عرض مشاركة واحدة
قديم 27-04-2014, 02:37 AM   رقم المشاركة : 2
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


ومن كان سكوتُه وكلامُه لله - عز وجل -
مُخالِفًا هوى نفسِه، فهو أجدرُ بتوفيقِ الله له،
وتسديدِه في نُطقِه وسُكوتِه، ومن عدَّ كلامَه من عملِه قلَّ كلامُه فيما
لا يَعنِيه ولا ينفعُه.
قال أنسٌ - رضي الله عنه -:
[ لا يتَّقِي اللهَ أحدٌ حقَّ تُقاتِه حتى يخزِنَ من لسانِه ]
إن حفظَ اللسان والورع في القول دليلُ كمال الإيمان، وحُسن الإسلام،
وفيه السلامةُ من العطَب، وهو دليلٌ على المروءة وحُسن الخُلق، وطهارة النفس،
كما يُثمِرُ محبَّةَ الله ثم محبَّةَ الناس ومهابتَهم له،
فأيُّ مُجتمعٍ طاهرٍ رفيعٍ سينتجُ إذا التزمَ أفرادُه بهذه الوصايا؟
لذا فإنه ليس كثيرًا إذا ضُمِنت الجنةُ لمن أمسكَ لسانَه؛
ففي "صحيح البخاري" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
( من يضمنُ لي ما بين لحيَيه وما بين رِجلَيه أضمنُ له الجنة )
إن الكلمةُ لها أثرٌ خطير، والحسابُ عليها عسير،
وسواءٌ قِيلَت باللسان وسُمِعت بالأصوات، أو كُتِبَت في الصحف والمِجلاَّت،
أو تداولَتها المواقعُ والمُنتديات، ورُبَّ كلمةٍ قالَت لصاحبِها: "دعني"!
وفي حديثِ مُعاذ بن جبلٍ - رضي الله عنه -:
( وهل يكُبُّ الناسَ في النار على وجوههم إلا حصائِدُ ألسِنَتهم؟! )
{ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ }
[ الانفطار: 10، 11 ].
عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال:
( قلتُ: يا رسول الله ! ما النجاة ؟
قال: أمسِك عليك لسانَك، وليسَعكَ بيتُك، وابكِ على خطيئتِك )
رواه الترمذي بإسنادٍ صحيحٍ.
ولو أقبلَ كلُّ مسلمٍ على واجبِه، وسعَى فيما يُصلِح معاشَه ومعادَه،
ساعِيًا في الإصلاح فيما أُنيطَ به؛ لكان أثرُه على نفسِه وعلى المُجتمع بليغًا.
عباد الله:
إن الحديثَ عن الآخرين، وتتبُّع سقَطاتهم وإشاعتَها والفرحَ بها لمن أقبَح المعاصِي أثرًا،
وأكثرها إثمًا، ولا يموتُ مُقترِفُها حتى يُبلَى بها، و
( كلُّ المُسلم على المسلم حرامٌ: دمُه ومالُه وعِرضُه )
رواه مسلم.
فكيف إذا كانت مسائِل خلافٍ بلا هُدى، ونوازِع طيشٍ على هوى،
وحبَّ غلبةٍ ورغبةِ استِعلاء، وإرادَة خفضٍ للآخرين؟!
فكيف إذا كانت غِيبةً لأهل الخير، وتحريشًا خفيًّا أو جليًّا بالعلماء،
وطلبة العلم، وأهل الصلاح، وتصنيفًا ظاهرًا بلا بُرهانٍ ولا بيِّنةٍ،
وغمزًا ولمزًا وسُخريةً واتهامًا للعقائِد والنيَّات؟!
إنه لا خلاصَ من هذه الرَّذائِل إلا بعزمةِ صدقٍ يكتالُ معها المؤمنُ من التقوى
والعمل الصالح مما يُلينُ قلبَه، ويجعلَه أخشَى لربِّه، وأوقفَ عند حُدودِه.
إن الترفُّع عن الخوض فيما لا يَعني لمن تمام العقل، كما أنه يُورِثُ نورَ القلب والبصيرة،
ويُثمِرُ راحةَ البال، وهَدْأَة النفس، وصفاء الضمير، مع توفيقِ الله تعالى للعبدِ،
إنها طهارةُ الرُّوح وسلامةُ الصدر.
وإن الاشتِغالَ بما لا يعنِي، وكثرةَ القول والخوض يُنتِجُ قلَّة التوفيق،
وفسادَ الرأي، وخفاءَ الحق، وفساد القلب، وإضاعَة الوقت، مع حِرمان العلمِ،
وضيقِ الصدر، وقسوة القلبِ، وطول الهمِّ والغمِّ، وكسف البال،
ومحق البركة في الرزق والعُمر.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه :
أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال:
( فمن حُسن إسلام المرء تركُه ما لا يَعنيه )
رواه الترمذي، وابن ماجه، ومالك في "الموطأ"، وأحمد في "المسند".
وفي "الصحيحين" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
( من كان يُؤمنُ بالله واليوم الآخر فليقُل خيرًا أو ليصمُت )
بارَك الله لي ولكم في القرآن والسُّنَّة، ونفعنا بما فيهما من الآياتِ والحكمةِ،
أقولُ قولي هذا، وأستغفِرُ الله تعالى لي ولكم.
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


