عرض مشاركة واحدة
قديم 15-12-2006, 09:47 PM   رقم المشاركة : 5
بانـوراما
( ود جديد )
 





بانـوراما غير متصل

"يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوماً لا يجزي والدٌ عن ولدهِ ولا مولودٌ هو جازٍ عن والده شيئاً إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور"



عن أبي عبد الله النعـمان بن بشير رضي الله عـنهما ، قـال : سمعـت رسـول الله صلي الله عـليه وسلم يقول: ( إن الحلال بين ، وإن الحـرام بين ، وبينهما أمـور مشتبهات لا يعـلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات فـقـد استبرأ لديـنه وعـرضه ، ومن وقع في الشبهات وقـع في الحرام ، كـالراعي يـرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه،ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، ألا وإن في الجـسد مضغة إذا صلحـت صلح الجسد كله ، وإذا فـسـدت فـسـد الجسـد كـلـه ، ألا وهي الـقـلب) رواه البخاري
[ رقم : 52 ] ومسلم [ رقم : 1599 ] .




******************** ******************** *********


الفصل الثالث,,



لما اقترب سلطان من النافذة, أحست سارة بقدومه.. فجلست مدبرةً ظهرها له, من شدة الخوف والارتباك..وهي التي لم تستطع الجلوس منذ ساعات.. فلما نظر إليها عبر النافذة وكان لم يدخل بعد.. رآها وقد أدبرت حياءً وخجلاً < فلا لوم >... ثم سمعها وهي تتمتم ..تؤنب نفسها مراراً على أن وضعت نفسها في هذا الموقف الصعب ,, فأدرك سلطان حالها واستدرك الموقف بذكاء,, فقال وقد تمالك أعصابه وجمع قواه وارتد أنفاسه...........

السلام عليكم ورحمة الله..(من أجل أن يطمئنها)..فليست عادته السلام...

سارة بهمس لا يكاد يسمع: وعليكم السلام ................

سلطان ومن خارج النافذة: ما أدري اقدر ادخل ولك الأمان ولاّ ؟؟؟؟

سارة اشتد بها الوجل وانعقد لسانها فلم تنطق!!!

سلطان: إذا ما تسمحين ترا عادي بكلمك من هنا بس واجهيني على الأقل ...........

بقيت سارة مدبرة ظهرها إلى سلطان دون حراك لبضع دقائق,, حدتث فيها نفسها بأنه يجب أن تكون قوية شجاعة, وبأنها فرصة العمر الوحيدة لترى فيها من أحبته,, خصوصاً وأن هذه المقابلة الغير شرعية هي الأولى والأخيرة.......الخ,, حتى وصلت بها الجرأة والحماسة أن تقبل إليه وتريه حسن وجهها والذي قد سترته من أعين الرجال طول حياتها عفةً وحشمةً وديناً.............. ....

التفتت إليه بسرعة ..و بنظرات كعيني الصقر, طأطأ سلطان رأسه حيناً ثم عاد لتقع عينيه على عينيها.. في لحظات صمت كأنها الحلم,, وليدهش كل واحد منهما بجمال الآخر, لم يصدق سلطان ما رأت عينيه, كما أن سارة لم تكن قد نظرت قبل إلى شاب وسيم بهذه الدرجة كسلطان..

بعد أن حصل اللقاء وكأن القمر في تلك الليلة قد أمسى ثلاثة ..قمران في الأرض والثالث في السماء.. لم يدخل سلطان في تلك الليلة بل اكتفى بالحديث والنظر من خلف النافذة, وكان لسارة ما اشترطت فلا مساس ولا التماس ......

أُعجِبت سارة من تلك المقابلة بما فيها من رومانسية لم تعهدها من قبل, وإثارة أخرجتها من عزلتها في الحياة, بل لقد ازدادت إعجابا بذلك السلطان, ليس لجاذبيته فقط !! بل لحسن تصرفه وذكائه أيضاً, ونبله وصدق مشاعره حيث تجلى ذلك في تحقيق شرطها وإجابة طلبها, فهاهي قد أحست بالأمان معه والاطمئنان إليه..,

مع مرور الأيام الطوال, وتغير الأحوال, أصبح سلطان دائم التردد على غرفة سارة, يجمعهم هناك الحب والعشق الشريف, وتبادل الأحاسيس, وفضفضة الهموم, ورسم المستقبل, وأحاديث أخرى عن هذه الدنيا ومشاكلها...


لاحظ أصحاب سلطان أنه قد تغير كثيراً في الفترة الأخيرة, حيث أنه لم يعد يطيق الجلوس معهم مثل سابق عهده, ولم يعد يرتاح لواقعهم الكئيب.. ذاك الواقع الذي كان ظاهره السعادة والمتعة.. وباطنه الضنك والهم..بل إن أحدهم قد أخبرهم بأن سلطان أخذ ما جمعه في سنينه الطويلة مع الجنس الناعم من أرقام هواتف وصور ومذكرات ورسائل غرام وأشرطة مسجل وفديو وهدايا وذكريات...... جمعها في يوم واحد و أشعل فيها النار..!! فلا سقيا لتلك الأيام التي قد خلت.......

وحقيقة ما حصل لسلطان.. أنه قد بدأ يتأثر بآراء سارة وتوجهاتها المتدينة, ونصائحها المتكررة, وإن كان قد حصل منها ما حصل( فما زال في المؤمن خير ما لم يكفر..!), وكل بحسب إيمانه......

لم يعد يترك سلطان الصلاة كما كان في الماضي, كما أنه قاطع أصحاب السوء, بل إنه باع استراحة الفساد" بثمن بخس...", كما أقلع عن التدخين فحسنت أخلاقه مع الآخرين....... باختصار ,, عرف معنى الحياة بشكل أوسع, وعقل انضج.. فالحياة تجارب,,,,

لقد تعاهدا على أن لا يتزوج أحدهما إلا الآخر.. وكانت كل ليلة تمر من أعمارهما يزداد فيها حبهما لبعض, فتتآلف الأرواح وتسكن النفس بالارتياح, وفي كل تلك المدة لم يهم احدهما على الآخر بسوء, ولم يتجاوز أحدها حدود الأدب.. فضلاً عن شبك الأيادي أو تبادل القبلات أو غيرها من المحذورات...,

ولكن الزمن كفيل بتطور العلاقات, وقد حمل في طياته أقدار الله تعالى, فكل شيء قد لا تتوقعه.. يأتي بالتدريج, كما أن كثرة المساس تميت الإحساس.. وما عظيم النار إلا من مستصغر الشرر....

تمر الأيام فتشتبك الأكف,, وما هي إلا أيام أخر ليأتي العناق,وقد نسيا أو أنسيا قول الله تعالى"ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشةً وساء سبيلاً",, وما يجرى الآن هو القرب من الزنى بل ويفضي إليه,, وقال الرسول صلى الله عليه وسلم "ما خلى رجل بامرأة إلى كان الشيطان ثالثهما"..

حتى جاءت تلك الليلة لتحدث فيها عقوبة عصيان أوامر الله ومغبة ارتكاب نواهيه ....

ففي ليلة سوداء معتمة,ظلماء قاتمة, التقى العشيقان كالعادة..وفي بضع ثوان قليلة.. أصبح الاثنين فيها ثلاثة!! فما ظنكم باثنين ثالثهما الشيطان؟؟؟؟ ليلةٌ وضعت العين فيها بالعين, واليد باليد, وتقاربت الأجساد, فثارت الغرائز لتغطي العقول, وتفجرت براكين الشهوة, ليقعوا في كبيرة من الكبائر وفي حد من حدود الله ,, فـ"همت به وهم بها".. لتحصل الزلة, وتحل اللعنة, وتنقلب موازين الحياة, عندما أتاها كما يأتي الرجل حليلته....نعم في بضع ثوان قليلة !!!!

ذهلا العشيقان مما حدث...بعد أن عاد العقل إلى صوابه, والبركان إلى ركوده,, وفي لحظات ندم وحسرة يجوبها السكون, وقد ملأت الدموع العيون, خرج سلطان من تلك الغرفة, ومن ذات النافذة <والذي كان قد دخل منها مراراً>... وقد عزم أن لا يعود إليها ثانية... فبأي وجه يقابلها وقد خان عهده لها, وأي عذر يعتذر لها وقد لطخ شرفها... فما بقي له من خيار إلا أن يغادر بلا رجوع, لعل الله أن يحدث بعد ذلك أمراً.... .............

بعد شهر واحد من تلك الأيام العصيبة, والتي مرت سنين كسنين يوسف على الحبيبين وقد تباعدا, وحصل بينهما ما حصل ..يأتي قدر الله بصاعقة عظمى وطامة كبرى ...أدهى وأمر من سابقاتها............

بكل أسف وأسى.. تكتشف سارة أنها حامل...!!!

بعد ذلك الحدث الجلل.. ذرفت دموع سارة كالسيل فما جفت عينيها قط.. ولسان حالها... "يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً"... فلم تذق طعم النوم أبداً ,, حتى ذبل جسمها الجميل, ونحل عودها الرقيق, فبقيت طريحة الفراش ...

تناقل الناس خبر حملها بسرعة البرق < ليزداد الطين بلة ,والأمر علة > ,,فما أسرع ما تنتشر الأخبار السيئة,,

تدور عجلة الحياة بلا توقف لتمر أشهر الحمل ويأتي المخاض فترفض سارة الذهاب للمستشفى خشية الناس <فقد كرهت الناس من زمن بعيد> ولتستر ما يمكن ستره ..ولتجعل ما سيلُم بها من ألم.. كفارةً لذنوبها وإعلاناً لتوبتها .. اشتد الألم واستدعيت الجارات القريبات ليساعدن أم صالح في توليد سارة....

وبعد أن اشتد المخاض في آخر ساعات يوم الجمعة وأبركها.. وبعد تلك الأدعية التي خرجت من قلب تائبة لله ترجو رحمته وتخاف عذابه.. أنجبت سارة مولدة "بنت"........وبع د الولادة مباشرة.. والنساء منشغلات بالطفلة, سرعان ما ترتفع حرارة سارة ويزداد خفقان قلبها قوة وسرعة... فيسرعن النساء لتكميدها, ومحاولة إنزال درجة حرارتها, والعناية بها , إلا أن قدر الله كان اسبق.. والموت إليها أسرع ..."هو الذي يحيي ويميت فإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون"..............


ترتج القرية بخبر انتقال سارة إلى جوار ربها, وقد تركت لوالديها هم ذلك العار... (رحمة)" سمتها جدتها بهذا الاسم لعل الله أن يرحم أمها بها فتكون شفيعة لها"......... ...

سارة والتي أخطأت خطأ عظيماً, وارتكبت ذنباً كبيراً.., هي في الواقع مؤمنة تائبة .....لم تكفر بالله ولم تخرج من الملة!! فبالرغم من ذلك مازالت في أعين أهل القرية ( سارة الزانية ) ....فلم يغسل جسدها بالماء والسدر ..الماء يكفي.. لأن السدر لا يجوز بحقها (زعموا) .., ثم لفت في أثوابها الخمس (الكفن)....فما صلى عليها سوى ثلاثة من رجال القرية وأمها فقط , وقد اختلف أهل القرية الحكماء في أمر مهم ....أين تدفن؟؟ فهل ندفنها في مقبرة القرية مع آبائنا وأمهاتنا وإخواننا وذوينا..؟؟؟ أم ندفنها في طرف مزرعة والدها, حتى لا يقال " لقد دفنوا في مقابرهم زانية" ...........


حملت على الرقاب بليل....وحفر قبرها في طرف مزرعة والدها كما خطط له... قام والدها <والذي قد تقطع حسرة> بإنزالها إلى القبر...وجهَت إلى القبلة, وبُنِيَ عليها اللحد, وقام الناس يتخطفون الطين من كل مكان.. ويهيلون التراب عليها.... "وقد سُمِع في تلك اللحظة من يتعوذ من حالها ويستعيذ من مآلها .........تلك النهاية المبكية كانت نهاية الحسناء سارة .....ولكن ماذا عن سلطان؟؟؟؟؟؟؟





وفروا الدموع.......حين نكمل,,