عرض مشاركة واحدة
قديم 28-10-2004, 07:34 AM   رقم المشاركة : 6
الطف ما خلق ربي
( ود فعّال )
 
الصورة الرمزية الطف ما خلق ربي
 





الطف ما خلق ربي غير متصل

لشهيد محمد عدنان الغول

ترجل لتبقى أناشيد الحياة أكبر من أغنية الموت

لم يكن في حسابات أحد من الحاضرين لحفل التخرج الذي أقامته الكتلة الإسلامية في جامعة النجاح الوطنية أن الطالب محمد الغول كان يرثي نفسه في كلمة الخريجين التي ألقاها بالجموع لتكون كلمة الوداع والتأبين.

فقبل عام من الآن كانت فلسطين على موعد مع رحيل فارس طالما أحبت صلاته في جوف محاريب مساجدها، وترددت تراتيله في إرجاء جنباتها، فهذا الشهيد الذي ولد في مخيم الفارعة قرب نابلس في عام 1978 لأسرة متدينة عرف عنها التقوى والصلاح، وأحب ارتياد المساجد منذ أن كان صغيرا ليلتحق بحركة المقاومة الإسلامية حماس ويكون أحد الناشطين بين أشبالها قبل أن يحفظ القرآن الكريم كاملا ويتقن أحكام تلاوته وترتيله ليلتحق بجامعة النجاح الوطنية لدارسة علوم الفقه والتشريع في كلية الشريعة حيث تفوق في دراسته وكان الأول على دفعته عند تخرجه من الجامعة عام 2002.

أثناء الدراسة كان محمد أحد الناشطين والفاعلين في صفوف الكتلة الإسلامية وانتخب رئيسا لنوادي كلية الشريعة بعد أن كان أمير الكتلة الإسلامية فيها وقد عرف عنه شدة الالتزام والحرص على الوفاء بالعهود والمواثيق التي كان يقطعها على نفسه وشفافيته العالية في التعامل مع الناس وطيبة قلبه اللافتة للنظر وتعلقه الشديد بتلاوة القرآن الكريم وصلاة النوافل وحرصه على أداء الفرائض جماعية ليكون بذلك صورة حيّة للشاب الملتزم الهادئ الوقور.

نجح محمد في حياته العملية نجاحا كبيرا حين تخرج من دراسة الشريعة وأنهى خطة البكالوريوس في قسم الفقه والتشريع بتفوق وامتياز وبترتيب الأول على دفعة الخريجين عام 2002 ومنحته الجامعة منحة لمواصلة دراسته فالتحق بكلية الدراسات العليا فقد كان يعلم أن الناس يحتاجون إلى من يعلمهم أمور دينهم ويحتاجون كذلك إلى من يعلمهم التضحية والفداء، فكان محمد رجل العلم والإيمان ورجل السلاح والميدان وابن كتائب القسام.

وقبل أن ينفذ محمد عمليته الاستشهادية وينال ما عاش يحلم بتحقيقه ألقى كلمة الخريجين في حفل التخرج في جامعة النجاح، فحمد الله وأثنى عليه وانطلقت العبرات من عيون الحاضرين حين بدأ باستحضار شهداء كلية الشريعة من زملائه وأحبته، فتحدث عن شهداء القسام القادة من حفظة القرآن وأدى التحية لكريم مفارجة وطاهر جرارعة ومحمود المدني وعاهدهم على البقاء على طريقهم والسير على نهجهم وتحدث عن ثقافة الاستشهاد وفلسفة الموت في طلب الحياة ورد بعبارات مختصرة على من ينكر على الفلسطينيين تضحياتهم حين قال "نحن لا نردد أغنية الموت... بل نتلو أناشيد الحياة".

حيا زملاءه الشهداء وأساتذته الأفاضل واستفاض بالحديث عن الأيام الرائعة التي قضاها في كنف الكتلة الإسلامية ينهل من معينها الذي لا ينضب لكن لم يكن ليخطر ببال احد من الحضور أن محمد بهذه الكلمات إنما يودع الحضور ويستأذنهم بالخروج من عالمهم والرحيل عن دنياهم إلى ما هو لأغو وأبقى وأكرم وأنعم، لقد اختار محمد طريقه وكان الرحيل إلى الجنة.