عرض مشاركة واحدة
قديم 01-08-2013, 01:12 AM   رقم المشاركة : 6
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


( الجزء الخامس )

أشرق الصباح على الزوجين
وهما مازالا مُستغرقان في سعادةٍ لا نهاية لها من بعد هذا البعد والجفاء ...!
استيقظت الأم ولم تجد زوجة ابنها بقربها
فرحت كثيراً وخرجت لتراهما وتقدم لهما التهنئة
كان الوقت فجراً ولم يستيقظا بعد
فوجئت العجوز بكسل مطلق الغير معتاد , وهو من كان يوقظها لصلاة الفجر
طرقت عليهما الباب تنادي , استيقظوا حلّ الصباح يا أبنائي قوموا للصلاة
استيقظ مطلق على صوت أمه وهو مبتسم ومرتاح جداً ومستبشر بهذا اليوم السعيد
وزوجته مازالت غارقة في بحر النوم مرهقة جداً وكأنها لم تنم لمدة سنة
حاول مطلق إيقاظها لكنها لم تستيقظ , فخرج وطلب من أمه أن توقظها
دخلت إليها وأيقظتها , أستيقظت الفتاة من نومها وهي ترى العجوز بجانبها
استغربت دخولها إلى الغرفة فسألت الأم وقالت :
أين هو مطلق يا خالتي كان هُنا ليلة البارحة
هل حصل له مكروه ؟

فقالت الأم :
لا يا ابنتي كان هُنا قبل قليل يوقظكِ وأنتِ لم تستيقظي , فطلب مني أن أوقظك

أخبريني يا ابنتي كيف كانت العودة إلى زوجكِ ؟
ضحكت الفتاة في خجل وقالت :
أنا من عدتُ يا خالتي وهو لم يرفض عودتي وكأنه كان ينتظرني على أحر من الجمر
ذهبتُ من غرفتكِ عندما كنتِ نائمة , كنتُ أريد أن تفرحين في الصباح عندما ترين فراشي مطوياً بجانبكِ وقد عادت المياه إلى مجاريها بيننا
قالت الأم : أسأل الله أن يديم عليكما السعادة يا ابنتي وأن يرزقكما الذرية الصالحة

هيا الصلاة يا ابنتي ومن ثم لنذهب إلى المطبخ
سوف يعود الآن مطلق من المسجد يريد القهوة
ردت الفتاة : آتية حالاً , أبدل ملابسي فقط والحق بكِ
خرجت الأم ولحقت بها الفتاة وحضرت الإفطار والقهوة
وبينما كانتا تجلسان في باحة الدار
فإذا بمطلق يدخل وهو عابس الوجه وعينيه فيها حزنٌ كبير , سارح التفكير !!!!

ويصفق بيديه ويقول :
لا حول ولا قوة إلا بالله , إنا لله وإنا إليه راجعون
خافت الأم وصرخت : ماذا هُناك يا مطلق هل حصل لأحد جيراننا مكروه ؟

فقال : نعم يا أمي ابنة جارنا كريم قد توفيت ليلة البارحة
رأيت الرجال يعزون أبيها في المسجد قبل قليل
وكان حاله محزن يا أمي محزن جداً !!
قالت الأم : إنا لله وإنا إليه راجعون
كلنا على هذا الطريق يا بني , لا تحزن . هذا حال البشر يولد احدهم ويموت آخر

فقال : ولكن موتها كان فاجعة لأهلها يا أمي
فهي صغيرة في السن وليست مريضة بأي مرض , كما يقولون الناس

فرد على نفسه : هل هُناك أعظم من مرض الحب ؟
لابد أنني السبب في موتها , فقد ماتت من القهر والحزن .. ربِ أغفر لي فوا لله لم أكن أريد جرح مشاعرها بقولي أبتعدي عني ولا تعودي
لماذا أجد نفسي في هذا الموقف , ما هو ذنبي يا الله .. يا رب أرحمني من العقاب وأرحمها وأغفر لها وأغفر لي خطأي وأنت تعلم عن نيتي يا الله .
كانت زوجته تستمع إلى حديثهما هو وأمه , وهي ترى علامات الحزن الكبير في عيني مطلق
وتساءلت ترى ما هو سر هذا الحزن ؟
لا بد لي أن أعرف , لابد أن أسأله ولكن ليس الآن ..!
فقالت : تفضل القهوة يا أبو زيد

