[gl]آخر من يخرج من النار[/gl]
وآخر من يدخل الجنة
حدثنا الرسول صلى الله عليه وسلم قصة آخر من يخرج من النار ويدخل الجنة، وما جرى من حوار بينه وبين ربه، وما أعطاه الله من الكرامة العظيمة التي لم يصدق أن الله أكرمه بها لعظمها، وقد جمع ابن الأثير روايات هذا الحديث في جامع الأصول ومنه نقلنا هذه الأحاديث
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني لأعلم آخر أهل النار خروجا منها ، وآخر أهل الجنة دخولا الجنة : رجل يخرج من النار حبوا، فيقول الله له: اذهب فادخل الجنة، فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى، فيرجع فيقول: يارب وجدتها ملأى ، فيقول الله عز وجل: اذهب فادخل الجنة ، فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها، أو إن لك مثل عشرة أمثال الدنيا، فيقول: أتسخر بي- أو تضحك بي - وأنت الملك؟ قال: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه، فكان يقال: ذلك أدنى أهل الجنة منزلة).أخرجه البخاري ومسلم
ولمسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إني لأعرف آخر أهل النار خروجا من النار: رجل يخرج منها زحفا فيقال له: انطلق فادخل الجنة، قال : فيذهي فيدخل الجنة ، فيجد الناس قد أخذوا المنازل، فيقال له: أتذكر الزمان الذي كنت فيه؟ فيقول : نعم، فيقال له : تمن، فيتمنى، فيقال له: لك الذي تمنيت، وعشرة اضعاف الدنيا، فيقول أتسخر بي وأنت الملك؟ قال: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك حتى بدت نواجذه). وفي رواية الترمذي مثل هذه التي لمسلم
***
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( آخر من يدخل الجنة رجل ، فهو يمشي مرة ، ويكبو مرة ، وتسفعه النار مرة، فإذا ما جاوزها التفت إليها فقال : تبارك الذي نجاني منك ، لقد أعطاني الله شيئا ما أعطاه أحدا من الأولين والآخرين، فترفع له شجرة ، فيقول يا رب: ادنني من هذه الشجرة فلأستظل بظلها، واشرب من مائها، فيقول الله عز وجل: يا ابن آدم لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها؟ فيقول : لا ، يارب ، ويعاهده أن لا يسأله غيرها، قال : وربه عز وجل يعذره لأنه يرى مالا صبر له عليه، فيدنيه منها ن فيستظل بظلها ، ويشرب من مائها ، ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى ، فيقول : اي رب ، أدنني من هذه لشرب من مائها، وأستظل بظلها ، لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم، الم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ فيقول: لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها؟ فيعاهده أن لا يسأله غيرها، وربه تعالى يعذره، لأنه يرى مالا صبر له عليه، فيدنيه منها، فيستظل بظلها، ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة له عند باب الجنة، وهي أحسن من الأوليين، فيقول: أي رب أدنني من هذه لأستظل بظلها وأشرب من مائها ، لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم ، ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها ؟ قال : بلى، يا رب لا أسألك غيرها - وربه عز وجل يعذره لأنه يرى مالا صبر له عليه- فيدنيه منها، فإذا أدناه منها سمع اصوات أهل الجنة ، فيقول اي رب أدخلنيها، فيقول: يا ابن آدم ن ما يصريني منك أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها ؟ قال : يارب، اتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟ فضحك ابن مسعود، فقال: ألا تسألوني مم أضحك؟ قالوا مم تضحك؟ قال : هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا مما تضحك يا رسول الله؟ فقال : من ضحك رب العالمين ، حين قال : أتستهزئ بي وأنت رب العالمين؟ فيقول : إني لا استهزئ منك، ولكني على ما اشاء قادر) أخرجه مسلم
[gl]درجات الجنة[/gl]
قال تعالى: (ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى)ا
وقال سبحانه(لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى)ا
وقال تعالى: (درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما)ا
وقال تعالى( الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله)ا
وقال تعالى: ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير)ا
ومن الذين وضحوا هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية، قال: والجنة درجات متفاضلة تفاضلا عظيما، وأولياء الله المؤمنون المتقون في تلك الدرجات بحسب إيمانهم وتقواهم.قال تعالى في سورة الإسراء
(انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا)
وثبت في صحيح البخاري عن أنس أن أم حارثة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد هلك حارثة يوم بدر، اصابه سهم غرب، فقالت: يا رسول الله، قد علمت موقع حارثة من قلبي، فإن كان في الجنة لم أبك عليه، وإلا سوف ترى ما اصنع، فقال لها : أجنة واحدة هي ؟ إنها جنان كثيرة ، وإنه في الفردوس الأعلى.ا
وثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب، لتفاضل ما بينهم. قالوا يا رسول الله:تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ قال : بلى والذي نفسي بيده ، رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين). وفي مسند أحمد وسنن الترمذي وابن ماجه وصحيح ابن حبان عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أهل الدرجات العلى يراهم من هو اسفل منهم كما ترون الكوكب الطالع في افق السماء، وإن ابا بكر وعمر منهم وأنعما)ا
