العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام الثقافية والأدبية ]:::::+ > الإبداعات الأدبية
 
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 13-10-2002, 03:32 PM   رقم المشاركة : 1
العمدة الإجباري
ود مميز
 
الصورة الرمزية العمدة الإجباري
 






العمدة الإجباري غير متصل

زوجة أشهر جواسيس القرن العشرين،، تتحدث

المصدر--- صحيفة الأهرام المصرية.
-------------------------------------------




تقول ( فالتراو) أرملة ( رأفت الهجان ) :

- تعرفت على زوجي ( جاك بيتون ) ( رأفت الهجان ) يوم 6 تشرين الاول عام 1963 .. تقابلنا صدفة في منزل صديقة لي .. لفت نظري بلباقته وشخصيته المرحة , وبدا لي من أول وهلة رجلاً اجتماعياً ظريفاً ..

ووجدت نفسي مندهشة بهذا الانطباع الطيب السريع الذي تركه لدي .. ودهشت اكثر عندما عرض علي توصيلي إلى منزلي بعد اللقاء الذي استمر حوالي 3 ساعات .. ثم كانت دهشتي اكثر واكثر وهو يعرض علي الزواج داخل التاكسي .. وقال لي :

- سأسافر إلى ( فيينا ) لمدة عشرة أيام وعندما اعود ارجو ان اعرف قرارك .

كان رأي أبي وأمي ان هذا عرض سريع جداً .. فلم نتعارف جيداً , وهذا أمر غير طبيعي .. لكني أشعر بموافقة داخلية بلا أي منطق أو مبرر مفهوم .. وشعرت تجاهه بالثقة الكاملة وملأني احساس كامل بالأمان معه .

بعد عشرة أيام عاد ودعاني للغداء وقلت له موافقة تماماً . الاغرب اننا ذهبنا إلى الكنيسة وتزوجنا بالفعل في مساء نفس اليوم !! ورغم السرعة العجيبة كنت اشعر إننى اعرفه منذ وقت طويل ..

كنت في ذلك الوقت مُطلقة , ولي طفلة عُمرها أربع سنوات هي ( اندريا ) .. وأسعدني كثيراً عندما اعتبرها ابنته وتبناها رسمياً بالفعل , واصبحت ( اندريا جاك بيتون ) .. وأحبته الطفلة كما أحبه أبي وامي كثيراً .

واني لاعترف الآن انه كان أفضل قرار اتخذته في حياتي , فقد كان ( جاك ) مدهشاً وجذاباً وعبقرياً .

ذهبت معه بمفردي إلى ( تل أبيب ) . وكان يمتلك شركة سياحية , ومعظم أعماله مرتبطة بالحكومة الاسرائيلية . وكان كثير الاسفار جداً وليس بالرجل الذي يحب الجلوس على المكتب , وكان يعاملني بطيبة ورقة شديدة , ولم اشعر معه بأية قيود أو متاعب , وكان مرحاً لماحاً لطيفاً .. وكنا نتفاهم باللغة الانجليزية التي يتحدثها بطلاقة .. وكان يتحدث الفرنسية والعبرية , وأيضاً اللغة العربية .

وكان طبيعياً على اعتبار إنه يهودي مولود في ( مصر ) وبالتحديد في المنصورة كما كتب ذلك في وثيقة زواجنا .

أول مفاجأة كبيرة واجهتني في ( تل أبيب ) كانت زيارة ( موشى ديان ) لي بمنزلي .

كان المنزل صغيراً ويحتاج إلى بعض الترتيب .. قال لي ( جاك ) :
- هل احضر لك خادمة للتنظيف ؟
فقلت : لا .. إنني احب ان انظف بيتي بنفسي .. وبالفعل غطيت شعري وارتديت ( مريلة ) فوق فستاني للتنظيف .

