عرض مشاركة واحدة
قديم 11-06-2013, 04:35 AM   رقم المشاركة : 1
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور
Icon9 ۩ قصـــة قلـــــــــوب متعـبة ؟


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصـــة قلـــــــــوب متعـبة ؟

كانت الغرفة تغرق بظلام دامس باستثناء مصباح صغير على منضدة بجوارها كرسي جلس علية وليد وهو ممسك بورقة وقلم يكاد لا يعي ما حوله , حتى سارة التي كانت ترقبه بصمت وهي على سريرها لم يكن يدركها . ليالي طويلة يظل ساهرا هكذا إما أن يكتب أو يخرج ولا يعود إلا في الصباح , أغلقت سارة عينيها وهي تفكر في ما يكتبه في هذا الوقت المتأخر ؟ لو تستطيع فقط النهوض ومشاركته أفكاره ولكن هذا مستحيل !
كتمت سارة تنهدات الألم وهي تشد الغطاء على رأسها : يوما عن يوم تتسع المسافة بيني وبينك يا وليد ولا أعرف ماذا أفعل ؟ قلبي يكاد يقفز كلما نظرت لك ووجدتك ضائع هكذا أخاف أن أقترب منك وتصدمك مشاعري وأنا لا أريدك أن تتأذى يكفي ما تعاني منه ,
صوت الباب وهو يغلق بهدوء أوقف سارة عن الاسترسال في أفكارها فرفعت الغطاء لتجد مقعد وليد خاليا ومازالت تلك الورقة ملقاة بإهمال على المنضدة ,
نزلت من السرير وتوجهت للورقة وقبل أن تلمسها فــُتح الباب من جديد ووقف وليد به ورغم دهشته من استيقاظ سارة ولكنه لم يعلق على الأمر كعادته في اللامبالاة, توجه مباشرة إلى خزانة الملابس وهو يخرج له ملابس للخروج , نظرت سارة للساعة لقد تجاوزت الواحدة صباحا ولكن مع وليد لا فرق بين الليل والنهار !
حاولت سارة وضع يدها على ذراعه وهي تقترب منه ولكن ككل مرة تفقد شجاعتها وتخسر معركتها مع مشاعرها التي تتأرجح بين رفض وليد وقبوله فسحبتها في اللحظة الأخيرة وهي تحاول السيطرة على صوتها والابتسام : هل ستخرج ؟
كافحت الرجفة التي اعترتها وهي تضيف : الوقت متأخر !
لا تعرف سارة هل لاحظ وليد اضطرابها ولكنه تمتم بصوت منخفض : لن أتأخر
وأكمل ارتداء ملابسه دون اهتمام , لقد فقد الكثير من وزنه وأهمل شعر رأسه وذقنه حتى بدا شخص أخر تكاد لا تعرفه , استندت على الجدار تتأمله بصمت فهذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها الاقتراب من وليد وتفشل, كل مرة تعيش نفس الصراع مع مشاعرها وتخسر لتعود من جديد تضم بصمت خذلانها فلا تستطيع أبدا لوم وليد هو ضحية مثلها , أخذ مفتاح السيارة من على المنضدة وخرج بهدوء دون أن يتفوه بكلمة .
تنهدت سارة بألم وهي تشعر بعجزها على اقتحام قلب وليد , أحيانا كثيرة تشعر أنه لا يحس بوجودها وعندما يتنبـّه لذالك يغرق بعزلته أكثر وكأنه يعاقب نفسه ويعاقبها !
تقدمت من النافذة واستندت عليها وهي تميل إلى الأمام لتنظر للأسفل كانت سيارته ما تزال موجودة ؟
انه شارد كعادته, مرت ثواني قبل أن تنطلق السيارة وتختفي عن الأنظار .
عادت إلى فراشها والتعب يعتريها لتستلقي بسكون تام تستعيد به شريط الأيام الذي لا يــُمحى من ذاكرتها ؟
ثلاث أشهر مضت كأنها كابوس تغيرت خلالها حياتها وتبعثرت أحلامها وهاهي يوم بعد يوم تخسر الرجل الوحيد الذي أحبته رغم أنه بين يديها ولكنها عاجزة عن الإحساس به والاقتراب منه !
تنهدت سارة وهي تمسح دموعها التي لم تجف منذ الحادث !
يوم أسود شاهدت به وليد ممدد في غرفة العمليات بين الحياة والموت !
لم تتخيل إلا الأسوأ والدماء تغطي كل جسده ولكن هاهي الأيام تـُعيده لها , لقد خرج من الحادث سليما أو هكذا تصورت! اعتقدت أن وليد تجاوز الخطر وعاد لها من جديد ولكن حلمها تلاشى وهي تقرأ علامات القلق على وجه الطبيب ؟
تعثرت بخطواتها المليئة بالخوف وهي تتبعه لحجرته وقلبها يخفق بقوة من قدر مفاجئ قد يحمله لها الطبيب ؟
بدأ الطبيب يشرح لها أمور عديدة وتعقيدات كثيرة عن العملية وهي تحاول أن تلتقط من حديثه سر القلق البادي على وجهه ولكنه استمر بسرد تفاصيل كثيرة لم تتوقف إلا عندما قال (Affective Blindness ) فأحست بشيء غريب يتقاذفها لاحتمالات بشعة كل احتمال أقسى من الآخر وقد يأخذ وليد منها إلى الأبد !
كان جسدها كله يرتجف وهي تمد يدها بضعف للطبيب : ماذا يعني هذا ؟

تنهد الطبيب بقلق وخوف وهو ينظر لحالتها : أسمعي يا ابنتي , زوجك سليم نوعا ما جسديا ولكن الحادث أثر على الدماغ لقد تعرض لضربه شديدة على المخ فتضرر جزء يسمى (الأميجدالا ) وهذا الجزء هو بمثابة مخزن للذاكرة العاطفية بمعنى انه مستقبلا سيجد صعوبة في التعرف على أقربائه وأصدقائه حتى والدته أو زوجته ! ولن يشعر بأي عاطفة أو أي إحساس سواء كان خوف أو غضب العاطفة بالنسبة له ستكون (عمياء ) ! ما حصل مع وليد ببساطة هو عمى انفعالي ومن الصعب التعامل مع الشخص المصاب بهذا المرض ولكن ليس مستحيلا , لذالك أردت أن أضعك وأسرته بالصورة فهو الآن بحاجه لكم ,,
صرخت سارة وهي تغالب دموعها التي لم تستطع كبحها :
مستحيل كيف لا يعرفني وليد !, أنا زوجته هل تعرف معنى هذا !






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس