الاحبة فى الله
اقرأ تأمل
أعلنت هيئة استشارية تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" أن الولايات المتحدة خسرت حرب الأفكار في العالم الإسلامي إذ تعجز عن توضيح سياستها للمسلمين القلقين من النوايا الأمريكية. ودعت هيئة علوم الدفاع لإنشاء جهاز "اتصال استراتيجي" داخل البيت الأبيض وإصلاح دبلوماسية التعامل مع الجمهور وجهود العلاقات العامة وتوزيع المعلومات في وزارتي الدفاع والخارجية. وقال التقرير إنه "إذا أردنا حقًا أن نرى العالم الإسلامي ككل والدول الناطقة بالعربية بخاصة تتحرك أكثر صوب فهمنا للوسطية والتسامح فيتعين علينا أن نؤكد للمسلمين مجددًا أن هذا لا يعني أنه يجب عليهم الرضوخ للطريقة الأمريكية". وأضاف "إن المسلمين لا يكرهون حريتنا ولكنهم يكرهون سياستنا". ويتهم تقرير المستشارين الذي ورد في 102 صفحة وتسلم وزير الدفاع دونالد رمسفيلد نسخة منه المؤسسات الأمريكية بأنها قطعت "الاتصالات الإستراتيجية" ودعا إلى إعادة تنظيم عامة للبنى السياسية والدبلوماسية وكذلك الإعلامية. وأكد خصوصًا على إقامة "هيكلية إعلامية إستراتيجية" داخل مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض. وقال "إن الصورة السلبية عن أمريكا لدى الرأي العام العالمي وعجزها عن الإقناع ناجمان أيضًا عن عوامل أخرى غير الفشل في وضع استراتيجيات اتصال". وقال هؤلاء المستشارون إن "الغالبية العظمى عبرت عن اعتراضاتها لما يعتبرونه دعمًا متحيزًا لإسرائيل ضد الحقوق الفلسطينية ودعمًا دائمًا بل ومتزايدًا لما يعتبره المسلمون بصفة عامة حكومات طغيان تتمثل أكثر ما يكون في مصر والسعودية والأردن وباكستان".
يقول مساعد وزير الخارجية الأمريكية السابق إدوارد دجيرجيان قد ألقى خطابا مهما في مركز ميريديان العالمي بعد أن أنهى زيارة كانت له للخليج قال فيه " … إن السياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط خلال عقد التسعينات لن تكون مبنية فقط على حماية مصادر الطاقة ، وحل النزاع العربي الإسرائيلي ، بل على عمود ثالث ذي أهمية مماثلة يتعلق بضمان حقوق الإنسان ، والتعددية ، وحقوق النساء ، والمشاركة الشعبية في الحكم " وأضاف مهددا الأنظمة في الشرق الأوسط : " إن تلك الأنظمة التي تبدي استعدادها لاتخاذ خطوات محددة باتجاه الانتخابات الحرة ، وإنشاء الأجهزة القضائية المستقلة ، وتعزيز حكم القانون ، وتقليص القيود على الصحافة ، واحترام حقوق الأقليات ، وحقوق الفرد ، سوف تجد أننا مستعدون للاعتراف بجهودهم ودعمها ، كما أن أولئك الذين يتحركون في الاتجاه المعاكس سوف يجدون أننا سنكون مستعدين للتحدث بصراحة ، والتصرف وفقا لذلك ".
ويلاحظ بعد ذلك أن الدول في الشرق الأوسط قد بدأت ومنذ ذلك التاريخ تسير ببطئ وبشكل متفاوت في تطبيق " العمود الثالث " للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط ، أي أنها بدأت في الشروع بالانتخابات والسير في تقليص القيود على الصحافة وفي اتجاه تكريس " حقوق الإنسان " و "حقوق الأقليات " و" حقوق المرأة " . كما يلاحظ بدء تأزم العلاقة بين أمريكا وبعض أنظمة عملائها من مثل النظام المصري والسعودي لتدخل أمريكا السافر أحيانا في شؤون تلك الأنظمة الداخلية باتجاه السير في طريق الإصلاحات _ حسب الطريقة الأمريكية _ دون كبير حساب للتأثيرات الداخلية السلبية على أولئك الحكام .
ولعل أحداث 11 أيلول/سبتمبر كانت سببا في إدراج " العمود الثالث " في سياسة أمريكا تجاه الشرق الأوسط بقوة ، وإكساب هذا " العمود " كل هذه الأهمية يعود إلى تذرع الإدارة الأمريكية بتجفيف منابع الإرهاب ، وللسعي إلى تكريس استقرار المنطقة بشكل عام ، فالإدارة الأمريكية بدأت تظهر أن بواعث الإرهاب الذي استغلته سنين طوال إنفاذا لسياستها في العالم تعود إلى ارتفاع معدلات النمو السكانية في مجتمعات الشرق الأوسط ، إضافة إلى ازدياد رقعة الفقر والقمع فيها وعدم المساواة ، وهذا ما كشفه تقرير المجلس القومي الأمريكي للأبحاث _ وهو هيئة مستقلة يقدم للكونغرس والحكومة الأمريكية ما يتعلق بنطاق واسع من القضايا _ حيث جاء فيه : " إن أساليب الردع التقليدية التي مورست خلال عقود من الحرب الباردة لن تكون كافية بمفردها لوقف الإرهاب " ، وأضاف التقرير في إشارة إلى فهم الجذور الرئيسية للإرهاب بقوله " تقوم العديد من المجتمعات بتعزيز الإرهاب من جراء النمو السكاني المرتفع ، وعدم المساواة اقتصاديا ، والفقر ، وعندما تمتزج كل هذه العوامل مع أفكار قوية مناهضة للغرب يحركها في بعض الأحيان واعز ديني يكون المجال خصبا لمساندة الإرهاب " .
والراجح لفهم ما يدور أن أمريكا وبعد عقد من سياساتها الشرق أوسطية الجديدة لم تلمس جدوى حقيقية أو تغييرا مشجعا في مجتمعات الشرق الأوسط _ حسب مواصفات الإصلاحات التي وضعتها _ مما حملها على البدء بالضغط بشكل آخر على تلك المجتمعات ، وبالتحديد من خلال التلويح بالعصا بالإضافة إلى نزول أمريكا ميدانيا لتحقيق النتائج على الشكل المطلوب ، وهذا ما تؤكده مطالبات واشنطن المتكررة للأنظمة لإصلاح المؤسسات المالية والاقتصادية في الشرق الأوسط ، انسجاما مع سياساتها الجديدة ، والتي تريد صياغة المنطقة وإجراء ترتيبات فيها حسبها ، وقد كشف النقاب في الآونة الأخيرة عن نية إدارة بوش شن حملة دبلوماسية _ إعلامية لتعزيز المفاهيم والممارسات الديموقراطية في العالم العربي وإيران وتهدف إلى إصلاح وتطوير المؤسسات التعليمية والاقتصادية والسياسية ، والدفاع عن حقوق الإنسان في دول المنطقة ، وذلك في سياق مساعيها لمواجهة واحتواء مضاعفات هجمات سبتمبر " الإرهابية " كما تدعي ، حيث أخذت تظهر أن الأنظمة السياسية السلطوية خلقت أرضا خصبة للتطرف والإرهاب ، وسيكشف الوزير كولن باول كما ذكرت بعض المصادر عن الخطة الإصلاحية الشهر المقبل ، والتي تتضمن تمويلا لبرامج أولية لتدريب الناشطين السياسيين والصحفيين وقادة النقابات في المنطقة .
وفي الوقت الذي تعمل فيه أمريكا على تعزيز ما يسمى بالديموقراطية وحقوق الإنسان وما يسمى بالتنمية المستدامة ، وتطالب بإجراء إصلاحات على طريقتها سواء على صعيد الأنظمة وعلاقتها بالشعوب ، أو على صعيد صياغة الأعراف العامة عند أهل المنطقة ، فإنها تقوم في المقابل بوضع يدها على الناحية الأمنية في المنطقة سواء من حيث التواجد الكثيف لقواتها ، أو على صعيد ارتباط كثير من أجهزة الأمن العربية بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية تحت شعار التعاون والتنسيق من أجل مكافحة " الإرهاب " ، إضافة إلى صناعة أبواق إعلامية تستطيع بواسطتها صياغة الرأي العام داخل المنطقة ، واستعمال تلك الأبواق كعصا غليظة إذا لزم الأمر في وجه بعض الحكام .
وسوف نتابع
ان شاء الله
الى الله المشتكى ونفوض الامر الى الله
الاسلام بخير