بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
أما بعد :
- تعريفها :
صلاة التسابيح : صلاة نافلة مخصوصة اشتملت على ثلاثمائة تسبيحة.
- دليلها :
عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن عبد المطلب: «يا عباس! يا عماه! ألا أعطيك؟ ألا أمنحُك؟ ألا أَحْبُوك؟ ألا أفعل بك؟ عشرَ خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك؛ أولَه وآخرَه، قديمه وحديثه، خطأه وعمده، صغيره وكبيره، سرَّه وعلانيته، عشر خصال، أن تصلي أربع ركعات، تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم قلت: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة، ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشرا، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشرا، ثم تهوي ساجدا فتقولها وأنت ساجد عشرا، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا، ثم تسجد فتقولها عشرا، ثم ترفع رأسك فتقولها عشرا، فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تفعل ذلك في أربع ركعات، إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل، فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة.
- حكمها :
للعلماء في ذلك قولان:
الأول: سنة ودليلهم الحديث السابق.
الثاني: بدعة وهذا قول من يضعِّف الحديث.
- كيفيتها :
تصلى صلاة التسابيح أربع ركعات ، أي بتسليمة واحدة ، و في كل ركعة تقرأ فاتحة الكتاب و سورة من سور القرآن الكريم ، و بعد الإنتهاء من القراءة يبدأ العبد بالتسبيح بسبحان الله و الحمد الله و لا إله إلا الله و الله أكبر ، خمس عشرة مرة لكل واحدة و من ثم يركع المصلي و و بعد التسبيح المعتاد يقول في ركوعه التسبيحات السابقة عشرة مرات
ماورد فيها من آراء العلماء /
- صحة صلاة التسابيح للإمام الألباني رحمه الله:
السائل: ما مدى صحة صلاة التسبيح؟
الألباني (رحمه الله): صلاة التسبيح من الأحاديث التي اختلف فيها علماء الحديث اختلافًا عجيبًا، فما بين قائل بأن حديث صلاة التسبيح موضوعٌ، وما بين قائل بأنه صحيحٌ، وسبب هذا الاختلاف الشديد يعود إلى أمرين اثنين: الأمر الأول: أن هذه الصلاة -حقيقة- لم ترد بإسناد صحيح تقوم به الحجة. والسبب الثاني: أنها خالفت كل الصلوات المشروعات في هيئتها؛ فكانت شاذة من هذه الحيثية، فالذين حكموا بوضعها نظروا إلى هاتين الحقيقتين: أنه لا إسناد لها صحيح تقوم به الحجة؛ ثم المتن مخالف في كل الصلوات الثابتة في السنة. لكن الذين ذهبوا إلى تصحيحها أو تحسينها -على الأقل- فوجهة نظرهم: أنه صحيح أن هذه الصلاة، أو حديث التسبيح ليس له إسناد صحيح مستقل؛ ولكن له طرق كثيرة؛ ومن قاعدة علماء الحديث: أن الحديث الضعيف يتقوَّى بكثرة الطرق، وهذا الحديث له طرقٌ يتقوى بها، هذا من جهة. من جهة أخرى قد ثبت عن بعض السلف؛ وهو بالذات عبد الله بن المبارك وهو من كبار شيوخ الإمام أحمد؛ فقد كان يذهب إلى صلاتها فكان يصلِّيها، ويبعد بالنسبة لمثل هذا الإمام أن يعمل بحديث غير ثابت لديه. فإذا نظرنا إلى هذه المجموعة وخلاصتها: حديث صلاة التسبيح جاء من طرق يقوي بعضها بعضًا، زائد إلى أن عبد الله بن المبارك كان يصليها؛ تطمئن النفس حينذاك لصحة الحديث؛ وبالتالي يثبت شرعية صلاتها. وحينذاك يندفع الشبهة التى ذكرتها -آنفًا- حكاية عن القائلين بعدم صحتها-: أن المشابهة في بعض الصَّلوات لا يشترط أن تكون؛ لأننا نعلم أن هناك صلاة صحيحة بإتفاق العلماء، ومع ذلك فهي تختلف عن كل الصلوات في الوقت أن صلاة التسبيح تلتقي من هذه الجهة مع كل الصلوات. أعني بالصلاة التي تخالف كل الصلوات؛ هى "صلاة الكسوف"، فنحن نعلم جميعًا أن صلاة الكسوف يشرع فيها ركوعان في كل ركعة، ولا يشرع سجودان؛ فمن حيث أنه يشرع ركوعان في الركعة الواحدة في صلاة الكسوف فقد خالفت كل الصلوات المعروفات من هذه الحيثية؛ لأنه لا صلاة أخرى يشرع فيها ركوعان في الركعة الواحدة، فهل كان وجود مثل هذه المخالفة للصلوات الخمس وغيرها سببًا للطعن في صحة الحديث؟ الجواب: لا، لأنَّ الله -تبارك وتعالى- له أن يَشرع لعباده ما يشاء من الصلوات والكيفيات؛ فالعبرة إذن ليس هو أن تكون العبادة لها مثيلات؛ وإنما أن تكون ثابتة بالطرق التي تثبت كل العبادات. فإذا تركنا هذا الجانب من النقد -الذي هو نقد جانب المتن لصلاة التسابيح- ورجعنا إلى الأسانيد، وعرفنا أن بعضها يقوي بعضًا، وأن بعض السلف عمل بها؛ فحينذاك لا يبقى لنقد كيفية هذه الصلاة وجه يعتد به؛ فينهض آنذاك قول من قال بثبوت حديث صلاة التسابيح؛ وبالتالي ثبوت التعبُّد بها على الأقل بالعمر مرة؛ كما جاء في نفس الحديث، وعلى الأكثر في كل يوم مرة، هذا ما عندي جوابًا عن هذا السؤال.
والله أعلم
- ما حكم صلاة التسابيح؟ هل ورد فيها حديث صحيح وما هو؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد اختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى في صلاة التسابيح فذهب الجمهور إلى استحبابها قال ابن عابدين ~" وحديثها حسن لكثرة طرقه ووهم من زعم وضعه وفيها ثواب لا يتناهى ومن ثم قال بعض المحققين: لا يسمع بعظيم فضلها ويتركها إلا متهاون بالدين والطعن في ندبها بأن فيها تغييراً لنظم الصلاة إنما يأتي على ضعف حديثها فإذا ارتقى إلى درجة الحسن أثبتها وإن كان فيها ذلك "~~ ا هـ وقال الصاوي في حاشيته ~" وصفة صلاة التسابيح التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم لعمه العباس وجعلها الصالحون من أوراد طريقهم وورد في فضلها أن من فعلها ولو مرة في عمره يدخل الجنة بغير حساب ..."~~ وقال الخطيب الشربيني ~" وما تقرر من أنها سنة هو المعتمد كما صرح به ابن الصلاح وغيره. وذهب الحنابلة إلى عدم سنيتها وجواز فعلها لجواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال وذهب بعضهم إلى القول باستحبابها قال البهوتي في كشاف القناع ~" يفعلها أي صلاة التسبيح على القول باستحبابها كل يوم مرة..."~~ وقال الرحيباني في مطالب أولي النهى ~" ولا تسن صلاة التسبيح قال الإمام أحمد: ما يعجبني قيل لم قال يسن فيها شيء يصح ونفض يده كالمنكر ولم يرها مستحبة قال الموفق وإن فعلها إنسان فلا بأس لجواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال "~~ ا هـ. هذا عن حكم صلاة التسابيح عند أهل العلم من أهل المذاهب الأربعة وأما الحديث الوارد فيها فقد رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس: "يا عماه ألا أعطيك؟ ألا أمنحك؟ ألا أحبوك؟ ألا أفعل بك عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره وقديمه وحديثه وخطأه وعمده، وصغيره وكبيره، وسره وعلانيته، عشر خصال، أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، فإن فرغت من القرآن قلت: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة، ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشرا ، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشراً، ثم تهوي ساجداً فتقولها وأنت ساجد عشراً، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشراً، ثم تسجد فتقولها عشراً، ثم ترفع رأسك فتقولها عشراً. فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تفعل ذلك في الأربع ركعات. إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل، فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة". وقد اختلف الحفاظ في الحكم على هذا الحديث فمنهم من صححه ومنهم من ضعفه والذين صححوه هم جمهور المحققين ، ومن هؤلاء: الدارقطني ، والخطيب البغدادي ، وأبو موسى المدني. وكل ألف فيه جزءاً ، وأبو بكر بن أبي داود ، والحاكم ، والسيوطي ، والحافظ ابن حجر ، والألباني ، وغيرهم. وممن ضعفوا الحديث ابن الجوزي ، وسراج الدين القزويني ، وشيخ الإسلام ابن تيمية ، والإمام أحمد ، وغيرهم. إلا أن الحافظ ابن حجر قال: (قلت: وقد جاء عن أحمد أنه رجع عن ذلك (أي عن تضعيف الحديث) فقال علي بن سعيد النسائي: سألت أحمد عن صلاة التسبيح ، فقال: لا يصح فيها عندي شيء. قلت: المستمر بن الريان عن أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو ، فقال: من حدثك؟ قلت: مسلم بن إبراهيم ، قال: المستمر ثقة ، وكأنه أعجبه . والحق ـ إن شاء الله تعالى ـ أن الحديث لا ينزل عن درجة الحسن لكثرة طرقه التي يتقوى بها كما يقول الحافظ ابن حجر في أجوبته المشهورة على أسئلة عن أحاديث رميت بالوضع اشتمل عليها كتاب المصابيح للإمام البغوي، وهذه الأجوبة ملحقة بالجزء الثالث من كتاب مشكاة المصابيح للخطيب التبريزي