وأما الكُفُور فيستعمل فيهما جميعًا ؛
كما في قول الله تعالى :
{ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إَلاَّ كُفُوراً }
(الإسراء: 99)
ثانيًا - جاء الأمر في سورة ( الكافرون )
من الله عز و جل لمحمد صلى الله عليه بندائهم بوصف الكافرين :
{ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ }
لأنه لا يوجد لفظ أبشع ولا أشنع من هذا اللفظ ؛
لأنه صفة ذمٍّ عند جميع الخلق ؛
كما لا يوجد لفظ أبلغ في الكشف عن حقيقة هؤلاء ،
وأشدُّ وقعًا عليهم ، و إيلامًا لهم من لفظ الكافرين ،
فهو ثمرة للجهل ، وصفة ذَمٍّ ثابتة ؛
ولكونه كذلك لم يقع الخطاب به في القرآن الكريم في غير موضعين،
هذا أحدهما.
والثاني قوله تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ }
(التحريم: 7)
و الفرق بينهما : أن { الَّذِينَ كَفَرُوا }
يحتمل أن يكونوا قد آمنوا ثم كفروا .
و أما }{ الْكَافِرُونَ}
فيدل على أن الكفر صفة ملازمة لهم ثابتة فيهم ؛
سواء كانوا أصحاب عقيدة يؤمنون بأنها الحق ،
أو كانوا من المشركين عبدة الأوثان و الأصنام .
و أما لفظ { الكُفَّار }
فالتشديد فيه للمبالغة في الوصف ،
و يطلق في اصطلاح القرآن أكثر ما يطلق على المشركين ،
عبدة الأوثان و الأصنام ،
و قد يطلق و يراد به عموم الكافرين ؛
كما في قوله تعالى :
{ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ }
(الفتح: 29)
و قال تعالى :
{ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ }
(البقرة: 276)
فأتى بصيغة المبالغة في الكافر و الآثم ،
وإن كان تعالى لا يحب الكافر ،
تنبيهًا على عظم أمر الربا ومخالفة الله عز و جل .
و قال تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَ لَعِباً
مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }
(المائدة: 57 )
، ففرق بين الكفار ، و أهل الكتاب وهم كفار .
و قال تعالى :
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ }
(التوبة: 73 )
ففرق بين الكفار و المنافقين ،
و المنافقون كفار بلا ريب .
و بهذا الذي ذكرناه يظهر الفرق في استعمال القرآن الكريم
للفظ { الكافرين } ،
و لفظ { الذين كفروا } ،
و لفظ { الكفار } ،
و الله تعالى أعلم ،
و الحمد لله رب العالمين