عرض مشاركة واحدة
قديم 04-05-2014, 08:04 PM   رقم المشاركة : 2
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور



وذكر محمد بن إسحاق قال‏:‏ لما أسند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الشعب أدركه أُبيّ بن خلف وهو يقول‏:‏ لا نجوتُ إن نجوتَ، فقال القوم‏:‏ يا رسول اللّه يعطف عليه رجل منا، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏دعوه‏)‏ فلما دنا منه تناول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة، فقال بعض القوم كما ذكر لي‏:‏ فلما أخذها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم منه انتفض بها انتقاضة تطايرنا عنه تطاير الشعر عن ظهر البعير إذا انفضَّ، ثم استقبله رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فطعنه في عنقه طعنة تدأدأ منها عن فرسه مراراً تدأدأ‏:‏ سقط
وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏اشتد غضب اللّه على قوم فعلوا برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - وهو حينئذ يشير إلى رباعيته - واشتد غضب اللّه على رجل يقتله رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في سبيل اللّه ‏)وعن عائشة أم المؤمنين رضي اللّه عنها قالت‏:‏ كان أبو بكر إذا ذكر يوم أحد قال‏:‏ ذاك يوم كله لطلحة، ثم أنشأ يحدث، قال‏:‏ كنت أول من فاء يوم أحد فرايت رجلاً يقاتل مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دونه - وأراه قال حميَّة - فقلت‏:‏ كن طلحة حيث فاتني ما فاتني، فقلت‏:‏ يكون رجلاً من قومي أحب إلي، وبين وبين المشركين رجل لا أعرفه وأنا أقرب إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم منه، وهو يخطف المشي خطفاً لا أعرفه فإذا هو أبو عبيدة بن الجراح فانتهيت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقد كسرت رباعيته وشج في وجهه، وقد دخل في وجنته من حلق المغفر، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏(‏عليكما صاحبكما يريد طلحة‏)‏ وقد نزف فلم نلتفت إلى قوله قال‏:‏ وذهبت لأنزع ذلك من وجهه، فقال أبو عبيدة‏:‏ أقسمت عليك بحقي لما تركتني فتركته، فكره أن يتناولها بيده فيؤذي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأزمَّ عليها بفيه فاستخرج إحدى الحلقتين، ووقعت ثنيته مع الحلقة، وذهبت لأصنع ما صنع فقال‏:‏ أقسمت عليك بحقي لما تركتني قال، ففعل مثل ما فعل في المرة الأولى، ووقعت ثنيته الأخرى مع الحلقة، فكان أبو عبيدة من أحسن الناس هتماً، فاصلحنا من شأن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم ثم أتينا طلحة في بعض تلك الجفار، فإذا به بضع وسبعون أو أقل أو أكثر من طعنة ورمية وضربة، وإذا قد قطعت أصبعه، فأصلحنا من شأنه"‏أخرجه أبو داود الطيالسي والطبراني‏"‏وقال ابن وهب‏:‏ إن مالكاً أبا أبي سعيد الخدري لما جرح النبي صلى اللّه عليه وسلم يوم أحد مصَّ الجرج حتى أنقاه ولاح أبيض فقيل له‏:‏ مجه، فقال‏:‏ لا واللّه لا أمجه أبداً ثم أدبر يقاتل، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا فاستشهد‏)وقد ثبت في الصحيحين عن سهل بن سعد أنه سئل عن جرح رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال‏:‏ جرح وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه صلى الله عليه وسلم، فكانت فاطمة تغسل الدم وكان علي يسكب عليه الماء بالمجن، فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة أخذت قطعة من حصير فاحرقتها، حتى إذا صارت رماداً ألصقته بالجرح فاستمسك الدم وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فأثابكم غماً بغم‏}‏ أي فجزاكم غمًا على غم، كما تقول العرب‏:‏ نزلت ببني فلان نزلت على بني فلان، وقال ابن جرير‏:‏ وكذا قوله‏:‏ ‏{‏ولأصلبنكم في جذوع النخل‏}أي على جذوع النخل‏.قال ابن عباس‏:‏ الغم الأول بسبب الهزيمة وحين قيل قتل محمد صلى اللّه عليه وسلم، والثاني حين علاهم المشركون فوق الجبل، وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏‏(‏اللهم ليس لهم أن يعلونا‏)‏، وعن عبد الرحمن بن عوف‏:‏ الغم الأول بسبب الهزيمة، والثاني حين قيل‏:‏ قُتل محمد صلى اللّه عليه وسلم كان ذلك عندهم أشد وأعظم من الهزيمة‏.‏ وقال السدي‏:‏ الغم الأول بسبب ما فاتهم من الغنيمة والفتح، والثاني بإشراف العدو عليهم‏.‏ وقال محمد بن إسحاق‏:‏ ‏{‏فأثابكم غمًا بغم‏}‏ أي كرباً بعد كرب من قتل من قتل من إخوانكم، وعلو عدوكم عليكم، وما وقع في أنفسكم من قتل نبيكم، فكان ذلك متتابعاً عليك غماً بغم‏.‏ وقال مجاهد وقتادة‏:‏ الغم الأول سماعهم قتل محمد،، والثاني ما أصابهم من القتل والجراح‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لكيلا تحزنوا على ما فاتكم‏}‏ أي على ما فاتكم من الغنيمة والظفر بعدوكم ‏{‏ولا ما أصابكم‏}‏ من الجراح والقتل قاله ابن عباس والسدي ‏{‏واللّه خيبر بما تعملون‏}‏ سبحانه وبحمده، لا إله إلا هو جل وعلا‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


الآية رقم ‏(‏154 ‏:‏ 155‏)‏
‏{‏ ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور ‏.‏ إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم ‏}‏
يمتن اللّه تعالى على عباده فيما أنزل عليهم من السكينة والأمنة وهو النعاس الذي غشيهم وهم مشتملون السلاح في حال همهم وغمهم، والنعاس في مثل تلك الحال دليل على الأمان‏.‏ كما قال في سورة الأنفال في قصة بدر‏: ‏{‏إذ يغشيكم النعاس أمنة منه‏} الآية، وقال ابن أبي حاتم، عن عبد اللّه بن مسعود قال‏:‏ النعاس في القتال من اللّه، وفي الصلاة من الشيطان وقال البخاري، عن أبي طلحة قال‏:‏ كنت فيمن تغشاه النعاس يوم أحد، حتى سقط سيفي من يدي مراراً يسقط وآخذه ويسقط وآخذه‏.‏ وعن أنَس بن مالك، أن أبا طلحة قال‏:‏ غشينا النعاس ونحن في مصافنا يوم أحد فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه، ويسقط وآخذه، قال‏:‏ والطائفة الآخرى المنافقون ليس لهم همٌّ إلا أنفسهم، أجبن قوم وأرعبه وأخذله للحق ‏"‏أخرجه البهيقي‏"‏‏{‏يظنون باللّه غير الحق ظن الجاهلية‏}‏ أي إنما هم أهل شك وريب في اللّه عز وجلّ، فإن اللّه عزّ وجلّ يقول‏:‏ ‏{‏ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاساً يغشى طائفة منكم‏}‏ يعني أهل الإيمان واليقين والثبات والتوكل الصادق، وهم الجازمون بأن اللّه عزّ وجلّ سينصر رسوله ينجز له مأموله، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وطائفة قد أهمتهم أنفسهم‏}‏ يعني لا يغشاهم النعاس من القلق والجزع والخوف ‏{‏يظنون باللّه غير الحق ظن الجاهلية‏}‏ كما قال في الآية الأخرى‏:‏{‏بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبداً‏}
‏ وهكذا هؤلاء اعتقدوا أن المشركين لما أظهروا تلك الساعة أنها الفيصلة، وان الإسلام قد باد وأهله، وهذا شأن أهل الريب والشك، إذا حصل أمر من الأمور الفظيعة تحصل لهم هذه الظنون الشنيعة، ثم أخبر تعالى عنهم أنهم ‏{‏يقولون‏}‏ في تلك الحال ‏{‏هل لنا من الأمر من شيء‏}‏ فقال تعالى‏:‏ ‏{‏قل إن الأمر كله للّه يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك‏}‏، ثم فسر ما أخفوه في أنفسهم بقوله‏:‏ ‏{‏يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ههنا‏}‏، أي يسرون هذه المقالة عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏.‏ قال ابن إسحاق، عن عبد اللّه بن الزبير قال‏:‏ قال الزبير‏:‏ لقد رأيتني مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حين اشتد الخوف علينا أرسل اللّه علينا النوم، فما منا من رجل إلا ذقنه في صدره، قال‏:‏ فوالله إني لأسمع قول متعب بن قشير ما أسمعه إلا كالحلم يقول‏:‏ لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ههنا، فحفظتها منه، وفي ذلك أنزل الله‏:‏ يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ههنالقول معتب
‏"‏رواه ابن أبي حاتم‏"‏‏.‏
قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم‏}‏ أي هذا قدر قدره اللّه عزّ وجلّ وحكم حتم لا محيد عنه ولا مناص منه‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وليبتلي اللّه ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم‏}‏ أي يختبركم بما جرى عليكم ليميز الخبيث من الطيب، ويظهر أمر المؤمن من المنافق للناس في الأقوال والأفعال، ‏{‏والله عليم بذات الصدور‏}‏ أي بما يختلج في الصدور من السرائر والضمائر‏.‏ ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا‏}‏ أي ببعض ذنوبهم السالفة، كما قال بعض السلف‏:‏ إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، وإن من جزاء السيئة السيئة بعدها‏.‏ ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏ولقد عفا اللّه عنهم‏}‏ أي عما كان منهم من الفرار، ‏{‏إن اللّه غفور حليم‏}‏ أي يغفر الذنب ويحلم عن خلقه ويتجاوز عنهم‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


الآية رقم ‏(‏156 ‏:‏ 158‏)‏
‏{‏ يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير ‏.‏ ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون ‏.‏ ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون ‏}‏
ينهى تعالى عباده المؤمنين عن مشابهة المؤمنين مشابهة الكفار في اعتقادهم الفاسد الدال عليه قولهم عن إخوانهم الذين ماتوا في الأسفار والحروب‏:‏ لو كانوا تركوا ذلك لما أصابهم ما أصابهم، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم‏}‏ أي عن إخوانهم، ‏{‏إذا ضربوا في الأرض‏}‏ أي سافروا للتجارة ونحوها، ‏{‏أو كانوا غزَّى‏}‏ أي كانوا في الغزو، ‏{‏لو كانوا عندنا‏}‏ أي في البلد، ‏{‏ما ماتوا وما قتلوا‏}‏ أي ما ماتوا في السفر وما قتلوا في الغزو‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ليجعل اللّه ذلك حسرة في قلوبهم‏}‏ أي خلق هذا الاعتقاد في نفوسهم ليزدادوا حسرة على موتاهم، ثم قال تعالى رداً عليهم‏:‏ ‏{‏واللّه يحيي ويميت‏}‏ أي بيده الخلق وإليه يرجع الأمر، ولا يحيا أحد ولا يموت أحد إلا بمشيئته وقَدَره، ولا يزاد في عمر أحد ولا ينقص منه شيء إلا بقضائه وقدره، ‏{‏واللّه بما تعملون بصير‏}‏ أي علمه وبصره نافذ في جميع خلقه، لا يخفى عليه من أمورهم شيء، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولئن قتلتم في سبيل اللّه أو متم لمغفرة من اللّه ورحمة خير مما يجمعون‏}‏ تضمن هذا أن القتل في سبيل اللّه والموت أيضاً وسيلة إلى نيل رحمة اللّه وعفوه ورضوانه، وذلك خير من البقاء في الدنيا وجمع حطامها الفاني، ثم أخبر تعالى بأن كل من مات أو قتل فمصيره ومرجعه إلى اللّه عزّ وجلّ فيجزيه بعمله، إن خيراً فخير وإن شراً فشر فقال تعالى‏:‏ ‏{‏ولئن متم أو قتلتم لإلى اللّه تحشرون‏}‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس