في حلمها ، سائحة في خيالها ، فلا تتغير بالجهل لتفرضه على الواقع ، وإنما تعيش الحلم ليبعدها عن قسوة الحاضر ، وصحيح أن هذه المرأة من رسم خيالي ، ومن إلهام بنات أفكاري ، ولكني متيقن بأنها ساكنة في إحدى زوايا هذا الزمن .
وفي الاخير لا أقول إلا .. هنيئا لكِ بشموخك يا عطر القلوب .
فما أنتي إلا خيال أنثى يسكن في قلب إمرأة .
فائق أمنياتي ..
لـورانس
شموخ إمرأة : من صنع خيال لورانس ، وهي ساكنة في إحدى زوايا الزمن .