فقال :
لا , لا أريد أنا ذاهب لدي عملٌ كثير هذا اليوم , تأخرت على عملي لابد أن أذهب الآن

لا تنتظروني على الغداء سأعود مساءاً إن شاء الله
فقالت الفتاة للأم :
ماذا أصاب مطلق يا خالتي , هل خرج يوماً بلا قهوة ولا إفطار ؟
ردت الأم :
لا والله يا ابنتي لم أراه في هذا الحال إلا اليوم
ولكن لا تقلقي فأنه حزين لحزن جارنا فهو صديق أبيه رحمة الله عليه ويعتبره في مقامه

تناولي إفطارك يا ابنتي لنذهب لجيراننا ونؤدي الواجب معهم
كان مطلق يجلس وحيداً في مكانٍ بعيد في الصحراء يناجي الألم والحزن

ويردد بعض الأبيات الحزينة في موت هذه الفتاة
ويحاول الترويح عن نفسه الحزينة
إلى أن جاء وقت المساء , وهبط الظلام على ملامح السماء
وكان الليل .... ينادي بقدوم ليلة جديدة
عاد مطلق إلى المنزل .. وجلس في باحة الدار
ينادي أين انتم , يا أم زيد ..
خرجت زوجته من المطبخ كانت تحضر العشاء , وسألته
نعم أنا هُنا هل عدت يا أبو زيد , هل تريد أن آتي بشيء ؟
فقال : نعم هاتي لنا شاي , وبعض الماء .. وبدأ يتمتم
هذا أصعب نهار في حياتي لم أرى الحزن صعباً بهذا الشكل كما رأيته اليوم

جاءت بالشاي وسألته :
أبو زيد هل أسألك وتجيبني على سؤالي دون أي صراخ أو عصبية ؟

فقال : اسألي وسأرى .
فقالت : ما هو سر هذا الحزن في عينيك اليوم ؟
هل تعرف الفتاة هذه , هل كانت بينكما علاقة ؟
فقال : هل جُننتِ يا امرأة علاقة ماذا , ومن أين أعرفها ؟
هي ابنة جارنا فقط , ولم يسبق لي رؤيتها ولا التحدث معها
فقالت : ولماذا تحدد رؤيتها والتحدث معها , وأنا لم أتهمك بهذا الكلام !!

فقال : لاشيء , لاشيء دعينا نعيش هذه الليلة بهدوء وأكرمينا بصمتكِ
فقام إلى الغرفة بسرعة , وقالت : والشاي يا أبو زيد لا تريده ؟!!!
جاءت العجوز من منزل الجيران , وهي تردد عبارات الحزن وقالت لم أرى أم سلمى بهذه الحالة يا ابنتي

كانت ابنتها الوحيدة وهي التي تقوم على خدمتها
الآن أصبحت المسكينة وحيدة في منزلها لا معين ولا ونيس إلا الله

فردت الفتاة :
ونعم بالله يا خالتي , لا تحزني فإن الله لا يترك عباده وهو رحيم بهم وبحالهم

وأنا غداً سوف أذهب لها باكراً لأساعدها لا تهتمي
هل أسكب العشاء يا خالتي .. فقالت الأم : وأين مطلق , هل عاد من عمله ؟

فقالت : نعم وهو في الغرفة الآن , ولكنه حزين جداً ولا أعلم ماذا يحزنه لهذه الدرجة وكأنها أخته أو قريبته !!!

