[gl]أشجار الجنة وثمارها[/gl]
قال تعالى: ( إن للمتقين مفازا ، حدائق وأعنابا)ا
وقال تعالى: (فيهما فاكهة ونخل ورمان)ا
وقال تعالى : ( وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين ،في سدر مخضود ، وطلح منضود ، وظل ممدود ، وماء مسكوب ، وفاكهة كثيرة )ا
وهذا الذي ذكره القرآن من أشجار الجنان شيء قليل مما تحويه تلك الجنان، فلذلك قال الحق سبحانه: ( فيهما من كل فاكهة زوجان) ، ولكثرتها فإن أهلها يدعون منها بما يريدون ويتخيرون ما يشتهون ( يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب) وقال سبحانه ( وفاكهة مما يتخيرون ) وقال: ( إن المتقين في ظلال وعيون ، وفواكه مما يشتهون) ، وبالجملة فإن في الجنة من الثمار والنعيم كل ما تشتهيه النفوس وتلذه العيون، قال تعالى: (يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين)ا
وقد قال ابن كثير كلاما لطيفا دلل فيه على عظم ثمار الجنة ، إذا استنتج أن الله نبه بالقليل عن الكثير، والهين على العظيم عندما ذكر السدر والطلح، قال : [وإذا كان السدر الذي في الدنيا لا يثمر إلا ثمرة ضعيفة وهو النبق، وشوكه كثير، والطلح الذي لا يراد منه في الدنيا إلا الظل، يكونان في الجنة في غاية من كثرة الثمار وحسنها، حتى أن الثمرة الواحدو منها تتفتق عن سبعين نوعا من الطعوم والألوان، التي يشبه بعضها بعضا ، فما ظنك بثمار الأشجار التي تكون في الدنيا حسنة الثمار كالتفاح والنخل والعنب وغير ذلك ؟ وما ظنك بأنواع الرياحين والأزاهير ؟ وبالجملة فإن فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، نسأل الله منها من فضله ]ا
وأشجار الجنة دائمة العطاء ، فهي ليست كأشجار الدنيا تعطي في وقت وفصل دون فصل بل هي دائمة الإثمار والظلال، قال تعالى ( مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلها )، وقال ( وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة)، أي دائمة مستمرة وهي مع دوامها لا يمنع عنها أهل الجنة. ومن لطائف ما يجده أهل الجنة عندما تأتيهم ثمارها أنهم يجدونها تتشابه في المظهر، ولكنها تختلف في المخبر ( كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها).ا
وصف بعض شجر الجنة
الشجرة التي يسيرالراكب في ظلها مائة عام
هذه شجرة هائلة لا يقدر قدرها إلا الذي خلقها، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم عظم هذه الشجرة بأن أخبر أن الراكب لفرس من الخيل التي تعد للسباق يحتاج إلى مائة عام حتى يقطعها إذا سار بأقصى ما يمكنه ، ففي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ( إن في الجنة لشجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام وما يقطعها)، وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة، واقرؤوا إن شئتم(وظل ممدود ))ا
ورواه مسلم عن أبي هريرة وسهل بن سعد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها )ا
سدرة المنتهى
وهذه الشجرة ذكرها الحق في محكم التنزيل وأخبر الحق أن رسولنا محمدا صلى الله عليه وسلم رأى جبريل على صورته التي خلقه الله عليها عندها ، وأن هذه الشجرة عند جنة المأوى، كما أعلمنا أنه غشيها ما غشيها مما لا يعلمه إلا الله عندما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى( ولقد رآه نزلة أخرى ، عند سدرة المنتهى ، عندها جنة المأوى ، إذا يغشى السدرة ما يغشى، ما زاغ البصر وما طغى)، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بشيء مما رآه : ( ثم رفعت لي سدرة المنتهى، فإذا نبقها مثل قلال هجر ، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة ، قال( أي جبريل) هذه سدرة النتهى، وإذا باربعة أنهار ، نهران باطنان ، ونهران ظاهران ، قلت: ما هذان يا جبريل؟ قال: أما الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات) رواه البخاري ومسلم
وفي الصحيحين أيضا( ثم انطلق بي حتى انتهى إلى سدرة المنتهى، ونبقها مثل قلال هجر، وورقها مثل آذان الفيلة، تكاد الورقة تغطي هذه الأمة، فغشيها ألوان لا أدري ما هي، ثم أدخلت الجنة، فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك).ا
شجرة طوبى
وهذه شجرة عظيمة تصنع ثياب أهل الجنة ، ففي مسند أحمد وتفسير ابن جرير وصحيح ابن حبان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال( طوبى شجرة في الجنة مسيرة مائة عام، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها)ا
وقد دل على أن ثياب أهل الجنة تشقق عنها ثمار الجنة الحديث الذي يرويه أحمد في مسنده عن عبدالله بن عمرو قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أخبرنا عن ثياب أهل الجنة خلقا تخلق، أم نسجا تنسج ؟ فضحك بعض القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم( مم تضحكون، من جاهل سأل عالم؟ ثم أكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : اين السائل؟ قال: هو ذا أنا يا رسول الله، قال: لا ، بل تشقق عنها ثمر الجنة ، ثلاث مرات ).ا
سيد ريحان أهل الجنة
قال تعالى: ( فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم)ا
وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن سيد ريحان أهل الجنة الحناء،ففي معجم الطبراني الكبير بإسناد صحيح على شرط الشيخين عن عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال( سيد ريحان الجنة الحناء).أ
سيقان أشجار الجنة من ذهب
ومن عجيب ما أخبر به به الرسول صلى الله عليه وسلم أن سيقان أشجار الجنة من الذهب ففي سنن الترمذي وصحيح ابن حبان وسنن البيهقي بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال( ما في الجنة شجرة إلا وساقها من ذهب).ا
كيف يكثر المؤمن حظه من اشجار الجنة
طلب خليل الرحمن ابو الأنبياء إبراهيم عليه السلام من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في ليلة الإسراء أن يبلغ أمته السلام وأن يخبرهم بالطريقة التي يستطيعون بها تكثير حظهم من أشجار الجنة، فقد روى الترمذي بإسناد حسن عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقيت إبراهيم ليلة أسري بي، فقال: يا محمد أقرئ أمتك أن الجنة أرض طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها سبحان الله الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر
[gl]قصور الجنة وخيامها[/gl]
يبني الله لأهل الجنة في الجنة مساكن طيبة حسنة كما قال تعالى: ( ومساكن طيبة في جنات عدن)، وقد سمى الله في مواضع من كتابه هذه المساكن بالغرفات، قال تعالى( وهم في الغرفات آمنون ) وقال أيضا( أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما ) وقال تعالى واصفا هذه الغرفات: ( لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأتهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد )، قال ابن كثير : "أخبر عز وجل عن عباده السعداء أن لهم غرفا في الجنة وهي القصور الشاهقة ( ومن فوقها غرف مبنية) طباق فوق طباق مبنيات محكمات مزخرفات عاليات. وقد وصف لنا الرسول صلى الله عليه وسلم هذه القصور ، ففي الحديث الذي يرويه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه عن أبي مالك الأشعري والترمذي عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، أعدها الله تعالى لمن أطعم الطعام وألان الكلام وتابع الصيام وصلى بالليل والناس نيام )ا
وأخبر الحق تبارك وتعالى أن في الجنة خياما ، قال تعالى ( حور مقصورات في الخيام )، وهذه الخيام خيام عجيبة ، فهي من لؤلؤ، بل هي من لؤلؤة واحده مجوفة، طولها في السماء ستون ميلا، وفي بعض الروايات عرضها ستون ميلا، ففي صحيح البخاري عن عبدالله بن قيس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الخيمة درة مجوفة طولها في السماء ثلاثون ميلا، في كل ميل زاوية منها أهل للمؤمن لا يراهم الآخرون) قال أبو عبدالصمد والحارث عن ابي عمران ( ستون ميلا)أ
ورواه مسلم عن عبدالله بن قيس عن افلنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة، طولها ستون ميلا، للمؤمن فيها أهلون، يطوف عليهم المؤمن ، فلا يرى بعضهم بعضا)
وفي رواية عند مسلم : ( في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة عرضها ستون ميلا، وفي كل زاوية منها أهل ، ما يرون الآخرين ، يطوف عليهم المؤمن)أ
وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن صفات قصور بعض أزواجه وبعض أصحابه، ففي صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( يا رسول الله هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام وطعام، فإذا أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني ، وبشرها ببيت في الجنة من قصب، لا ضخب فيه ولا نصب)ا
وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأة ابي طلحة وسمعت خشفة، فقلت: من هذا؟ فقال: هذا بلال، ورأيت قصرا بفنائه جارية، فقلت : لمن هذا؟ فقالوا: لعمر بن الخطاب، فأردت أن أدخله فأنظر إليه فذكرت غيرتك ) فقال عمر : بابي أنت وأمي يا رسول الله: أعليك أغار؟
وقال الأعمش : حدثنا مالك بن الحارث، عن مغيث بن سمي قال: إن في الجنة قصورا من ذهب وقصورا من فضة وقصورا من لؤلؤ، وقصورا من ياقوت وقصورا من زبرجد
الطرق التي يحصل بها المؤمن مزيدا من القصور في الجنة
روى أحمد في مسنده عن ابن عباس بإسناد صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( من بنى لله مسجدا ، ولو كمفحص قطاة لبيضها بنى الله له بيتا في الجنة)أ
وفي مسند أحمد وصحيح البخاري ومسلم وسنن الترمذي وابن ماجه عن عثمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة)ا
وفي صحيح مسلم ومسند أحمد وسنن ابي داوود وسنن النسائي وابن ماجه عن أم حبيبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من صلى في اليوم والليلة اثنتي عشرة ركعة تطوعا، بنى الله له بيتا في الجنة )