عرض مشاركة واحدة
قديم 03-06-2014, 03:46 AM   رقم المشاركة : 9
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الأية رقم ‏(‏37 ‏:‏ 40‏)‏
‏{‏ وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين ‏.‏ أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين ‏.‏ بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين ‏.‏ ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين ‏}‏

هذا بيان لإعجاز القرآن، وأنه لا يستطيع البشر أن يأتوا بمثله، ولا بعشر سور، ولا بسورة من مثله، لأنه بفصاحته وبلاغته ووجازته وحلاوته، واشتماله على المعاني العزيزة الغزيرة النافعة في الدنيا والآخرة، لا يكون إلا من عند اللّه، الذي لا يشبهه شيء في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله وأقواله، فكلامه لا يشبه كلام المخلوقين، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون اللّه‏}‏ أي مثل هذا القرآن لا يكون إلا من عند اللّه ولا يشبه هذا كلام البشر، ولكن تصديق الذي بين يديه‏}‏ أي من الكتب المتقدمة ومهيمناً عليه، ومبيناً لما وقع فيها من التحريف والتأويل والتبديل، وقوله‏:‏ ‏{‏وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين‏}‏ أي وبيان الأحكام بياناً شافياً كافياً لا مرية فيه من اللّه رب العالمين، كما تقدم في الحديث ‏(‏فيه خبر ما قبلكم ونبأ ما بعدكم وفصل ما بينكم‏)‏ أي خبر عما سلف وعما سيأتي، وحكم فيما بين الناس بالشرع الذي يحبه اللّه ويرضاه‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون اللّه إن كنتم صادقين‏}‏ أي إن ادعيتم وافتريتم وشككتم في أن هذا من عند اللّه، وقلتم كذباً إن هذا من عند محمد، فمحمد بشر مثلكم وقد جاء فيما زعمتم بهذا القرآن فأتوا أنتم بسورة مثله، أي من جنس هذا القرآن، واستعينوا على ذلك بكل من قدرتم عليه من إنس وجان، وهذا هو المقام الثالث في التحدي، فإنه تعالى تحداهم ودعاهم إن كانوا صادقين في دعواهم أنه من عند محمد، فليعارضوه بنظير ما جاء، ولسيتعينوا بمن شاءوا، وأخبر أنهم لا يقدرون على ذلك ولا سبيل لهم إليه، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا‏}‏، ثم تقاصر معهم إلى عشر سور منه، فقال في أول
سورة هود‏:‏ ‏{‏أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون اللّه إن كنتم صادقين‏}‏، ثم تنازل إلى سورة، فقال في هذه السورة‏:‏ ‏{‏أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون اللّه إن كنتم صادقين‏}‏، وكذا في سورة البقرة، وهي مدنية تحداهم بسورة منه، وأخبر أنهم لا يستطيعون ذلك أبداً فقال‏:‏ ‏{‏فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار‏}‏ الآية‏.‏ وهذا وقد كانت الفصاحة من سجاياهم وأشعارهم ومعلقاتهم إليها المنتهى من هذا الباب، ولكن، جاءهم من اللّه ما لا قبل لأحد به؛ ولهذا آمن من آمن منهم بما عرف من بلاغة هذا الكلام، وحلاوته وجزالته وطلاوته وإفادته وبراعته، فكانوا أعلم الناس به وأفهمهم له وأشدهم له انقياداً‏.‏

لهذا جاء في الصحيح عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏ما من نبي من الأنبياء إلا وقد أوتي من الآيات ما آمن على مثله البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه اللّه إليَّ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً‏)‏ وقوله‏:‏ ‏{‏بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله‏}‏ يقول‏:‏ بل كذب هؤلاء بالقرآنن ولم يفهموه ولا عرفوه ‏{‏ولما يأتهم تأويله‏}‏ أي ولم يحصلوا ما فيه من الهدى ودين الحق إلى حين تكذيبهم به جهلاً وسفهاً، ‏{‏كذلك كذب الذين من قبلهم‏}‏ أي من الأمم السالفة، ‏{‏فانظر كيف كان عاقبة الظالمين‏}‏ أي فانظر كيف أهلكناهم بتكذيبهم رسلنا ظلماً وعلواً وكفراً وعناداً، فاحذروا أيها المكذبون أن يصيبكم ما أصابهم، وقوله‏:‏ ‏{‏ومنهم من يؤمن به‏}‏ الآية، أي ومن هؤلاء الذين بعثت إليهم يا محمد من يؤمن بهذا القرآن ويتبعك وينتفع بما أرسلت به، ‏{‏ومنهم من لا يؤمن به‏}‏ بل يموت على ذلك ويبعث عليه، ‏{‏وربك أعلم بالمفسدين‏}‏ أي وهو أعلم بمن يستحق الهداية فيهديه‏.‏ ومن يستحق الضلالة فيضله، وهو العادل الذي لا يجور، بل يعطي كلا ما يستحقه تبارك وتعالى وتقدس‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الأية رقم ‏(‏41 ‏:‏ 44‏)‏
‏{‏ وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون ‏.‏ ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون ‏.‏ ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون ‏.‏ إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون ‏}‏

يقول تعالى لنبيّه محمد صلى اللّه عليه وسلم‏:‏
وإن كذبك هؤلاء المشركون فتبرأ منهم
ومن عملهم ‏{‏فقل لي عملي ولكم عملكم‏}‏، كقوله تعالى عن إبراهيم الخليل وأتباعه لقومهم المشركين‏:‏ ‏{‏إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون اللّه‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏ومنهم من يستمعون إليك‏}‏ أي يسمعون كلامك الحسن والقرآن العظيم النافع في القلوب والأبدان، ولكن ليس ذلك إليك ولا إليهم، فإنك كما لا تقدر على إسماع الأصم، فكذلك لا تقدر على هداية هؤلاء إلا أن يشاء اللّه، ‏{‏ومنهم من ينظر إليك‏}‏ أي ينظرون إليك وإلى ما أعطاك اللّه من الخلق العظيم، والدلالة الظاهرة على نبوتك، وهؤلاء ينظرون كما ينظر غيرهم، ولا يحصل لهم من الهداية شيء كما يحصل لغيرهم، بل المؤمنون ينظرون إليك بعين الوقار، وهؤلاء الكفار ينظرون إليك بعين الاحتقار، ‏{‏وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا‏}‏ الآية، ثم أخبر تعالى أنه لا يظلم أحداً شيئاً، وإن كان قد هدى به من هدى وبصر به من العمى، وفتح به أعيناً عمياء وآذاناً صماء وقلوباً غلفاً، وأضل به عن الإيمان آخرين؛ فهو الحاكم المتصرف في ملكه بما يشاء لعلمه وحكمته وعدله؛ ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏إن اللّه لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الأية رقم ‏(‏45‏)‏
‏{‏ ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين ‏}‏

يقول تعالى مذكراً للناس قيام الساعة، وحشرهم من أجداثهم إلى عرصات القيامة‏:‏ ‏{‏ويوم يحشرهم‏}‏ الآية، كقوله‏:‏ ‏{‏كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار‏}‏، وكقوله‏:‏ ‏{‏كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة‏}‏، وهذا كله دليل على استقصار الحياة الدنيا في الدار الآخرة كقوله‏:‏ ‏{‏قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين‏؟‏ قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏يتعارفون بينهم‏}‏

أي يعرف الأبناء الآباء والقرابات بعضهم لبعض، كما كانوا في الدنيا ولكن كل مشغول بنفسه، ‏{‏فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم‏}‏ الآية، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏ولا يسأل حميم حميما‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏قد خسر الذين كذبوا بلقاء اللّه وما كانوا مهتدين‏}‏ خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ولا خسارة أعظم من خسارة من فرق بينه وبين أحبته يوم الحسرة والندامة‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الأية رقم ‏(‏46 ‏:‏ 47‏)‏
‏{‏ وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون ‏.‏ ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون ‏}‏

يقول تعالى مخاطباً لرسوله صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏{‏وإما نرينك بعض الذي نعدهم‏}‏ أي ننتقم منهم في حياتك لتقر عينك منهم، ‏{‏أو نتوفينك فإلينا مرجعهم‏}‏، أي مصيرهم ومنقلبهم، واللّه

يشهد على أفعالهم بعدك، وقوله‏:‏ ‏{‏ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم‏}‏ قال مجاهد‏:‏ يعني يوم القيامة ‏{‏قضي بينهم بالقسط‏}‏ الآية، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأشرقت الأرض بنور ربها‏}‏ الآية، فكل أمة تعرض على اللّه بحضرة رسولها، وكتاب أعمالها من خير وشر شاهد عليها وحفظتهم من الملائكة شهود أيضاً، وهذه الأمة الشريفة وإن كانت آخر الأمم في الخلق، إلا أنها أول الأمم يوم القيامة، يفصل بينهم ويقضى لهم، كما جاء في الصحيحين عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، المقضي لهم قبل الخلائق‏)‏، فأمته إنما حازت قصب السبق بشرف رسولها صلوات اللّه وسلامه عليه دائماً إلى يوم الدين‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الأية رقم ‏(‏48 ‏:‏ 52‏)‏
‏{‏ ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ‏.‏ قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ‏.‏ قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون ‏.‏ أثم إذا ما وقع آمنتم به آلآن وقد كنتم به تستعجلون ‏.‏ ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون ‏}‏

يقول تعالى مخبراً عن كفر هؤلاء المشركين في استعجالهم العذابن وسؤالهم عن وقته قبل التعيين، مما لا فائدة لهم فيه، كقوله‏:‏ ‏{‏يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق‏}‏ أي كائنة لا محالة وواقعة وإن لم يعلموا وقتها عيناً، ولهذا أرشد تعالى رسوله صلى اللّه عليه وسلم إلى جوابهم فقال‏:‏ ‏{‏قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا‏}‏ الآية، أي لا أقول إلا ما علمني، ولا أقدر على شيء مما استأثر به، إلا أن يطلعني اللّه عليه، فأنا عبده ورسوله إليكم، وقد أخبرتكم بمجيء الساعة وأنها كائنة ولم يطلعني على وقتها، ولكن ‏{‏لكل أمة أجل‏}‏ أي لكل قرن مدة من العمر مقدرة فإذا انقضى أجلهم ‏{‏فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون‏}‏، كقوله‏:‏ ‏{‏ولن يؤخر اللّه نفسا إذا جاء أجلها‏}‏ الآية، ثم أخبر أن عذاب اللّه سيأتيهم بغته، فقال‏:‏
‏{‏قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا‏}‏‏؟‏ أي ليلاً أو نهاراً، ‏{‏ماذا يستعجل منه المجرمون * أثم إذا ما وقع آمنتم به آلآن وقد كنتم به تستعجلون‏}‏ يعني أنهم إذا جاءهم العذاب قالوا‏:‏ ‏{‏ربنا أبصرنا وسمعنا‏}‏ الآية، ‏{‏فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد‏}‏ أي يوم القيامة يقال لهم هذا تبكيتاً وتقريعاً كقوله‏:‏ ‏{‏اصلوها فاصبروا أولا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون‏}‏‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس