أضافة إلى ذلك فإن الشكل التضاريسي المستوي شرق هضبة نجد يجعل مسار العواصف الترابية يبدو أكثر قوّة
جنوباً من العراق في المنطقة المحصورة ما بين الخليج العربي وبين هضبة نجد
أما رياح الخماسين فهي الرياح الجنوبية التي تشابه الأزيب في الجزيرة وتؤثر على ليبيا ومصر وبلاد الشام في فصل الربيع برياح جافة نشطة محملة بالغبار
تنشط هذه الرياح في شهر مارس وتشتد مع نهايته وتبلغ قوتها في شهر أبريل بسبب التفاعل مع المنخفضات العابرة فوق مياه البحر المتوسط
وسميت بالخماسين لتراوح فترة نشاطها حول الخمسين يوماً
ومثل الأزيب والخماسين رياح الكوس في مناطق الخليج
لكن رياح الكوس والأزيب رطبة لأن مصدرها رطب وأما رياح الخماسين فتتسم بالجفاف لجفاف المصدر
أنظمة الرياح العالمية
أنظمة الرياح المحلية التي ذكرناها فيما سبق ماهي إلا جزء من أنظمة رياح أشمل وأعمّ وهي الأنظمة الرئيسية التي تؤثر على الكرة الأرضية بشكل كامل
وهذه الأنظمة العامة لا تعكس الشكل الحقيقي الدائم للرياح على المناطق كلها ولكن هي أنماط سائدة في أغلب الأوقات
فإذا قلنا أن الرياح السائدة على منطقة ما هي الرياح الشمالية الغربية فهي في أحيان اخرى قد تكون شرقية وقد تكون جنوبية غربية وغير ذلك
ولكن نحن هنا سنتحدث عن الأطر العامة التي تنظم دورات الهواء في الغلاف الجوي
ولإفتراض إطار عام لحركة الرياح على الكرة الأرضية يمكن القول بأن الجزء الأوسط من الكرة الأرضية (المناطق الإستوائية)
يستقبل من الشمس طاقة حرارية أكبر من مناطق الكرة الأرضية الأخرى
فيحدث صعود الهواء إلى الأعلى على وسط الكرة الأرضية لتتشكل منخفضات جوية على السطح ومرتفعات جوية بالطبقات العلوية على المناطق الإستوائية
الرياح الصاعدة في المناطق الإستوائية تصل إلى مستويات تتوفق فيها عن الصعود فتأخذ بالإتجاه شمالاً وجنوباً نحو القطبين
وهناك يبرد الهواء وتزداد كثافته ويبدأ الهبوط لتتشكل منخفضات جوية بالأعلى ومرتفعات بالسطح
وتقوم المرتفعات السطحية بدفع الهواء إلى المناطق الإستوائية مرة أخرى حيث يتم تصعيدها من جديد لتستمر دورة الهواء
هذه النظرية التي سميت نظرية الخلية الواحدة التي تفترض دورة هواء في النصف الشمالي للكرة الأرضية
ودورة أخرى مثلها في النصف الجنوبي ظلت سائداً لفترة
حتى أواخر القرن الثامن عشر حيث تم تحرير هذا الإفتراض وتنقيحه وتعديله
فقسمت الخلية السابقة إلى ثلاث خلايا أي ثلاث دورات هواء في كل نصف من الكرة الأرضية فأصبحت الفكرة أكثر ملائمة للواقع
تقول النظرية بعد تنقيحها ..
أن الهواء الذي يصعد من تسخين منتصف الكرة الأرضية يصدم بطبقة التروبوبوس على إرتفاعات تصل إلى 10 كيلومتر لتعمل عمل المصد
فيتجه الهواء مجبراً نحو الأقطاب ولكنه لا يستمر في سيره حتى الأقطاب حيث أنه يبرد ويثقل
ثم يهبط فوق العروض الوسطى خط عرض 30 مكوناً منطقة مرتفعات جوية سطحية بسبب الهواء الهابط على طول هذا الخط
والصورة التالية توضح صعود الهواء فوق منتصف الكرة الأرضية وهبوطه قبل أن يصل الأقطاب
وهذه النظرية تفسر وجود أغلب صحاري الكرة الأرضية جنوباً من هذا الخط حيث تتسم هذه المناطق بوجود الرياح الهابطة الجافة وصفاء السماء
وللعلم تقع الجزيرة العربية ضمن هذه الحزام من المرتفعات
هذه النظرية تفسر أيضاً الرياح التجارية التي تهب من خط 30 شمال مدار السرطان وخط -30 جنوب مدار الجدي
بإتجاه خط الإستواء لإكمال دورة الهواء في هذه الخلية التي ذكرناها
ولهذه الرياح أهمية كبيرة في حركة السفن في القرون الماضية
إذن الخلية الأولى التي ذكرناها هي من خط الإستواء إلى خط 30 ومثلها من خط الإستواء إلى -30
والخلية الثانية هي من خط 30 إلى خط 60 ونظيرتها في جنوب الكرة الأرضية من خط -30 إلى خط -60
والآن سنتحدث عن الخلية الثانية ..
فالمرتفعات الموجودة على خطي 30 و -30 تهب منها الرياح نحو الإستواء كما قلنا وكذلك تهب منها نحو الأقطاب
وبوبها بإتجاه الأقطاب يجعلها تلتقي برياح قطبية باردة
وهنا يحدث تصادم بين كتلتين إحداهما شمالية باردة والأخرى جنوبية دافئة مما يتسبب في خلق منطقة مطيرة أخرى
لدينا الآن منطقة مطيرة على خط صفر (خط الإستواء) ومنطقتين جافتين على الخطين 30 و -30 الجدي والإستواء ومنطقتين مطيرتين على الخطين 60 و -60
على خط 60 و -60 الهواء العلوي جزء منه يعود إلى الخطوط 30 و -30 لإكمال دورة الهواء في هاتين الخليتين
وجزء منه يتوجه نحو القطبين ويهبط مكوناً مرتفعين قطبيين سطحيين على خطي 90 و -90
ومن القطبين يهب الهواء مرة أخرى بإتجاه الخطين 60 و -60 ومن هناك تكتمل الدورة صعوداً
والرسمة التالية توضح هذه الخلايا
مع بيان أن هذه الأنظمة غير ثابتة في موقعها لإختلاف حركة الشمس الظاهرية صيفاً وشتاءاً
حيث تنزاح هذه الأنظمة جنوباً مع إنزياح الشمس جنوباً وشمالاً مع إنزياحها شمالاً
أنظمة المرتفعات والمنخفضات شبه الثابتة
بناءاً على نظام الغلاف الجوي الذي ذكرناه فهناك انظمة سطحية موسمية تعتبر شبه ثابته
وتظل لفترة طويلة في موقعها ويكون لها تأثير على الوضع المناخي العام لمناطق واسعة من الكرة الأرضية
في شهر يوليو فصل الصيف على نصف الكرة الشمالي يبرز المرتفع الآزوري في المحيط الأطلسي والمرتفع الآخر هو مرتفع المحيط الهادي
طبعاً نلاحظ المرتفعات غير متواجدة على اليابسة بسبب الحرارة التي تعم نصف الكرة الشمالي في أشهر الصيف
وهذه الحرارة على اليابسة ينتج منها منخفض سطحي حراري ضحل وسط القارة الآسيوية في أشهر الصيف ويمتد لمسافات واسعة في كل الإتجاهات
أما على جنوب الكرة الأرضية فيكون الوضع معاكساً فصيف نصف الكرة الأرضية الشمالي يقابل شتاء على نصفها الجنوبي
وتتواجد المرتفعات الجوية جنوب الكرة الأرضية على إمتداد الخط -30 ولكن مرتفعات أقل قوة بسبب أن المناطق على هذا الخط في غالبيتها بحار
وفي أشهر الشتاء على نصف الكرة الشمالي فيبرز لدينا المرتفع الجوي الضخم السيبيري بسبب برودة اليابسة الشديدة
وهناك مرتفع قاري يبرز أيضاً شمال كندا على اليابسة
وعلى البحار يتواجد أيضاً المرتفع الآزوري على المحيط الأطلسي بشكل أضعف منه صيفاً
وهنا صورتين توضح أنظمة الرياح العالمية شبه الثابتة