قال القرطبي(واعلم أن هذه الغرف مختلفة في العلو والصفة بحسب اختلاف اصحابها في الأعمال، فبعضها أعلى من بعض وارفع...... وقوله" والذي نفسي بيده رجالا آمنوا بالله وصدقوا المرسلين " ولم يذكر عملا، ولا شيئا سوى الإيمان والتصديق للمرسلين، ذلك ليعلم أنه عنى الإيمان البالغ وتصديق المرسلين من غير سؤال آية ولا تلجلج، وإلا فكيف تنال تلك الغرفات بالإيمان والتصديق الذي للعامة، ولو كان كذلك كان جميع الموحدين في أعالي الغرفات، وهذا محال ، وقد قال الله تعالى :( أولئك يجزون الغرفة بما صبروا)، والصبر بذل النفس والثبات له وقوفا بين يديه بالقلوب عبودية وهذه صفة المقربين، وقال في آية أخرى: (وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون). فذكر شأن الغرفة وأنها لا تنال بالأموال والأولاد وإنما تنال بالإيمان والعمل الصالح، ثم بين أن لهم جزاء الضعف ، وأن محلهم في الغرفات ، يعلمك أن هذا إيمان طمأنينة وتعلق قلب به مطمئنا به في كل ما نابه، وبجميع أموره وأحكامه فإذا عمل عملا صالحا فلا يخلطه بضده، وهو الفاسد، فلا يكون العمل الصالح الذي لا يشوبه فساد إلا مع إيمان بالغ مطمئن صاحبه بمن آمن وبجميع أموره وأحامه، والمخلط ليس إيمانه وعمله هكذا، فلهذا كانت منزلته دون غيره". وأهل الدرجات العاليات يكونون في نعيم أرقى من الذين دونهم، فقد ذكر الله أنه أعد للذين يخافونه جنتين (ولمن خاف مقام ربه جنتان) ووصفهما، ثم قال (ومن دونهما جنتان) أي دون تلك الجنتين في المقام والمرتبة، ومن تأمل صفات الجنتين اللتين ذكرهما الله آخرا علم أنهما دون الأوليين في الفضل، فالأوليان للمقربين، والأخريان لأصحاب اليمينكما قال ابن عباس وأبو موسى الأشعري، قال القرطبي: (لما وصف الجنتين أشار إلى الفرق بينهما فقال في الأوليين(فيهما عينان تجريان) وقال في الأخريين ( فيهما عينان نضاختان)، أي فوارتان بالماء ولكنهما ليست كالجاريتين لأن النضخ دون الجري، وقال في الأوليين( فيهما من كل فاكهة زوجان) معروف وغريب ، رطب ويابس، فعم ولم يخص، وفي الأخريين قال : (فيهما فاكهة ونخل ورمان)، ولم يقل من كل فاكهة زوجان، وقال في الأوليين ( متكئين على فرش بطائنها من استبرق) وهو الديباج، وفي الأخريين ( متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان) والعبقري الوشي، ولا شك أن الديباج أعلى من الوشي، والرفرف كسر الخبا، ولا شك أن الفرش المعدة للإتكاء عليها أفضل من الخبا، وقال في الأوليين في صفة الحور العين ( كأنهن الياقوت والمرجان) وفي الأخريين ( فيهن خيرات حسان) وليس كل حسن كحسن الياقوت والمرجان، وقال في الأوليين ( ذواتا افنان ) وفي الأخيرتين ( مدهامتان) أي خضراوان كأنهما من شدة الخضرة سوداوان، ووصف الأوليين بكثرة الأغصان والأخريين بالخضرة وحدها.ا
وفي صحيح مسلم والبخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( جنتان من فضة ، آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنات عدن) وفي رواية الترمذي : ( إن في الجنة جنتين من فضة ...) وذكر الحديث
[gl]أطفال المؤمنين [/gl]
أطفال المؤمنين الذين لم يبلغوا الحلم هم في الجنة إن شاء الله تعالى بفضل الله ورحمته ، قال تعالى ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين )
واستدل عليّ بن أبي طالب بقوله تعالى ( كل نفس بما كسبت رهينة ) ، على أن أطفال المؤمنين في الجنة ، لأنهم لم يكتسبوا فيرتهنوا بكسبهم. وقد عقد البخاري في صحيحه بابا عنون له بقوله ( باب فضل من مات له ولد فاحتسب ) . وساق فيه حديث أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صى الله عليه وسلم : ( ما من الناس مسلم يتوفى له ثلاث لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم ) وحديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النساء قلن للنبي صلى الله عليه وسلم اجعل لنا يوما ، فوعظهن ، وقال : أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد كانوا لها حجابا من النار ، قالت امرأة : واثنان ؟ قال : واثنان )ا
وقد جاءت نصوص صريحة في إدخال ذرية المؤمنين الجنة، فمن ذلك حديث عليّ مرفوعا عند عبدالله بن أحمد في زيادات المسند ( إن المسلمين وأولادهم في الجنة )ا
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه عند أحمد في مسنده مرفوعا ( ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله وإياهم بفضل رحمته الجنة )ا
وروى مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( صغارهم دعاميص الجنة ، يتلقى أحدهم أباه أو قال أبويه ، فيأخذ بثوبه أو قال بيده ، كما آخذ أنا بصنفة ثوبك هذا، فلا يتناهى أو قال : فلا ينتهي حتى يدخله الله وإياه في الجنة )ا
وروى اإمام أحمد ، وابن حبان والحاكم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ذراري المسلمين في الجنة تكفلهم إبراهيم )ا
وروى أبو نعيم في أخبار أصبهان ، والديلمي وابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( أطفال المؤمنين في الجنة يكفلهم إبراهيم وسارة ، حتى يدفعوهم إلى آبائهم يوم القيامة )ا
[