الحمد لله، الحمد لله المُطَّلع على مكنون الضمائر،
يعلمُ النجوى وما تُخفِي السرائِر، و الخفيُّ عنده ظاهر
{ سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ }
[ الرعد: 10 ]
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القويُّ القاهر،
وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه،
صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبِه ومن اتَّبَعهم بإحسانٍ،
وسلَّم تسليمًا مُتصلاً إلى اليوم الآخر
أمابعد ...
أيها المسلمون :
العقيدة الإسلامية عقيدةُ الوضوح والاستِقامة؛
فلا يقومُ فيها شيءٌ على الظنِّ والوهم والشُّبهة، وفي محاسِنِ توجيهات القرآن الكريم:
{ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا }
[ الإسراء: 36 ].
أيها المسلمون:
هذه الكلماتُ القليلةُ التامَّةُ من القرآن تُقيمُ منهجًا كاملاً للقلب
والعقل يتفوَّقُ على المنهج العلميِّ الحديث؛ لأنه يُضيفُ إليه استقامةَ القلب،
ومُراقبةَ الله - عز وجل .
إنها ميزةُ الإسلام على المناهِج العقليَّة الجافَّة؛ فالتثبُّت من كل خبرٍ
ومن كل ظاهرةٍ قبل الحُكم عليها هو دعوةُ القرآن الكريم، ومنهج الإسلام الدقيق.
ومتى استقامَ القلبُ والعقلُ على هذا المنهَج لم يبقَ مجالٌ للوهم والخُرافة
في عالَم العقيدة، ولم يبقَ مجالٌ للظنِّ والشُّبهة في عالَم الحُكم والقضاء والتعالُم؛
بل لم يبقَ مجالٌ للأحكام السَّطحِيَّة والفروضِ الوهميَّة في عالَم البُحوثِ
والتجارُب والعلوم.
والأمانةُ العلميةُ التي يُشيدُ بها الناسُ اليوم ليست إلا طرفًا من الأمانة العقليَّة
القلبيَّة التي يُعلِنُ القرآنُ تبِعَتها الكبرى،
ويجعلُ الإنسانَ مسؤولاً عن سمعِه وبصرِه وفُؤادِه أمام واهِبِها - سبحانه -.
إنها أمانةُ الجوارِح التي سيُسألُ عنها العبدُ يوم القيامة،
أمانةٌ يهتزُّ لها الوجدانُ الحيُّ لجسَامَتها ودقَّتها، كلما نطقَ الإسلامُ بكلمة،
أو روى روايةً، أو كتبَ حرفًا، وكلما أصدر حُكمًا على شخصٍ أو أمرٍ أو حادِثةٍ.
وصدق الله:
{ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ }
[ الإسراء: 9 ].






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس