( 3 ) الإعجاز الوصفي في قوله تعالى :
الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُون (4) سورة الروم
استخدم علماء التفسير هذه الآية في الاستشهاد على الإعجاز التنبؤي للقرآن الكريم ، فهي تخبر عن معركة لم تكن قد قامت بعد بين الفرس والروم ، وأخبرت أنها ستحدث بعد بضع سنوات .
وحدثت المعركة بالفعل سنة 613 م حين هزمت جيوش الفرس جيش الإمبراطورية الرومانية ؛ وفي سنة 624م عادت جيوش الإمبراطورية الرومانية لهزيمة الفرس وهي نفس السنة التي انتصر فيها المسلمون في معركة بدر الكبرى .
ومن الناحية العلمية فلفظ أَدْنَى فيه إعجاز مبهر للغاية ، لأن أدنى تأتي في اللغة بمعنى أقرب ، كما تأتي بمعنى أخفض ،
قال المفسرون : أنها بمعنى أقرب مكان للجزيرة العربية ، والمعركة وقعت في أرض فلسطين وهي أقرب مكان للجزيرة العربية .
ثم يأتي العلم ليؤكد أن حوض البحر الميت الذي تمت حوله المعركة هو أكثر أجزاء اليابسة انخفاضا على الإطلاق ، إذ يبلغ انخفاضه حوالي أربعمائة متر تحت مستوى اليابسة .
وحوض البحر الميت هو المنطقة التي سكنها قوم لوط الذين عاقبهم الله تعالى بالخسف فيها ، فلا يوجد على سطح الأرض منطقة أخفض من حوض البحر الميت ، قال تعالى : فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ (82) مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83) سورة هود
ومن هنا جاء وصف القرآن الكريم للمنطقة التي وقعت فيها المعركة بهذه الدقة العلمية بين القرب والانخفاض في قوله تعالى : أَدْنَى الْأَرْضِ .
المصدر : كتاب من آيات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم - الدكتور زغلول النجار