السلام عليكم ورحمة الله.
الأخت الحلوة،،، سأقوم بإضافة الجزء الثاني من قصتك هنا،، إتباعا لقوانين المنتدى،،، وأرجو إضافة الجزء الأخير في نفس الموضوع.
وأرجو ان تعدلي عنوان قصتك إلى عنوان مستوحى من القصة.
رجاءاً إقرأي الموضوع المثبت أعلى المنتدى المتعلق بكيفية الإشتراك بقصة.
وشكرا.
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
خرج مفرج ليخبر صديقه بالأمر ويسلمه نفسه ,, إن شاء قتله وإن شاء أعتقه ,, وفي بيت المهادي كانت ردة فعله أن امتدت يده بسرعة لتقفل فم مفرج حتى لا يكمل الحديث خوفاً من أن تسمعه أم الفتى .. ثم خرج به وسأله إن كان أحد يعلم بذلك غيرك وزوجتك ؟ فنفى ذلك .. أدرك المهادي أن ساعة رد جميل مفرج أتت .. فأقسم عليه وعلى زوجته ألا يخبرا أحداً ,, ثم حمل جثة ابنه وهرول بها إلى المكان الذي اعتاد أبناء القبيلة اللعب فيه .. فأسنده إلى إحدى الأشجار وجلس يحرسه من السباع .. وهو يمرر يده على رأس ابنه ويتمتم : والله لو إن اللي قاتلك مية فارس غير آخذ بثارك , والله لو إنك حي وأخذت رأيك غير تقول اللي تسويه يابوي هو المبارك ......... إلخ
واستمر يحكي عليه قصته مع مفرج حتى أشرقت الشمس واطمأن عليه من السباع ,, فانسل بسرعة عائداً لبيته يرسم خطته ..
حتى أتى الصبيان يصرخون : سالم مات ,, سالم مات ,,, فتسابقوا إلى موقع الجثة وأطلق العنان لحزنه وثار على الجميع وطالب بأن يدلّوه على قاتل ابنه ,, ثم استمر يضغط على قومه حتى اجتمع كبارهم وطلبوا منه تحديد دية ما دام جميع أفراد القبيلة موضع اتهام ,, فطلب منهم ناقة عن كل رجل ,, وجمعوا له الإبل,, فقسمها قسمين ,, الأول أعطاه أم القتيل في الحال ,, والثاني تركه حتى حين ثم أعطاه مفرج (يا قوّ باسك يالمهادي)
واستمرت الأيام تدور وتؤكد كم كان صبر عمشا عظيماً وهي تجالس أم الفتى المقتول ولا تتحمل الاحتفاظ بالسر إلا عن طريق العناية بالأم والاحتفاء بها ,, وكم هو عظيم صبر المهادي وهو يحاور ويصادق قاتل ابنه ويتشاركان الزاد والحديث ,, وكم هو عظيم صبر مفرج وهو يواجه المهادي كل يوم بابتسامته وهو الذي أرسل ابنه لعالم الغيب ..
وبعد ثماني سنين فوجئ مفرج بصديقه يطلب منه الرحيل بطريقة غير مباشرة .. فأثناء لعبهم كان يقول له : ارحلوا والا رحلنا .. كلما جاء دوره في اللعب , بدلاً من قولهم : العبوا والا لعبنا ,, عاد مفرج إلى زوجته يخبرها ويسألها ويستشيرها ,, ويشكو إليها حيرته من طلب المهادي .. لقد سأل مفرج نفسه وزوجته والثريا و سهيل وأول الليل وحتى الفرس المتباهية ببياضها في مقدمة الليل ,, ولم يجد جواباً , وضاعت حيلته إلا من أمر واحد أن يذهب إلى المهادي في الصباح ويستأذنه في الرحيل .. فإن منعه امتنع .. وإن أذن له رحل .. لكن بعد أن يعرف السبب لأنه لا بد أن يكون في الأمر كارثة ,, التقى المهادي بمفرج بفتور ,, ورد عليه بمثل ذلك عندما طلب منه الرحيل بحجة شوقه لأهله .. وكان الاثنان يعلمان أنها حجة كاذبة ..
رحل مفرج وهو مذهول .. حتى حل الظلام فنزل بأهله في موضع من الأرض ..وهو لم يفق من الصدمة .. وكان يتساءل كيف سمح لنفسه بالرحيل قبل معرفة السبب ؟
وتذكر أن من عادة المهادي كونه شاعراً .. أن يغني همومه على الربابة عندما تنام العيون ,, فضمن أنه سيجر همومه على ربابته ,, فجمع أبناءه وأمرهم بأن يلزموا هذا المكان .. وتذرع بأنه نسي أمانة للمهادي معه .. سيعيدها ثم يرجع بسرعة ..
عاد مفرج للديار ولاذ بشجرة قريبة من بيت المهادي تستره حتى يسمع أحاديثهم .. وكان المهادي لا يتحدث إلا لماماً ويجيب باختصار على من يسأله عن رحيل مفرج فيقول : - مفرج اشتاق لجماعته , راح يسلّم عليهم وبيعوّد إن شاء الله ..
انفض المجلس .. ولم يبق للمهادي سوى الليل والدلال وأماكن كثيرة تركها مفرج فارغة لا يملؤها سوى الربابة .. ومعها ومع الليل والقصيد تكشفت أول الصورة السوداء التي جعلت المهادي يطلب من صديقه الرحيل فماذا سمع مفرج
يقول المهادي والمهادي محمد *** لا واعلتي جميع الورى ما درى بها
أنا إن بيّنتها بانت لرماقة العدا *** وإن كنيتها ضاق الحشا بالتهابها
ثمان سنين وجارنا مجرمٍ بنا *** وهو كما واطي جمرةٍ ما درى بها
الله ما أعظم صبرك يالمهادي !! ثمان سنين وأنت تتحمل خطأ جارك .. ثم ما أعظم حلمك وحكمتك !! وأنت تتلمس الأعذار لجارك .. فأنت تتعذر له بأنه لا يعلم ..
رجل جارنا ما جاه منا زريّة *** ولو جتنا منه ما جاه عتابها
نرفو خمال الجار إلى داس زلة *** كما ترفو بيض العذارى ثيابها
ترى جارنا القالط على كل طلبة *** ولو كان ما يلقى شهودٍ غدا بها
الأجواد مثل العد من وَرْدِه ارتوى *** والأنذال لا تسقي ولا ينسقى بها
الأجواد مثل الزمل للشيل ترتكي *** والأنذال مثل الحشو كثير الرغا بها
ثم وصل إلى البيت الذي أنار الطريق في عيني مفرج وحدد موقع الداء :
ولّي عجوزٍ من ............ *** مضيّعة غرّانها في شبابها
هنا الدليل بأن رغبة المهادي في الفراق كانت بسبب ذنب عظيم ارتكبه أحد أبناء مفرج ضد جاره .. وقبل أن ينسحب مفرج سمع جاره يقول :
أقسمت يا أرضٍ خلت من مفرج *** ما أبغاها لو هو زعفرانٍ ترابها
انطلق عقل مفرج في كل الاتجاهات ومع كل الاحتمالات .. في محاولة لمعرفة الخطأ الذي ارتكبه أولاده ومن منهم ارتكبه ؟
وبدأت الأفكار تسابق الخطى .. ومع كل خطوة احتمال يرتفع وآخر يسقط .. إلى أن استقر أخيراً على أن المهادي لن يغيظه إلا شيء يتعلق بالشرف .. وشرف المهادي يعني ابنته .. مما جعل مفرج يعزم على اختبار أبنائه بشكل منفرد بدلاً من مواجهتهم , ووصل إليهم مع شروق الشمس .. وبدأ الاختبار ..
فاستدعى أكبرهم وانفرد به وهمس له بلهجة فيها مكر : المهادي باعنا وطردنا من ديرته وأنا والله منيب متحسف على شي أكثر من تركنا لبنته نورة .. ما كسبناها لا حلال ولا حرام ... نظر الابن لأبيه باستغراب وقال : لكن هذي جارتنا ومثل أختنا !!
غضب الأب ورفع صوته بحثاً عن اعتراف فقال : مهوب دايم , أنا لو إني بعمرك كان ما تركتها تروح من يدي .. لم يستطع الابن تحمل خذلان أبيه له فقال : والله لو تنطبق السما على الأرض ما خنت جاري في محارمه .
ضم مفرج ابنه ثم طلب منه أن يذهب جهة الشرق وأن لا يعود قبل المغيب .. ثم أخذ يحاور ابنه الأوسط وأكثرهم شبهاً به .. ويحاول جرّه إلى الاعتراف بأي شيء .. لكنه أثبت لأبيه أن شرف الجار يحتل القلب والعين ..
انشرح صدر مفرج لنظافة ذمة ابنه .. الذي كان شبيهاً بأبيه كما كان يحفظ كل قصائد جده .. وأتى دور الابن الثالث وهو شاب يافع نما وترعرع في ديار المهادي وتعلّم من أقرانه .. انهال عليه مفرج بالمديح حتى انتفخت أوداجه غروراً ,, ثم قال والده : يوم كنت بعمرك كنت سيد النساء , ولو أنا في عمرك الحين كان ما أرحل من ديار المهادي إلا وأنا ماخذ بنته يا حلال يا حرام
فماذا كان جواب الأبن الثالث ؟؟؟
هذا ماستعرفه في الحلقةالأخيرة القادمة ان شاء الله