عرض مشاركة واحدة
قديم 12-10-2004, 01:22 AM   رقم المشاركة : 3
محمدعبدالوهاب
( كاتب الود الأول )
 






محمدعبدالوهاب غير متصل

"بوش وكيري: أساليب متباينة نتيجتها واحدة"


الكثير كتب حديثا عن الأساليب المتباينة لاتخاذ القرارات بين مرشحي الرآسة الأمريكية جورج دبيلو بوش و جون كيري. حسب الكتب والمقابلات الصحفية وبإجماع المطلعين فإن بوش هو رئيس يتبع أسلوب رؤساء الشركات حيث أنه يركز عل "الصورة الكبيرة" ومن ثم يختار الإتجاه الأخلاقي ويتابع بتصميم لا يتزعزع فيلتزم بالسياسات التي اقتنع بها من مستشاريه والتي تتماشى مع رؤيته. ولكن ما يعرف عن كيري هو أنه "كثير المشاورة" و "متأني" كما أنه يتابع أكثر من وجهة نظر وليس عنده صورة كبيرة واضحة. كما أنه لا يأخذ أحد الإتجاهات بناء على عقيدة محددة وواضحة وعنده استعداد لتغيير اتجاه سياساته عندما يواجه بدليل يثبت أن سياساته ستؤدي لنتائج عكسية.

أسلوب اتخاذ القرارات هو الجسر بين نفسية الفرد وصراع القوى على المصالح. على الرغم أن أغلب السياسات وخاصة على المستوى الجيوستراتيجي يمكن فهمها وشرحها بغض النضر عن نفسية الأفراد---فالمصالح تبقى والأفراد يأتوا ويذهبوا....الا أن الرؤساء الذين يقومون بالتوسط وحل النزاعات على المصالح الكبرى يمكن أن يؤثروا قطعا على النتائج.
ماهو تأثير التباين بين أسلوبي قيادة بوش وكيري على تصرفات أمريكا الجيوستراتيجية؟

يمكن الحصول على أسلوب رآسي فعال لاتخاذ القرارات بجمع صفات الاسلوبين الذين نسبا لكل من بوش وكيري في وسط سعيد. القائد القوي المتعقل يجمع بين النظرة الواقعية العامة للمصالح الوطنية وفهم مبني على معلومات عن السياسات اللازمة لتطبيقها. كما أنه يجمع بين الأرادة الحازمة لتطبيق السياسات واستعداده لتغيير سياساته من أجل الوصول للنتيجة المرجوة. الرئيس الذي لا يهتم بالسياسات وغير مدرك لتأثيرها سينتهي به الأمر تابعا لؤلائك الذين ملكوا سمعه (مستشاريه) وسيبقى يتعقب طريق الفشل. أما الرئيس الذي ليس له نظرة متزنة ويفتقر الى التصميم سيكون من الصعب عليه اتخاذ القرارات وسيبقي يضع الخطط البديلة المختلفة. الاختلاف بين بوش وكيري في أسلوب اتخاذ القرارات ليس من الأهمية بمكان كما يبدوا، فنصف الأسلوب الفعال لاتخاذ القرارات سيؤدي الى إما أن يكون تحت رحمة التردد والخطط البديلة وفي النهاية سيجبر على التراجع والسقوط وإما أن يندفع اندفاعا أهوجا.

بوش:

نتائج أسلوب بوش في اتخاذ القرارات في مجال التصرف الجيوستراتيجي يظهر في فشله في عملية حرية العراق، التنفيذ الحازم لنظرة ادارته بالنسبة لاستراتيجية الأمن القومي. استغلال فرصة عقد من الزمان بالنسبة للولايات المتحدة لتصبح الحامي لنظام علامي من يمقراطيات السوق، هذه الاستراتيجية اشتملت على تغيير بعض الأنظمة "الدول المخادعة" سواء سلميا أو عن طريق الضربات الاستباقية. العراق كان اختبارا لسياسة تغيير الأنظمة وكان فاشلا لأن فرضية أن العراقيين سوف يرحبوا بالإحتلال الأمريكي كانت بلا أساس.

منذ إسقاط نظام صدام حسين البعثي في 2003، سياسة الأدارة الأمريكبة باتجاه العراق استمرت على خطوط الدعم والتعبئة -- تسليم مدن رئيسية في المثلث السني (الفلوجة والرمادي) للمتمردين ضد الاحتلال، تبني الحل الوسط والتراضي مع جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر، الإستعجال بوضع سلطة حاكمة مكونة عموما من سياسين قادمين من المنفى و ليس لهم قاعدة شعبية والذين يقودهم اياد علاوي، والآن يصرون على أن تجرى الإنتخابات للحكومة العراقية في يناير 2005 بالرغم من التمرد – موقف يمكن ببساطة أن يترك من أجل سياسة آخرى في تراجع جديد.

خلال هذه السلسلة من الترجعات التكتيكية، أصر بوش على التمسك برؤيته المتمثلة في عراق ديمقراطي وكان دائما يستبعد ويقلل من أهمية أي خطة بديلة ويكرر أنه "سيبقى على الطريق" على رغم من أنه رضي على التنازل بعد التنازل من أهداف الحرب على العراق وسياساته التى أراد تطبيقها. النتيجة كانت فقدان قوة أمريكا ومصداقيتها في العالم، ذلك أعطى الفرصة لقوى عالمية ومحلية مثل أيران، كوريا الشمالية، الإتحاد الفرنسي-الألماني، روسيا والصين لتفرض مصالحها على حساب المصالح الأمريكية. لقد ظهرت محدودية قوة أمريكا العسكرية وظهر أن استراتيجية أمريكا للأمن القومي لا يمكن تحقيقها (في الوقت الراهن).

فشل عملية حرية العراق لم تضع فقط الشكوك على استراتيجية الأمن القومي الأمريكي فحسب بل قلصت من تأثير المستشارين من المحافظين الجدد الذين صاغوا هذه الإستراتيجية. في الوقت الحاضر، الأدارة الأمريكية لا تمتلك مبدأ استراتيجيا واضحا لسياستها وليس هناك مبدء مؤهل لذلك. وما لم تصاغ استراتيجية جديدة للأمن القومي فإن ولاية رآسية ثانية لبوش ستجعل من هذه الإستراتيجية فريسة تغيرات واجراءات كثيرة كلما واجهتها محن، متناقصة بشكل عام، ولكن مؤهلة لعمل مفاجيء ومفرط اذا وضعت تحت ضغط كاف.

تحت ضغط اعادة بناء قوة أمريكا أو التراجع أكثر، بوش سيواجه بخلافات بين الفرقاء من فريقه الأمني وسيفقد الثقة التي تعطيها حتى الرؤيا الغير واقعية. الطريق سيكون مفتوح لشلل في اتخاذ القرار كأسوء احتمال ولكن على الأقل سيؤدي لأنصاف حلول في اتجاهات مختلفة مفصولة بثورات مواجهة. الجيوستراتيجية في ولاية رآسية ثانية لبوش عليها علامة استفهام. التحدي الكبير سيكون تأمين الإستقرار في العراق -- يتطلب التزام عسكري مستمر – بينما تبنى قوة أمريكا ونتعامل مع المبادرات من القوى المتنافسة. اذا لم تحقق هذه الأهداف، ستكون النتيجة فقدان المزيد من قوة أمريكا في العالم. أسلوب قيادة بوش لا يبشر بالنجاح في مشروع استعادة القوة والمكانة.

كيري:

اذا حصل كيري عل الرآسة فسيحضر معه الى البيت الأبيض أسلوب لإتخاذ القرار يظهر أنه عكس أسلوب منافسه. حسب الكثير من التقارير التي جمعت من المقابلات مع كيري ومعاونية السياسيين السابقين واللاحقين فإن كيري يركز بشكل رئيسي على العواقب المحتملة للسياسات المختلفة ومحاولة جمع معلومات عن المواضيع المختلفة من مصادر متعددة. كما أنه يلعب دور المدافع عن الشيطان (العدو) وينظر الى معاني المعلومات التي يجمعها من وجهات نظر مختلفة، وهو يركز على أسوأ الإحتمالات ويحاول توقع ردات فعل خصومه ومؤيديه على مبادراته. عندما يكون بوش مهتم بالصورة الكبيرة يكون كيري مهتم بالتطبيقات. وحيث يحد بوش من مصادر معلوماته فإن كيري يوسعها. وحيث يلتزم بوش بعقيدة (أيديولوجية) فإن كيري عملي ويقبل بالأمر الواقع. وحيث يكون بوش متفائل فإن كيري كثير الشك.

المفردات التي استخدمتها الصحافة في وصف أسلوب كيري في اتخاذ القرار هي "الدعوة للكمال"، "مدعي عام"، "يجهد نفسه"، "متأني"، "مجتهد" و "عملي" كل واحدة من هذه الصفات تدل على الطبيعة المتأنية. في عمله كسنيتور، كيري كان عادة تابعا وليس قائدا فلا ينسب له الا القليل من المبادرات التشريعية. كيري يكون مرتاحا فقط عندما يغطي جميع الأسسس قبل التحرك وهذا يؤخر عملية اتخاذ القرار حتى يقنع نفسه أنه يفهم أفضل وءأمن طريق لتحقيق أهدافه التي تحدد في عملية الدراسة المتأناة هذه والتي قد تؤدي ليس الى تغيير هذه الأهداف فحسب بل قد تؤدي الى تغيير المباديء العامة برمتها.

أكثر ما يقال عن أسلوب كيري في اتخاذ القرار أنه محترس. قلقه وتوقعه لنتائج معاكسة لا تؤدي الى شلل في اتخاذ القرار وإنما تؤدي الى التردد الذي استطاع التغلب عليه في حالات الطواريء. ولكن مرافقيه السياسيين عبروا عن سلبيات صعوبة اغلاق المواضيع لديه. كثيرا ما كان يعقد جلسات استراتيجيه مطولة مع مستشاري حملته وبعد أن يصل الى قرارات يعود فيغيرها عندما يستمع لشخص آخر بعد الإجتماع. بعض الأحيان يغرق كيري نفسه في التفاصيل في محاولة منه لتوقع كل احتمال. عندما يوضح كيري موقفه فإنه يحدده بكثير من الإنذارات.

اتهام الجمهوريين لكيري بأنه "يغير مواقفة مرة بعد مرة" ليس هو نقطة ضعفه الحقيقية – فهو ليس تحت رحمة رياح عقيدة معينة ولا يمثل شخصا متقلب الميول. كيري يعمل في حدود عوامل مؤسساتيه ثابته وهو أقرب الى عقيدة "أيدولوجية" الوسط. عادة يسير كيري بحذر ولكنه أحيانا يهاجم اذا حشر في زاوية. المشكلة أنه يتشجع بالقلق ولكنه في النهاية ليس عنده ثقة في قراراته على الرغم من جهوده التغلب على ذلك.

كريس قريقوري (Chris Gregory ) المدير السياسي السابق لكيري يعطي نظرة المطلع هذه عن أسلوب كيري في اتخاذ القرارفقد قال لمراسل جريدة شيكاغو تريبون (Chicago Tribune) جيل زوكمان (Jill Zuckman) أن ميل كيري لكثرة الأسئلة والتناظر مع الغير ومع نفسه تظهر بوضوح عندما يكون قلقا: " اذا كان قلقا على شيء ما فإنه سيسأل ويسأل ويسأل ويسأل." وقد أجمع مرافقي كيري السياسيين أنه عادة ما يكون قلقا.

أسلوب كيري في اتخاذ القرار لم يختبر في مركز القيادة ولكن يمكن توقع كيف سيؤثر على القرارات الجيوستراتيجية اذا فاز كيري بالرآسة. سيواجه كيري بمحاولة اصلاح الضرر الذي أصاب القوة الأمريكية جراء عملية حرية العراق وهذا يتطلب اتخاذ قرارات معقدة وحساسة والتي ستكون عبأ على قدرته المحدودة على البقاء هاديء وواثقا من نفسه. سيكون كيري فريسة الإلتجاء لجهاز الدفاع لديه وهو التردد وعدم القدرة في بعض الأحيان على اتخاذ اختيار واضح ليس لأنه لا يملك المعلومات الكفية ولكن لأن التعقيد سيكون كبيرا جدا والمجازفة ضخمة بالنسبة له ليتمكن من تحقيق اغلاق للموضوع. النتيجة ستكون تماما كما هي بالنسبة لأسلوب بوش المعاكس في اتخاذ القرار – توقف – اجراءات كثيرة ومتناقضة عادة ما توحي بالتقهقر وأحيانا بالهجوم مرة آخرى.


***********

كيف يفكر الآخر؟

دمتم بود







التوقيع :

[flash=http://www.geocities.com/qtqt666/club.swf]WIDTH=250 HEIGHT=150[/flash]

رب لا تذرنى فردا وانت خير الوارثين.

لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين.

ربنا اتنا فى الدنيا حسنة وفى الاخرة حسنة وقنا عذاب النار.