فجأة رن جرس الباب .. وتملكت الدهشة كل وجهي ومشاعري ولم استطع النطق بكلمة .. ان الرجل الشهير الذي يضع ( عُـصابة ) واحدة على عينيه يقف امام الباب ويمد يده لي بباقة ورد للتهنئة .. إنه ( موشى ديان ) الذي قال لي ضاحكاً : ( جئت لأرى الخطأ الذي ارتكبه صديقي جاك بيتون ! )

ومن الغريب إنه كلما رآني في أي مناسبة أو حفل استقبال لا يناديني باسمي .. كان يقول لي اهلاً يا ذات الوجه المريح .. كان يقول ان دهشتك عندما قدمت لك زهور التهنئة جعلت وجهك ( فاني قيس ) .

بعد حوالي شهرين سافرنا - ( جاك بيتون ) وأنا - لقضاء اعياد الميلاد مع اسرتي في ( فرانكفورت ) في كانون الاول 1963 . وعدنا من الاجازة إلى ( تل أبيب ) ومعنا طفلتنا ( اندريا ) .. وظللت معه في ( إسرائيل ) حتى تشرين الاول 1964 حيث عدت إلى ( المانيا ) لأضع مولودي ( دانيال ) .. ولان ارتباطاته والتزاماته الاجتماعيه كثيرة ويجب ان اكون معه في معظم اللقاءات فقد تركت المولود والطفلة لدى اسرتي وكنت اسافر كثيراً بين ( فرانكفورت ) و ( تل أبيب ) .

لم تكن لـ ( جاك ) - أو ( رفعت الجمال ) - صداقات كثيرة , ولكن كانت معارفه بلا حدود .. لكني لم الاحظ عليه أي شئ غير طبيعي , كان متحكماً في نفسه إلى اقصى درجة , وكان كلامه وتفكيره منطقياً ومقنعاً ..

والمره الوحيده التي شعرت أن هناك تصرفاً غير طبيعي عندما زاره في ( فرانكفورت ) رجل أسمر طويل وبعدها اخبرني انه مسافر إلى ( باريس ) لمدة عشرة أيام .. وعندما اتصلت به في الفندق الذي ينزل به قالوا انه لم ينزل عندهم , وعرفت انه لم يسافر إلى ( باريس ) , وعندما عاد تحدثنا بعصبية وقال لي : انني لم اعرف طوال حياته أين كان ولن أعرف أي شئ لا يريدني ان اعرفه .

حتى اثناء حرب حزيران 1967 . وبعد الهزيمة والنكسه لم اشعر بأي شئ غير طبيعي في تصرفاته .. نفس الشئ عند انتصار العرب و ( مصر ) في حرب تشرين 1973 .

وتستدعي ( فالتراو ) ذكريات حياتها مع ( رأفت الهجان ) بسعادة واعجاب وتقول :

من الاشياء الغريبة التي اقنعني بها ببساطة وذكاء , عندما رفض اجراء الطقوس الدينية الخاصة التي تجعل من ابننا ( دانيال ) يهودياً مثله - وكنت وقتها بالطبع لا أعرف انه " مُسلم" - وفسر لي ذلك بسؤال وجهه إلي قائلاً :

"ألم تصادفك بعض المتاعب بسبب زواجك مني كيهودي" ..

قلت : "نعم .. إنه مازال هناك بعض الالمان يتضايقون من اليهود" ..

قال: " لهذا لن أجعل ابني يهودياً الآن , عندما يكبر سأشرح له مضمون الاديان الثلاثة , اليهودية ديانتي , والمسيحية ديانتك , وكذلك الاسلام , ولتكن له حرية الاختيار بعد ذلك ".

وكان مبرراً مقنعاً , وكان يقرأ كثيراً ويفهم بسرعه ولا ينسى ما يفهمه أبداً .. وكان يعرف عن الاديان الثلاثة الكثير .. حتى إنني كثيراً ما أحسست انه يعرف عن المسيحية أكثر مني أنا !

وتكرر ( فالتراو ) جملتها المحببة .. كان مدهشاً وجذاباً وعبقرياً .

لم نكن نتحدث في السياسة غالباً .. كانت حياتنا سعيدة , مليئة بالحيوية والعلاقات الاجتماعية .. كان لطيفاً ورقيقاً وكريماً .. كنت اشعر بسعادة طاغية عندما يقدم لي الزهور كل اسبوع .. أو كان يفاجئني في بعض الاحيان ويقدم لي قهوة الصباح في السرير .. وكان يهتم بـ ( اندريا ) جداً , ويحب ( دانيال ) بجنون .

وفي نهاية الستينات كان يقول لي كثيراً انه لا يرغب في الاستمرار في ( إسرائيل ) وانه يريد توسيع اعماله والاستقرار بصفة اساسية في ( المانيا ) .. وباع الشركة السياحية في ( تل ابيب ) بالفعل وافتتح شركة بديلة في ( المانيا ) ..

وتفسيري لذلك فيما بعد انه كان لا يريد ان يكبر ابننا ( دانيال ) وهو في ( إسرائيل ) , كما انه كان ينوي ان يغير جنسيته إلى الالمانية .
وبالفعل بذل جهوداً كبيرة حتى حصل على الجنسية الالمانية وشعر بارتياح شديد لان ابننا اصبح بالتبعية المانياً هو الآخر .. وكان حرصه شديداً على ان يحصل ( دانيال ) و ( اندريا ) على افضل مستويات التعليم في العالم .. انه يريد ان يعوض عدم استكماله التعليم العالي بسبب عدم المقدرة المالية في بداية حياته .

وتقول ( فالتراو بيتون ): ان ( جاك ) كان صبوراً ايضاً إلى ابعد حد .. ففي سنة 1975 قرر ان يأتي إلى ( مصر ) ليستثمر امواله في مجال البترول , وتقدم بطلب لكنه لم يحصل على الموافقات الكاملة ولم يوقع العقد بإنشاء شركة " إجيبتكو " للبحث والتنقيب عن البترول إلا في سنة 1978 .. وأظهر خلال هذه السنوات صبراً شديداً واصراراً على ضرورة الاستثمار في البلد التي ولد ونشأ فيها .

والغريب انه قام بتعيين معظم اقاربه بالشركة وكان يقول انهم اقرباء لاصدقائه القدامى في ( مصر ) .
ولاحظت في ( المانيا ) انه يهتم بطبيب شاب اسمه الدكتور ( محمد الجمال ) , وقال انه ابن استاذه بالمدرسة الابتدائية بالقاهرة .. وكان الدكتور ( محمد ) يزورنا كثيراً .. واكتشفت فيما بعد انه ابن اخيه الاكبر ( سامي الجمال ) الذي قام بتربيتة بعد موت والده .. وكان يقيم في قرية مجاورة لنا بـ ( فرانكفورت ) اسمها ( مينز ) وقام بتشغيله في مستشفى القرية .

الملاحظة الواضحة انه منذ بدأ اعماله في ( مصر ) عام 1978 قلت اسفاره واصبحت غالباً محصورة بين ( مصر ) و ( المانيا ) , بينما قبل ذلك كان يسافر كثيراً جداً بين مختلف عواصم العالم حتى انه كان يمكن ان يسافر إلى ( لندن ) أو ( باريس ) ويعود في نفس اليوم .. ومن هنا شعرت ان بداية اعماله في ( القاهرة ) كانت تلازم رغبته في الاستقرار الكامل في ( مصر ) ..

وكان دائماً يكرر لي اذا ما حدث أي شئ مفاجئ فانه يمكنني الاتصال بثلاثة اشخاص أولهم ( علي والي ) والثاني ( حسن بلبل ) والثالث ( إيهاب نافع " الممثل " ) .. لكنني بالطبع لم اطلب منه عناوينهم وهواتفهم لانني لم اكن اريد ان افكر أو أتوقع وقع أي مكروه .

وبعد إنشاء الشركة زارنا في ( فرانكفورت ) شقيقه ( لبيب الجمال ) وقدمه إلينا على انه صديق قديم من ( القاهرة ) .. واثناء تناول الطعام ابدى ( دانيال ) - وكان لا يزال صبياً في الثانية عشرة تقريباً - ملاحظة تدل على الذكاء الحاد .. وقال لـ ( جاك ) والده ان صديقك مستر ( الجمال ) يشبهك تماماً يا دادي .. ومع الهدوء الشديد لم يعلق ( جاك ) بكلمة واحدة .


وتمضي أرملة ( رأفت الهجان ) في ذكرياتها عن زوجها فتقول :

- كان مدهشاً وجذاباً وعبقرياً , كما كان طيباً وحنوناً .. لاحظ ان صحة والدي ووالدتي ليست على ما يرام فأراد ان يشجعهما على الذهاب إلى المستشفى للفحص فاقترح ان نذهب نحن الاربعة لعمل فحص شامل للاطمئنان العادي .

واظهرت صورة الاشعة لـ ( رأفت ) بقعة مختلفة اللون في الرئة .. كانت في حجم العملة المعدنية .. وطلب الاطباء اخذ عينة من الرئة لفحصها معملياً .. ولم يكن ( جاك ) يشكو من صدره أو يكح رغم انه مدخن .. ولكنه كان دائماً يصاب بنزلة برد مرتين كل عام في الربيع والخريف .

وفي ( فرانكفورت ) أجريت له جراحة استمرت ساعة ونصف الساعة لاخذ العينة , واعطى حقنة ( بنج ) كلي .. الغريب اننا ذهبنا إلى ( لندن ) واخذت منه عينة اخرى ولكن كل شئ تم في عشرين دقيقة فقط .

وبعد التحليلات التي اجريت في ( المانيا ) بدأ يصاب بالكحة باستمرار .
ووقعت مفاجأة قاسـية من الاطباء الالمان .. اخبروه بنتيجة التحليل .. قالوا له : انك مُـصاب " بسرطان الرئة ! " كنت اظن ان الاطباء يجب ان يخبرونا نحن .. ولكننا فوجئنا به يخبرنا بنفسه ان الاطباء صارحوه بالحقيقة .. كان ذلك في نيسان 1981 .

كان اليومان التاليان من أسوأ و أصعب الايام في حياتنا .. لم ار فيهما مرحه وحيويته المعتادين .. رأيت انساناً مهموماً حزيناً لاول مرة , وكنت انا نفس الشئ ولم يعرف كلانا كيف يتصرف ؟

ونصحنا الاطباء ان يذهب الى ( هايدلبرغ ) حيث يوجد مستشفى متخصص على أعلى مستوى في أورام الرئة .. وهناك قالوا انه من الضروري اجراء عملية لاستئصال الجزء المُصاب ..

واستمر بالمستشفى ثلاثة أيام , وكنت ازوره يومياً حيث لم يكن مسموحاً باقامة المرافقين .. وفي ثالث يوم فوجئت به يقول : - لن استمر في هذا المستشفى , وسأعود للمنزل ولن اجري العملية .. حاولت اقناعه بالجراحة ولكنه رفض باصرار .. ووافق الطبيب المعالج بصعوبة وقال له فكر جيداً واذا اقتنعت عد فوراً لاجراء العملية وإلا ستمـوت !!

وفي المنزل حاول ابي وأمي اقناعه بكل الوسائل , وحاول د . ( محمد الجمال ) - ابن اخيه - قال له الجميع ان لم يكن من اجل نفسك أو من اجل زوجتك فمن اجل ( دانيال ) احب الناس إلى قلبك .. رغم كل ذلك اصر على الرفض وقال ان عمري محدد عند الله .. لو اراد لي الحياة سأعيش ولو بدون عمليات جراحية , ولو اراد لي الموت سأموت حتى ولو اجريت الجراحة .
كان إيمانه واحساسه بالله بلا حدود ..

قالت زوجته ( فالتراو ) هذه الكلمات والدموع في عينيها .. وتستمر في استدعاء الاحداث بصعوبه :

ومع اصراره على عدم اجراء العملية رأى الاطباء ان يذهب إلى ( لندن ) حيث يمكن علاجه بالكيماويات .. وهناك دخل المستشفى واقمت أنا بفندق قريب منه .. وكنت ازوره ثلاث مرات في اليوم , وفي المساء آخذه لتناول العشاء بالخارج ثم اعود به إلى المستشفى ,

وفي تلك الاثناء اصبحت الرؤية عنده مزدوجة .. وقال الاطباء ان المرض اللعين وصل إلى رأسه ومخه .. واستخدموا في العلاج اشعة الراديو وتوقفت بالفعل الازدواجية في الرؤية لكنه فقد كل شعره بسبب الاشعاع .

وفي تشرين الاول عام 1981 قال الاطباء انه لن يعيش اكثر من 4 أو 5 شهور .. وكان يتم نقله وتحريكه في ذلك الوقت بكرسي متحرك .. داخل المستشفى ومن وإلى الطائرة في حالة السفر , وكان بصفه عامة لا يحب الاستمرار في المستشفى .

وأخر مستشفى كان يذهب إليها اسمها ( دار مشتاد ) , وقد نصحت طبيبتة المعالجه بعلاجه بالمسكنات المخدرة لتمنع آلامه الخطيرة , فلم يستطع النوم , وكان يريد الخروج ليلاً أو التمشية بالمنزل .

وإزدادت حالته سوءاً حتى اصبح لا يستطيع ان يجلس بشكل عادي .. كان يستطيع النوم على ظهره فقط , ومع ذلك ظل يرفض الاستمرار في مستشفى ( دار مشتاد ) , لكنه في يوم 7 كانون الثاني 1982 اشتدت آلامه إلى درجة ان طلب بنفسه ان ننقله إلى المستشفى , وكان ابي قد دخل نفس المستشفى قبل ذلك بيوم واحد , فكان ينزل إلى حجرته ليشجعه ويمضي معه الوقت ثم يصعد لينام في غرفته ليلاً .

كنت في هذه الاثناء ازوره ثلاث مرات في اليوم , لكننى كنت اضطر للحضور إلى ( مصر ) ليومين أو ثلاثة لمتابعة العمل في شركة البترول لتسير عجلة العمل وتوقيع الاوراق الهامة وكانت امي و ( اندريا ) و ( دانيال ) يهتمون به اثناء ذلك.

وفي تلك الايام كان كثيراً ما يصاب بغيبوبة , لكنه عندما يفيق يستطيع التعرف على الحاضرين .

وفي يوم الجمعة 29 كانون الثاني 1982 كانت آخر مرة يحدثني فيها , طلب عصير برتقال , لكنه تقيأه بعد لحظات , وجاء يوم السبت 30 كانون الثاني ذهبت لزيارته في الصباح الباكر وفوجئت بحارسش يجلس امام غرفته واذا به يمنعني من الدخول .

وعندما اعلنت اصراري على الدخول استدعى الطبيب بسرعه فجاء وطلب مني الانتظار دقائق قليلة , ثم خرج وسمح لي بالدخول على ان تستمر الزيارة دقائق قليلة جداً , وعرفت انه خلع من جسده اجهزة كثيرة كانت تساعده على التنفس والتغذية .

دخلت لاجده في غيبوبة , وامسكت بيده وربت عليها وقلبي يعتصره آلام رهيبه , وشعرت انه احس بوجودي ولاحظت انه هدأ قليلاً .. ودخل الطبيب ليطلب مني الخروج فطلبت الاستمرار دقائق اخرى فرفض باصرار ووجدت نفسي ارتعش من المنظر , واردت الصراخ لكنني تماسكت بصعوبة , واعاد الدكتور الاجهزة إلى جسده .. الامر المحزن ان وزنه كان حوالي 70 كيلو جراماً , واصبح يتناقص حتى اصبح 40 كيلو جراماً فقط .

كان يوم السبت 30 كانون الثاني 1982 يوم وفاته , وقد نشرت الصحف المصرية باللغة العربية عن وفاة ( جاك بيتون ) بتاريخ اول شباط سنة 1982 وذكر الاعلان انه توفى في 30 كانون الثاني .

اتذكر هذا اليوم عندما عدت من زيارته في صباح ذلك اليوم , وكان يتنفس بالاجهزه .. مرت علي الساعات التالية بعد ذلك وانا منهارة تماماً في المنزل .. وعند الظهر تقريباً تلقيت أقسى صدمتين مرتا علي في حياتي كلها ..

الأولى وهي الاصعب كانت " نبأ وفاته " ,

والثانية وهي غير متوقعة بالمرة وكانت الحقائق المذهلة التي ذكرها لي د. ( محمد الجمال ) بعد ان هاول تهدئتي من صدمة الوفاة .
حقائق ( رأفت الهجان ) .

قال لي في البداية انه ابن اخ ( رأفت ) وليس ابن استاذه في المدرسة الابتدائية .. وان ( جاك بيتون ) اسمه الحقيقي ( رفعت علي سليمان الجمال ) وانه مصري مُسلم .. وليس يهودياً ولا اسرائيلياً .. وانه كان يؤدي مهمة وطنية لبلده ( مصر ) وكان رجل مخابرات ..

وقال لي ارجو ان تسمحي لي ان أقرأ علية بعض آيات القرآن الكريم وان اغسل جسده على الطريقة الاسلامية ثم اصلي عليه ..

ورغم عنف الصدمتين قلت له لا مانع وليكن هذا قبل إجراءات الدفن بالمقبرة .

وفي لمح البصر عادت إلى ذاكرتي تلك الوصايا التي ذكرها لي يوم الخميس قبل وفاته بيومين فقط .. وكانت آخر مرة يتحدث إلى بوعي كامل .

قال لي : إذا توفيت استدعي على الفور صديقنا ابن استاذي د. ( محمد الجمال ) .. وأرجو ان تساعدي ( دانيال ) و ( اندريا ) على الحصول على أعلى قدر من التعليم والنجاح .. واتمنى ان يستكمل ( دانيال ) تعليمه الجامعي ثم الدراسات العليا ويحصل على الدكتوراه ..

وحافظي على استمرار ونجاح شركتنا و أهتمي بالمصريين من الموظفين- وعددهم 28 - فهم اصدقاء وابناء اصدقاء وجيران طفولتي بالقاهرة - وقد اتضح ان معظمهم ابناء اخواته وعائلته واصدقائه - وكرر لي للمرة الاخيرة , اذا احتجت إلى أي شئ بمصر اتصلي بأحد الثلاثة : ( علي والي ) أو ( حسن بلبل ) أو ( إيهاب نافع ) .

وأغرب وصية طلبها باستمرار هي ان يتم دفنه في مقابر المسيحيين وليس مقابر اليهود .. وان احاول بكل جهدي تنفيذ ذلك لانه كان يعلم صعوبة ان يدفن يهودي في مقابر مسيحية .

لقد اتممنا بالفعل اجراءات الدفن في مقابر اسرتي المسيحية , وقام ابن اخيه د. ( محمد الجمال ) بقراءة القرآن والصلاة امام جسده وكان الشخص المصري الوحيد الذي حضر الجنازة .

تقول الزوجة ( فالتراو ) عن مشاعرها عندما اكتشفت في لحظة وفاة زوجها بعد اكثر من 18 عاماً من الحياة السعيدة , انه شخص أخر تماماً غير الذي عرفته وإنه رجل مخابرات !! .. تقول متابعه :

- لا أخفي ان صدمة معرفتي الحقيقة لم تكن اقل عنفاً من صدمة وفاته .. فكلتا الصدمتين مرتبطتان به وكان هو اهم إنسان في حياتي وأب ابنائي ..

وقد شعرت في البداية إنني كنت مخدوعة وتصورت انه لم يكن يثق بي وبالتالي فان حياته كلها معي كانت خداعاً وبدون ثقة رغم الطيبة والحنان والدفء الكبير الذي كان يعاملني ويعامل ابناءنا وأبي وأمي به .
لكنني مع مرور الايام اكتشفت ان العكس تماماً هو الصحيح .. فقد كان من جانبه يقوم بعمل وطني وبطولي من اجل بلده ولابد لي ان احترم ذلك واحبه فيه .

ثانياً ان اخفاءه الحقيقة عني طوال هذا الوقت كان لحمايتي وحماية الاولاد ولو على الاقل من القلق الذي كان سيعيش بداخلنا لمجرد اننا نعرف انه يقوم بمهام خطيرة وان حياته معرضة للخطر في أي لحظة .

وبعد هذه الصدمة يمكنني القول ان نظرتي إلى شخصيته أو رؤيتي لصفاته المحببة إلى لم تتغير مطلقاً , لانني بالفعل كنت استمتع بمعاملته وصفاته الطيبة معي .. كان كريماً وأميناً وصادقاً وذكياً إلى درجة غير عادية .. وكانت ارادته حديدية وكان صبوراً , وكان كل يوم يمر علينا معاً ازداد حباً له , فمن الصعب اذن ان ينتهي هذا الرصيد لمجرد ان اخفى عني حقيقته مضطراً .

كما اقنعت نفسي ان افكر بعقلي فيما عرفته من حقائق مفاجئة , ووجدت انه كان منطقياً جداً فيما كان يفعله وانه لو فعل غير ذلك لكان الخطأ بعينه . فالأعمال البطولية الكبيرة تحتاج اشخاصاً على مستواها , وتحتاج قدرات خاصة وذكاء حاداً , وكل هذه الصفات تجعلني ازداد اعجاباً واحتراماً له .. ولكنني لا اخفي انني ازددت سعادة واعجاباً به عندما اعطاه شعبه المصري حقه من الاعجاب والتقدير كبطل قومي .

وقالت أيضاً :

- ( مصر ) كبلد عريق كنت اعرف بعض الاشياء عن حضارتها العظيمة من خلال الدراسة وبعض القراءات .. ومنذ زواجي من ( جاك بيتون ) أو ( رأفت الهجان ) كان يحدثني عنها على اعتبار انها البلد الذي ولد وعاش طفولته وصباه وشبابه المبكر فيها وانه يحبها بشكل عاطفي واضح .

ولكن منذ عام 1975 بدأ يفكر جدياً في استثمار امواله في ( مصر ) وكنت افسر ذلك على انه يحن لايام الطفولة والنشأة ..

وعدما بدأت احضر إلى ( مصر ) كثيراً منذ أسس الشركة في عام 1978 أحببت ( مصر ) بشكل خرافي .. فأنا اعشق الشمس الدافئة والناس العاديون طيبون ولديهم مشاعر محببة تجاه الغرباء .. وأنا الآن لا اشعر بأي غربة في ( مصر ) على الإطلاق بل انني اشعر كأنها بلدي وأجد فيها الراحة والاستقرار أكثر من ( المانيا ) في الوقت الحالي , وإن كنت لا اخفيك ان الناس في عالم المال يختلفون عن الناس العاديين في أي بيت مصري .


--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
أما ( اندريا ) ابنة السيدة بيتون التي تبناها ( جاك بيتون ) بمجرد زواجهما وكان عمرها 4 سنوات عند الزواج , وهي تبلغ 28 سنة ( وذلك عام 1988 ) فإنها فتاة رقيقة حساسة , تعبر عن حبها لابيها ( رفعت الجمال ) بإحساس مرهف , فتقول عن والدها :

احببت ابي ( جاك بيتون ) جداً كما احبني هو بلا حدود .. كان عطوفاً طيباً كريماً .. وكان مرحاً معي أنا وأخي ( دانيال ) .. وكان يحميني من شقاوته وعنفه كثيراً اثناء طفولتنا .

فقد كنت حساسة ومسالمة وانا صغيرة بينما تغلب على ( دانيال ) صفات الشقاوة والقوة والحيوية .

كان أبي رجل أعمال ناجحاً وله علاقات كثيرة لكنني لم اكن اتدخل أو أعرف الكثير من اعماله .. وكان مثلي الاعلى في شخصيته واخلاقه وكنت احترمه جداً واعتبره افضل رجل في العالم ويأتي عندي في المرتبة التي تلي ( الله ) مباشرةً .

أما شعوري حين علمت ان ابي ( رجل مخابرات مصري ) فقد صدمت في أول الامر وحزنت جداً واعتقدت انه كان يجب ان يخبرنا لاننا اسرته لكنني بمرور الوقت ادركت انه كان مضطراً وكان يخاف علينا ويهمه حمايتنا من أي سوء .. والآن أنا فخورة به لاقصى درجة وأعتبره بطلاً وطنياً .

وعما تعلمت عن ابيها ( رفعت الجمال ) أو ( جاك بيتون ) تقول :

التماسك الاسري و حب الآخرين و الرقة في معاملتهم , الاستقامة والخلق الطيب و الامانة .

ودائماً ما كان يطلب مني ان اكون قوية في مواجهة الحياة لانه كان يراني مفرطة في الحساسية .

* هذا ملخص لأهم مراحل حياة ( رأفت الهجان ) روتها زوجته ( فالتراو ) و ابنته ( اندريا ) .
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

والمعلومات الاخرى التي لدي تشير إلى انه عام 1954 وبعد ازدياد عمليات التفجير وسط القاهرة , والتي طالت العديد من المنشآت الإقتصادية في جميع انحاء ( مصر ) ,

وجدت الثورة من الاهمية بمكان مجابهة العدوان الاسرائيلي التجسسي بتكوين جهاز مخابرات يستقصي المعلومات من داخل الكيان الصهيوني .

وبدأ الجهاز ينشط لاتمام الفكرة وكان ( رأفت الهجان ) أحد الرجال المكلفين بهذه المهمة الصعبة , وبعد تدريب واعداد لاكثر من عام , وبعد اختراق الجالية اليهودية بشخص يدعى رفعت علي سليمان الجمال ( رأفت الهجان ) تحت إسم ( ليفي كوهين ) ومن ثم ( ديفيد شارل سمحون ) إلى فلسطين المحتلة ليصبح أغنى الرجال بعدما اخترق المجتمع الاسرائيلي كأهم رجل اعمال في ( تل ابيب ) .

وفيما امضى ( رأفت الهجان ) أو ( ديفيد شارل سمحون ) داخل المجتمع الاسرائيلي سنوات عدة كانت حافلة بالعمل الجاد والغني , حيث اصبح احد رجال الاقتصاد والسياحة وممن يشار إليهم بالبنان , وبعدما تمكن من ان يخدم بلاده على اكمل وجه , ومع مرور السنين رأى من الضرورة ان يعيش ما تبقى له على هذه المعمورة داخل اسرة فيها الزوجة والولد ,

وبعد استئذان قيادته في ( القاهرة ) تم زواجه من سيدة المجتمع الالماني , حيث نقل مشاريعه بعد ذلك إلى ( المانيا ) .

وبعد صراع مع المرض الخبيث توفى , وبعد شهرين كانت زوجته ( فراو سمحون ) في ( القاهرة ) تستمع إلى أغرب المفاجآت من ( عزيز الجبالي ) احد ضباط المخابرات العامة المصرية عن حياة زوجها والتي لم تعلم بها مطلقاً طيلة حياتها معه سوى ما اخبرها به في الدقائق الاخيرة قبل الوفاة من انه ليس إسرائيلياً ولا يهودياً , وإنما هو مصـري وعربي ومسلم وعليها الاتصال برئيس جهاز المخابرات العامة المصرية كي تعرف كل شئ من اجلها ومن اجل الاولاد .







التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


Some men, see things as they are, and say
"WHY"???

I dream things, that never were,, and say
"WHY NOT"!!!!







 

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:23 AM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية