عرض مشاركة واحدة
قديم 13-05-2014, 02:33 AM   رقم المشاركة : 20
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏204‏)‏
‏{‏ وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ‏}‏

لما ذكر تعالى أن القرآن بصائر للناس وهدى ورحمة أمر تعالى بالإنصات عند تلاوته إعظاماً له واحتراماً، لا كما كان يعتمده كفار قريش المشركون في قولهم‏:‏ ‏{‏لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه‏}‏ الآية، ولكن يتأكد ذلك في الصلاة المكتوبة إذا جهر الإمام بالقراءة، كما روي عن أبي موسى الأشعري قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا‏)‏ ‏"‏أخرجه مسلم في صحيحه ورواه أهل السنن‏"‏‏.‏ وعن أبي هريرة قال‏:‏ كانوا يتكلمون في الصلاة فلما نزلت هذه الآية‏:‏ ‏{‏وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له‏}‏ والآية الأخرى أمروا بالإنصات‏.‏ قال ابن جرير وقال ابن مسعود‏:‏ كنا يسلم بعضنا على بعض في الصلاة فجاء القرآن‏:‏ ‏{‏وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون‏}‏، وقال أيضاً عن بشير بن جابر قال‏:‏ صلى ابن مسعود فسمع ناساً يقرأون مع الإمام، فلما انصرف قال‏:‏ أما آن لكم أن تعقلوا‏:‏ ‏{‏وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا‏}‏ كما أمركم اللّه‏.‏ وقد روى الإمام أحمد عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال‏:‏ ‏(‏هل قرأ أحد منكم معي آنفاً‏؟‏‏)‏ قال رجل‏:‏ نعم يا رسول اللّه، قال‏:‏ ‏(‏إني ما أقول ما لي أنازع القرآن‏)‏، قال‏:‏ فانتهى الناس عن القراءة مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيما جهر بالقراءة من الصلاة حين سمعوا ذلك من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏"‏رواه أحمد وأهل السنن‏"‏‏.‏ وقال عبد اللّه بن المبارك‏:‏ لا يقرأ من وراء الإمام فيما يجهر به الإمام، تكفيهم قراءة الإمام وإن لم يسمعهم صوته، ولكنهم يقرأون فيما لا يجهر به سراً في أنفسهم، ولا يصلح لأحد خلفه أن يقرأ معه فيما يجهر به سراً ولا علانية، فإن اللّه تعالى قال‏:‏ ‏{‏وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون‏}‏‏.‏ وهذا مذهب طائفة من العلماء وهو أحد قولي الشافعية، لما ذكرناه من الأدلة المتقدمة، وقال الشافعي في الجديد‏:‏ يقرأ الفاتحة فقط في سكتات الإمام، وهو قول طائفة من الصحابة والتابعين فمن بعدهم‏.‏

وقال أبو حنيفة وأحمد بن حنبل‏:‏ لا يجب على المأموم قراءة أصلاً في السرية ولا الجهرية بما ورد في الحديث‏:‏ ‏(‏من كان له إمام فقراءته قراءة له‏)‏ ‏"‏هذا الحديث رواه أحمد عن جابر مرفوعاً وهو في الموطأ عن جابر موقوفاً قال ابن كثير‏:‏ وهذا أصح ، وقد أفرد لها الإمام البخاري مصنفاً على حدة، واختار وجوب القراءة خلف الإمام في السرية والجهرية أيضاً، واللّه أعلم، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الآية، يعني في الصلاة المفروضة، وعن مجاهد قال‏:‏ لا بأس إذا قرأ الرجل في غير الصلاة أن يتكلم‏.‏ وقال ابن المبارك عن ثابت بن عجلان قال‏:‏ سمعت ابن جبير يقول في قوله ‏{‏وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا‏}‏ قال‏:‏ الإنصات يوم الأضحى ويوم الفطر ويوم الجمعة، وفيما يجهر به الإمام من الصلاة، وهذا اختيار ابن جرير‏:‏ أن المراد من ذلك الإنصات في الصلاة وفي الخطبة، كما جاء في الأحاديث بالإنصات خلف الإمام وحال الخطبة، وقال الحسن‏:‏ إذا جلست إلى القرآن فأنصت له‏.‏ وعن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏من استمع إلى آية من كتاب اللّه كتبت له حسنة مضاعفة، ومن تلاها كانت له نوراً يوم القيامة‏)‏ ‏"‏رواه الإمام أحمد في المسند‏"‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏205 ‏:‏ 206‏)‏
‏{‏ واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين ‏.‏ إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون ‏}‏

يأمر تعالى بذكره أول النهار وآخره كثيراً كما أمر بعبادته في هذين الوقتين في قوله‏:‏ ‏{‏فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب‏}‏، وقد كان هذا قبل أن تفرض الصلوات الخمس ليلة الإسراء وهذه الآية مكية، وقال ههنا بالغدو وهو أول النهار، والآصال جمع أصيل،

وأما قوله‏:‏ ‏{‏تضرعا وخيفة‏}‏ أي اذكر بك في نفسك رغبة ورهبة وبالقول لا جهراً، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏ودون الجهر من القول‏}‏، وهكذا يستحب أن يكون الذكر خفياً لا يكون نداء وجهراً بليغاً، ولهذا لما سألوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالوا‏:‏ أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه‏؟‏ فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ‏:‏ ‏{‏وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان‏}‏، وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه قال‏:رفع الناس أصواتهم بالدعاء في بعض الأسفار فقال لهم النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصماً ولا غائباً، إن الذي تدعونه سميع قريب أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته‏)‏، وقد يكون المراد من هذه الآية كما في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا‏}‏، فإن المشركين كانوا إذا سمعوا القرآن سبوه وسبوا من جاء به، فأمره اللّه تعالى أن لا يجهر به لئلا ينال منه المشركون، ولا يخافت به عن أصحابه فلا يسمعهم، ليتخذ بين الجهر والإسرار، والمراد الحض على كثرة الذكر من العباد بالغدو والآصال، لئلا يكونوا من الغافلين،

ولهذا مدح الملائكة الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون، فقال‏:‏ ‏{‏إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته‏}‏ الآية، وإنما ذكرهم بهذا ليقتدي بهم في كثرة طاعتهم وعبادتهم، ولهذا شرع لنا السجود ههما لما ذكر سجودهم للّه عزَّ وجلَّ كما جاء في الحديث‏:‏ ‏(‏ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها يتمون الصفوف، الأول فالأول، ويتراصون في الصف‏)‏‏:‏ وهذه أول سجدة في القرآن مما يشرع لتاليها ومستمعها السجود بالإجماع‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس