رغم الخيبة الكبيرة التي منيت بها الشعوب الإسلامية جراء الفشل الذريع الذي لحق بمؤتمر القمة العربي ومؤتمر القمة الإسلامي الذين عقدا مؤخراً في شرم الشيخ والدوحة، ورغم الخسائر المادية الفادحة التي لحقت بخزينة المسلمين جراء إنفاقهم الباذخ للأموال على مؤتمراتهم تلك، ورغم المرارة التي لحقت بالمسلمين في العراق وفلسطين أن عجز هؤلاء الرويبضات عن تقديم أي عون يذكر لهم، ورغم كافة السلبيات المنظورة وغير المنظورة في هذين المؤتمرين، فإن الفائدة التي حصلت لعامة المسلمين كبيرة جداً، حيث شهد هؤلاء الزعماء على أنفسهم أنهم عملاء، وتبادلوا الاتهامات بالعمالة والخيانة علناً، وعلى الملأ، وعبر وسائل الإعلام الفضائية والأرضية، وببث حي ومباشر. وليس أحد منهم بأوثق عندنا من الآخر حتى نصدق أو نكذب ادعاءاتهم واتهامامتهم، فإن صدقوا تثبت التهم عليهم، وإن كذبوا فحسبهم ذلك إثماً ونقيصة. أخرج الهيثمي والطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة يبغضهم الله: ملك كذاب وعائل مستكبر وغني بخيل".
ما حاجتنا بحكام كهؤلاء، لا يقاتلون لنا عدواً، ولا يدفعون عنا غائلاً، ولا يحفظون لنا ذمة. ما حاجتنا ببقائهم وهم لا يثأرون لقتلانا، ولا تحرك مشاعرَهم مذابحُنا، ولا تؤثر فيهم مشاهد هدم بيوتنا على رؤؤسنا، ولا يثير حفيظتَهم تدنيسُ مقدساتنا، لا يسهلون حركتنا إذا تنقلنا، ولا يرحبون بنا إذا قدمنا. إنهم لا يكترثون بتعطيل قرآننا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، وليس بيننا وبينهم مودة أو رحمة، فهم لا يفرحون بفرحنا، ولا يحزنون على مصابنا، وفوق ذلك يقتلون أبناءنا، ويستحيون نساءنا، ويعينون عدوَّنا علينا، ويستأثرون بفيئنا. قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى من سورة الكهف: {قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما}، في هذه الآية دليل أن الملكَ فرضٌ عليه أن يقوم بحماية الخلق في حفظ بيضتهم، وسد فرجتهم، وإصلاح ثغورهم، من أموالهم التي تفيء عليهم، وحقوقهم التي تجمعها خزانتهم تحت يده ونظره، حتى لو أكلتها الحقوق، وأنفذتها المؤن، لكان عليهم جبرُ ذلك من أموالهم، وعليه حسن النظر لهم، وذلك بثلاثة شروط، الأول: ألا يستأثر عليهم بشيء، الثاني: أن يبدأ بأهل الحاجة فيعينهم، الثالث: أن يسوي في العطاء بينهم على قدر منازلهم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.
الحمد لله الذي جعل من صلاح هذه الأمة نصبَ الإمام العادل، وجعله قصدَ كل جائر وقوامَ كلِّ مائل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائل: {وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل}، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله القائل: "ما من عبد يسترعيه اللَّه رعية يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته إلا حرم اللَّه عليه الجنة"، مُتَّفَقٌ عليه، وبعد أيها الناس: ماذا يعني انكشاف حكام العرب والمسلمين أنهم عملاء رداحون؟ وما هي الفوائد المترتبة على ذلك؟ اعلموا رحمكم الله أن الأمة الإسلامية لا يمكن أن تعطي قيادتها لخائن أو جاهل أو جبان أو عميل، وإذا تأكد لها أن حاكمها يتصف بهذه الصفات أو بعضها فإنها تأخذ بحلاقيمه، وتنزله عن كرسي الحكم، وترمي به على قارعة الطريق السياسي. وإذا نُزعت الثقة بين الحاكم والمحكوم، وضُربت العلاقة بينهما فإن الحاكم دوماً هو الخاسر، والأمة دوماً هي المنتصرة. فالأمة طوفان يجتاح عدوها مهما كان عدده ومهما بلغت قوته، والأمة بركان يسحق كلَّ من تسول له نفسه الوقوفَ في وجه طموحاتها وتطلعاتها. والمهم أن تعيَ الأمةُ على الحقائق، وتدرك طبيعة المؤامرة والكيد، وتعطي قيادتها لأبنائها البررة المخلصين العاملين الجادين والهادفين لرفعتها ونهضتها وإعادة بناء دولتها، وتطبيق شريعتها.
أيها الناس: وانكشاف عمالة الحكام ونذالتهم يعني فيما يعنيه انفضاضَ المخلصين من أبناء المسلمين عنهم، عسكريين وسياسيين وتجاراً وموظفين، ويعني كذلك مضاعفة أعداد العاملين المخلصين لإزالتهم والتخلص منهم أضعافاً كثيرة، وتعني نضوج الرأي العام عند المسلمين ضدهم، وتعني قرب احتضان الأمة الإسلامية للعاملين المخلصين، ودنو الانتفاضة الإنقلابية على عروش الظلم والطغيان والعمالة والخيانة، وإقامة الخلافة الثانية الراشدة على منهاج النبوة على أنقاض تلك العروش. وتعني أيضاً المزيد من تكاتف أبناء الجماعات الإسلامية المخلصة والمصممة على رفض أحكام الطاغوت الوضعية والجاهلية، والعمل بأحكام الله التي نزلت من فوق سبع سماوات. وتعني تشخيص الأمة لأعدائها المباشرين وغير المباشرين، فتتخذ حالة العداء معهم دون إبطاء أو تأخير أو تأويل. وتلك مغانم حقيقية كسبتها الأمة، ومحطات متقدمة في درب الدعوة أنجزها الله للعاملين، وكلها عوامل تسريع في صعود نجم الدعوة وصولاً إلى الخلافة، ومعاول هدم في بنية دويلات الضرار وصولاً إلى إزالتها قريباً بإذن الله. {والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون}.
********************منقول***********
وهكذا يعتقد البعض
وقبل ان نحكم على الامور
نبحث فى جدية الكلام وذلك المنظور
شكرا جزيلا
لتفاعلكم مع الحدث
ودمتم بود