ردت الأم وقالت :
مطلق قلبه حنون جداً يا ابنتي ويحزن من أبسط الأمور , حاولي يا ابنتي أن تخرجيه من هذه الحالة وأدخلي إلى نفسه السعادة بالكلام الجميل
حاولي معه بوما يعود إلى طبيعته , للتو كنتما سعيدين ليلة البارحة وجاءتنا هذه المصيبة اليوم وأنقلب الحال إلى حزن آخر , ولا حول ولا قوة إلا بالله !!
هيا ابنتي , اسكبي لنا العشاء ونادي زوجكِ لنذهب إلى النوم فأنا متعبة كثيراً أريد الراحة
فقامت الفتاة وسكبت العشاء .. وذهبت لتنادي مطلق , فوجدته متغطي باللحاف وصوت بكاءه يملأ الغرفة
أغلقت الباب فوراً وعادت إلى الأم , وقالت : وجدته نائم يا خالتي , اليوم قد تعب كثيراً دعيه ينام وإذا استيقظ سوف أسكب عشاءه مرة أخرى

تناولت الأم عشائها وذهبت إلى النوم
وعادت الفتاة إلى زوجها , لترى ما هي المشكلة ؟
وجدته جالساً على فراشه , وعينيه حمراوين من البكاء والحزن
فقالت : يا أبو زيد أصدقني القول , ماذا يجمعك مع هذه الفتاة ؟
صدقني لن أغضب منك إن قلت الصراحة , فقط صارحني بالحقيقة , على الأقل تروح عن نفسك هذا الكبت

فقال : نعم أنها ابنة جيراننا قد رأيتها قبل عدة ليالي على السطح عندما ألقت بحجرة صغيرة في باحة الدار
وذهبت لأرى من أين جاءت .. ووجدتها , كانت فتاة في غاية الجمال وصغيرة لا تستحق الموت يا أم زيد
كانت تقول لي أنها تحبني وأنا ترغب في الزواج مني منذُ زمن , وأنها حزنت كثيراً لأنني الآن متزوج بغيرها , وأنا والله لا أعرفها من قبل

كنت قاسي معها كثيراً ورفعت صوتي في وجهها في تلك الليلة وقلت لا تفكري في مطلق ولا تعودي لرؤيتي مرة ثانية

وفعلاً الآن هي لن تعود يا أم زيد ولن تفكر فهي لم تعد معنا في هذه الحياة , ماتت يا أم زيد ماتت الفتاة وأنا السبب !!!!
وكان يبكي بقوة ويردد أسمها :
آه يا سلمى سامحيني , آه يا سلمى لماذا تتركيني حزين , آه لو تعودين فقط والله لن أبدلك بنساء هذا الكون كله !!!
خرجت زوجته من الغرفة , لتنام مع العجوز مرة أخرى !!!!
فتحت الباب بهدوء ودخلت إلى الغرفة وبقيت مستيقظة إلى وقت الفجر

وهي تفكر في حال زوجها النادم على زواجه منها !!!
أسرعت بالنهوض قبل العجوز حتى لا تراها نائمة بجانبها
وخرجت ومن ثم عادت لتوقظها للصلاة , ومن ثم ذهبت لتحضير القهوة

جاءت العجوز وجلست في باحة الدار , وجاءت القهوة
فقالت لزوجة أبنها : أيقظي زوجكِ يا ابنتي , هل ذهب إلى المسجد اليوم ؟
فقالت : لا أظن أنه ذهب .
فقالت : أذهبي واطمئني عليه يا ابنتي , ربما أنه يشعر بتعب أو شيء ؟

فقالت : لا يا خالتي , أذهبي أنتِ لا أرغب في رؤيته ولا في الحديث معه
فقالت : ولماذا , ماذا جرى بينكما أيضاً ؟
فقالت : لاشيء ولكن معدتي تؤلمني إن نظرت في وجهه أو شممت رائحته
فقالت : مبارك يا أبنتي , ربما تكونين حامل , لا تقلقي هي فترة وتنتهي
فقالت : لا أعتقد يا خالتي .. لكنني لا أغرب في الذهاب إليه , أعفيني من رؤيته فقط
فقالت : حسناً سأذهب أنا لإيقاظه
وقالت الفتاة : وأنا أيضاً ذاهبة لأرى الماعز , وأطعمها ..!
ذهبت العجوز لمطلق .. ودخلت إليه في الغرفة
واقتربت من فراشه , تنادي يا مطلق , يا مطلق هداك الله استيقظ يا بني

أشرقت الشمس الآن وأنت مازلت نائم , لا صلاة ولا عشاء , ولا إفطار ما بك يا بني ؟
لكنه لم يجيب بأي كلمة ..............
يتبع ( الجزء السادس )






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس