عرض مشاركة واحدة
قديم 11-05-2014, 04:10 AM   رقم المشاركة : 18
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏128‏)‏
‏{‏ ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم ‏}‏
يقول تعالى‏:‏ ‏{‏و‏}‏ اذكر يا محمد فيما تقصه عليهم وتنذرهم به، ‏{‏يوم يحشرهم جميعاً‏}
يعني الجن وأولياءهم من الإنس الذين كانوا يعبدونهم في الدنيا ويعوذون بهم ويطيعونهم، ويوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً ‏{‏يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس‏}‏ أي يقول يا معشر الجن، وسياق الكلام يدل على المحذوف، ومعنى قوله‏:‏ ‏{‏قد استكثرتم من الإنس‏}‏ أي من إغوائهم وإضلالهم، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم‏}‏، وقال ابن عباس‏:‏ ‏{‏يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس‏}‏ يعني أضللتم منهم كثيراً، ‏{‏وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض‏}‏‏:‏ يعني أولياء الجن من الإنس قالوا مجيبين للّه تعالى عن ذلك بهذا، قال ابن أبي حاتم عن الحسن في هذه الآية قال‏:‏ استكثرتم من أهل النار يوم القيامة، فقال أولياؤهم من الإنس‏:‏ ربنا استمتع بعضنا ببعض، قال الحسن‏:‏ وما كان استمتاع بعضهم ببعض إلا أن الجن أمرت وعملت الإنس ‏"‏أخرجه ابن أبي حاتم عن الحسن البصري‏"‏‏.‏ وقال ابن جريج‏:‏ كان الرجل في الجاهلية ينزل الأرض فيقول‏:‏ أعوذ بكبير هذا الوادي، فذلك استمتاعهم فاعتذروا به يوم القيامة، وأما استمتاع الجن بالإنس فإنه كان - فيما ذكر - ما ينال الجن من الإنس من تعظيمهم إياهم في استعانتهم بهم، فيقولون‏:‏ قد سدنا الإنس والجن ‏{‏وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا‏}‏ قال السدي‏:‏ يعني الموت، ‏{‏قال النار مثواكم‏}‏ أي مأواكم ومنزلكم أنتم وإياهم وأولياؤكم، ‏{‏خالدين فيها‏}‏ أي ماكثين فيها مكثاً مخلداً إلا ما شاء اللّه، قال بعضهم‏:‏ يرجع معنى الاستثناء إلى البرزخ، وقال بعضهم‏:‏ هذا رد إلى مدة الدنيا، وقيل‏:‏ غير ذلك من الأقوال، وقد روى ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس‏:‏ ‏{‏قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء اللّه إن ربك حكيم عليم‏}‏ قال‏:‏ إن هذه الآية آية لا ينبغي لأحد أن يحكم على اللّه في خلقه، ولا ينزلهم جنة ولا ناراً‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏129‏)‏
‏{‏ وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون ‏}‏
قال قتادة في تفسيرها‏:‏ إنما يولي اللّه الناس بأعمالهم، فالمؤمن ولي المؤمن أين كان وحيث كان، والكافر ولي الكافر أينما كان وحيثما كان، ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، واختاره ابن جرير، وعنه في تفسير
الآية‏:‏ يولي اللّه بعض الظالمين بعضاً في النار يتبع بعضهم بعضاً‏.‏ وقال مالك بن دينار‏:‏ قرأت في الزبور‏:‏ إني أنتقم من المنافقين بالمنافقين، ثم أنتقم من المنافقين جميعاً، وذلك في كتاب اللّه قول اللّه تعالى‏: ‏{‏وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً‏}‏، وقال ابن أسلم‏:‏ قال ظالمي الجن وظالمي الإنس، وقرأ‏:‏ ‏{‏ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين‏}‏ أي ونسلط ظلمة الجن على ظلمة الإنس، وعن ابن مسعود مرفوعاً‏:‏ ‏(‏من أعان ظالماً سلطه اللّه عليه‏)‏ ‏"‏رواه الحافظ ابن عساكر، قال ابن كثير‏:‏ وهو حديث غريب‏"‏‏.‏ وقال بعض الشعراء‏:‏
وما من يد إلا يد اللّه فوقها * ولا ظالم إلا سيبلى بظالم‏.‏
ومعنى الآية الكريمة‏:‏ كما ولينا هؤلاء الخاسرين من الإنس تلك الطائفة التي أغوتهم من الجن، كذلك نفعل بالظالمين نسلط بعضهم على بعض ونهلك بعضهم ببعض، وننتقم من بعضهم ببعض جزاء على ظلمهم وبغيهم‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏130‏)‏
‏{‏ يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ‏}‏
وهذا أيضاً مما يقرع اللّه به كافري الجن والإنس يوم القيامة حيث يسألهم وهو أعلم‏:‏ هل بلغتهم الرسل رسالاته، وهذا استفهام تقرير، ‏{‏يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم‏}‏ أي من جملتكم والرسل من الإنس فقط وليس من الجن رسل، كما قد نص على ذلك مجاهد وابن جريج وغير واحد من الأئمة من السلف والخلف‏.‏ وقال ابن عباس‏:‏ الرسل من بني آدم ومن الجن نزر، وحكى ابن جرير عن الضحاك‏:‏ أنه زعم أن في الجن رسلاً، واحتج بهذه الآية الكريمة، وفيه نظر، لأنها محتملة وليست بصريحة وهي، واللّه أعلم، كقوله‏:‏ ‏{‏مرج البحرين يلتقيان * بينهما برزخ لا يبغيان‏}‏، إلى أن قال‏:‏ ‏{‏يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان‏}‏ ومعلوم أن اللؤلؤ والمرجان إنما يستخرجان من الملح لا من الحلو، وهذا واضح وللّه الحمد‏.‏ وقد ذكر هذا الجواب بعينه ابن جرير، والدليل على أن الرسل إنما هم من الإنس قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده‏}‏‏.‏ وقوله تعالى عن إبراهيم‏:‏ ‏{‏وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب‏}‏ فحصر النبوة والكتاب بعد إبراهيم في ذريته، ولم يقل أحد من الناس إن النبوة كانت في الجن قبل إبراهيم الخليل ثم انقطعت عنهم ببعثته‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا أنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق‏}‏، وقال‏:‏ ‏{‏وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم من أهل القرى‏}‏ ومعلوم أن الجن تبع للإنس في هذا الباب، ولهذا قال تعالى إخباراً عنهم‏:‏ ‏{‏وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين * قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم‏}‏، وقال تعالى في هذه الآية الكريمة‏:‏ ‏{‏يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا‏}‏ أي أقررنا أن الرسل قد بلغونا رسالاتك وأنذرونا لقاءك، وأن هذا اليوم كائن لا محالة‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وغرتهم الحياة الدنيا‏}‏ أي وقد فرطوا في حياتهم الدنيا وهلكوا بتكذيبهم الرسل ومخالفتهم للمعجزات، لما اغتروا به من زخرف الحياة الدنيا وزينتها وشهواتها، ‏{‏وشهدوا على أنفسهم‏}‏ أي يوم القيامة ‏{‏أنهم كانوا كافرين‏}‏ أي في الدنيا بما جاءتهم به الرسل صلوات اللّه وسلامه عليهم‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس