بسم الله الرحمان الرحيم ،
لا أدري كيف أخذت قلمي وانزويت في ركن من أركان مكتبي لأخطّ هذه الكلمات بعد قراءة هذه القصّة المؤثّرة والمعبّرة ، لن أحاول أن أوجّه الإتّهامات لأبحث عن مبرر لهذه الحماقات التي ترتكب آلاف المرات ليس على مستوى الأنترنات الذي يبقى بريئا من تحمّل أيّ قسط منها ، لأنّ ما تطالعنا به وللأسف مجتمعاتنا اليوم من فضاعات وشناعات أعظم مما قرأت ...لاأدري ما أقول ولكن شئت أن أكتب وكأنّي أجاري صاحبة المقال في إطلاق صيحة فزع على ما أصابنا نحن شباب العرب ، بعد أن أصبحت السمة الأساسية لثقافتنا الضياع والتهميش والعجز عن فهم جواهر الأشياء ، بعد أن تحولنا للأسف إلى عبدة للقشور وإلى مستهلكين أوفياء لما ينتجه الغرب من تفاهات ، أقول هذا وأنا الذي عرفت الغرب واقتربت من مثقفيه وأدركت درجة الرقي والتقدم العلمي عنده وحاولت في فترة من فترات دراستي أن أستقرأ أسباب التقدّم عنده لأجيب عن سؤال ظلّ يشغلني طويلا لماذا نحن متخلفون ، لماذا كل العالم يتقدم ونحن نخرّج يوميا مشاريع جديدة للضياع ، أين مبادئنا ، أين حضارتنا ، أين شهامتنا ، أين تقاليدنا ..أراجع الإحصائيات التي تصدرها المنظمات العالمية فتزداد حيرتي وأجد أن مجتمعاتنا العربية هي التي تعرف أكثر نسبة من الأمية ، أفتح جهاز التلفزة لأشاهد البرامج في القنوات العربية ، فيتملكني الفزع لهذه النمطية الجديدة في توجيه البرامج التي ليس لها من هدف سوى تتفيه الشباب وجعلهم ينتمون إلى دوامة اللائنتماء والتخبط والمغالاة في لعب دور الببغاء الذي لم يحفظ سوى آلية إجترار الكلام دون فهم معانيه ..أخرج للشارع فأعاين يوميا ما سماه أحد الفلاسفة " الإنسان ذو البعد الواحد " نفس اللباس ، نفس تسريحة الشعر ، نفس الإهتمامات ...أحاول فهم حقيقة ما يجري فيطبق علي الإحساس بالإغتراب ..لا ليس هذا عالمي ..أحفر في الذاكرة فأرجع بها إلى سنوات مضت فأتذكر جيلي أتذكّر محاوراتنا واهتماماتنا وخصوماتنا الطفولية وتعصبنا الطفولي لذلك الكاتب أو لتلك الإيديولوجيا ..أتذكّر أحلامنا النبيلة التي نراها اليوم تجهض وتقتل ..أسترجع لحظات تمتعنا وانتشائنا بالألحان والأنغام الرائدة التي تربت عليها أسماعنا وأقارنها اليوم بالفقاقيع التي تهاجم شبابنا لتصقل ميولاته الفنية في الإبتذال والتفاهة .....تحاصرني عديد الأسئلة وأكتفي بالقول كيف سيكون الغد ؟ هل كنا في مستوى المسؤولية وهل هيئنا لأجيالنا القادمة ما يضمن دعامة هذه الأمّة التي كانت خير أمّة أخرجت للناس ؟