عرض مشاركة واحدة
قديم 29-05-2013, 04:20 AM   رقم المشاركة : 223
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


فصبرت وصبرت ثم صابرت على ذلك كثيراً، حتى كان هذا السلوك وحده أكبر عامل جذب لهم لمعرفة السر الكامن وراء هذا التغيير إلى الأفضل!! ففتح الله مسامع القلوب لذكره وأوامره!! وصدع صوت القرآن في أرجاء منزلنا بديلاً عن مزامير الشيطان وملاعنه!!

وعشعش العنكبوت على تلفاز منزلنا زهداً في مشاهدة مفاسده!! بعدما تعلقت قلوبهم بالحكايات والقصص التي كنت أتعلمها وأحكيها!! وصار النقاب، وليس الحجاب فحسب؛ سمتاً لجميع بنات عائلتي (حتى بنات الأعمام والعمات) بعدما كان مجرد حجاب شقيقتي أسمى أمنياتي ومنتهى أحلامي!!

ليصدِّق الواقع على قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم :
(إن الرفق ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شأنه).
وفي حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(إن الله عز وجل ليعطي على الرفق ما لا يعطي على الخرق)
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من الخير، ومن حرم حظه من الرفق حرم حظه من الخير).
فالإنسان الأخرق هو الذي فيه حماقة، وفيه تهور، وفيه اندفاع، وفيه طيش، وفيه عنف!!
هذه تجربتي بين أيديكم إخواني، فهلا كان لكم فيها من الموعظة ما يكفي ؟!
تابعوا . .

محبكم
أبو مهند القمري

كنت أظن . . ولكني اكتشفت . . فقررت!!

. . الحلقة الرابعة . .

(واقعية الفهم)

كنت أظن . .
أن الهموم والقضايا التي تحيط بالمسلم، ابتداءً بما يحمله من هموم آخرته، وما فيها من أهوال وشدائد، ومروراً بهموم دنياه وما يواجهه فيها من فتن ومصاعب، ووصولاً إلى هموم أمته، وما نزل بها من نكبات ومصائب؛ كفيل بألا يجعل إلى قلب المسلم سبيلاًللترويح والمزاح!! وبالتالي فحياة الملتزم غالباً ما يسيطر عليها الهم والحزن!!

ولكني اكتشفت. .
أن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي نزل عليه الوحي بثقله، وحمَّله أعظم الهموم وأجلها، متمثلة في تأدية أمانة تبليغ الرسالة التي كلفه الله بها، ناهيك عن كونه قد رأي الجنة ونعيمها!! والنار بأهوالها رأي العين!! وهذا وحده كفيل بأن يذهب بعقل أي واحدٍ منَّا!!

غير أنه على الرغم من ذلك؛ كان يعلمنا كيف نتعامل مع بشريتنا بواقعية متميزة، بل ونهانا عن توهم إمكانية العيش كملائكة، وذلك من خلال عتابه للصحابي الجليل حنظلة الأسيدي رضي الله عنه، حينما اتهم نفسه بالنفاق؛ لمجرد أنه كان إذا انصرف من عند النبي صلى الله عليه وسلم داعب الأهل والأولاد!!

فعاتبه (صلى الله عليه وسلم) قائلاً: (يا حنظلة ساعة وساعة) وكررها ثلاثاً!! كما أنه كثيراً ما كان يداعب صحابته للترويح عن نفوسهم (البشرية) حتى قالوا له فيما رواه الترمذي : يارسول الله إنك لتداعبنا!! فقال : "إني لا أقول إلاحقاً" فها هو (صلى الله عليه وسلم) يمازح بلالاً حين أراد أن يضحي بكبش، فلم يجد إلا ديكاً، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم هل يجزئ عنه، فقال له صلى الله عليه وسلم :
(أيضحي مؤذن بمؤذن)؟!
وهذه امرأة تسأله أن يعطيها بعيراً لتركبه فقال لها : "أحملكعلى ولد الناقة" فتعجبت!! ما تصنع بولد الناقة، قال لها : "وهل تلد الإبلَ إلاالنوقُ؟!"
وسأل امرأة ذات مرة : أزوجك الذي في عينه بياض؟! فقالت : عقرى أي (يا ويلي) فقال لها (صلىالله عليه وسلم) : "وهل من عين إلا وفيها بياض"؟!
بل وتصفه حبيبته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حين سُئلت عن حاله إذا خلا في بيته (صلى الله عليه وسلم) فقالت: "كان ألين الناس وكان رجلاً من رجالكم إلا أنه كان ضحاكا بساما"

هذه الأمثلة وغيرها، تؤكد على إدراك النبي صلى الله عليه وسلم التام لطبيعة النفس البشرية، وتعطي نماذج عملية، بل ومثالية في كيفية التعامل معها، ففي النفس بواعث الفرح والحزن، والضحك والبكاء، والحب والبغض، والرضا والغضب، والحماسة والخوف، فكان من البديهي أن يتيح لها منهج الله الشامل الوافي نصيبها المقسوم من التفاعل الطبيعي مع كل ذلك (كنفس بشرية) ولكن في إطار توجيهات وسطية دونما إفراط أو تفريط، وكل من يتوهم عكس ذلك فهو واهم، أو إن شئت فقل، لم يبلغ وعيه القدر الكافي بشمولية هذا الدين!!

فقررت. .
أن أعيش بدين الله كما أراده الله لي (كنفس بشرية) منسجماً بهذا التوازنٍ التام بين ما أملك من الصفات البشرية، متفاعلاُ بمتطلباتها في حدود من الأطر الشرعية، وبين ما أواجهه من الأحداث الدنيوية، متفاعلاً معها بقلب المسلم (القدوة) الذي يرشد الناس (بأفعاله) لا بمجرد أقواله فحسب إلى التصرف الصحيح في كل موقف، وكذا بين ما أرجوه من التطلعات الأخروية، بإخلاص القلب لله، وتحويل كل عمل دنيوي بالنية الصادقة إلى عبادة أخروية!!

فأخالط الناس مبتسماً ضحوكاً، وأكون بحكمتي قريباً منهم، وفي كل مواقفي وأطروحاتي مؤثراً لا متأثراً، وأتفاعل مع قضايا الأمة، ولكن دون إتاحة الفرصة للهموم لكي تهزمني، وإنما أبعث بها مع أول تنهيدة عبر الأمال العريضة إلى آفاق الوعد المحتوم بنصر الله تعالى لهذا الدين، دونما تقاعس عن بذل كل ما في مقدوري من النصرة، ولو بالدعاء بظهر الغيب لإخواني.

وهكذا لو تفاعل المسلم مع كل ما يعترضه من أحدث من خلال هذا المنظور الواقعي للتفاعل الإيجابي بمنهج هذا الدين، سواءً مع نفسه أو مع البيئة المحيطة به، فلن يعرف البؤس إلى حياته طريقاً!!

بل سوف يشعر بسعادة بالغة تغمر حياته، هذا إلم يفاجأ يوماً من الأيام بأنه قد صار بحكمته وسعة صدره؛ مصدر السعادة للكثيرين من حوله!!

إن تصويب المسلم بصره نحو آخرته، وثبات أقدامه على طريق رضوان ربه، وتذليل الصعاب أمام مسيرته بما كان من هدي نبيه، لهو المنهج الشامل الذي يجعل المسلم يحترف كيف يتفاعل بهذا الدين، روحاً وقلباً، جسداً ونفساً، مشاعراً وعقلاً، عزلة واختلاطاً، فرحاً وحزناً، يسراً وعسراً، ليجعل من مسيرته كلها، أفضل رحلة إلى الله والدار الآخرة!!
تماماً كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم
تابعوا . .

محبكم
أبو مهند القمري


كنت أظن . . ولكنياكتشفت. . فقررت!!

. . الحلقةالخامسة . .
(الحيُّ لا تُؤمن عليه الفتنة!!)


كنت أظن . .
أن الشيوخ والدعاة الذين كنت أستمع إلى خطبهم، وأتابع دروسهم متأثراً بمواعظهم الروحانية التي كانت تخترق بروعتها مسامع القلوب، وتلامس أعماق النفوس؛ لما فيها من معاني الصدق والإخلاص، حيث لا يواجه أحدنا كثير عناء؛ كي يستشعر بالفعل أنها قد خرجت من القلب إلى القلب . .
هم فوق مستوى الزلل أو الوقوع في أي مخالفة شرعية!!
وأن رأيهم دائماً هو الصواب الذي لا يحتمل بإذنالله الخطأ!! إذ كيف يمكن لأمثالهم ممن يُلقون تلك المواعظ المؤثرة، والخطب المجلجلة، أن يزل أو يخطئ، وهو الذي يعظ الناس ويرشدهم؟!
وبالتالي كنت من أشد الناس حماساً في الدفاع عن آراء مشايخي الفقهية، ووجهة نظرهم الفكرية، وهكذا كان الحال مع أقراني!! حيث كان كل منهم يتعصب لشيخه، ولا يقبل عليه نقضاً؛ حتى كاد بعضهم أن يقول (ما صحَّ عن شيخي فهو مذهبي!!) وهكذا كان النقاش يشتد ويحتدم بيننا، كلٌ ينتصر لرأي شيخه، حتى وقع في مسجدنا النزاع، وتفرقت القلوب، وعمَّ الفشل ساحتنا الدعوية!!

ولكني اكتشفت . .

أن المنطق يقتضي بأن جميع الدعاة على اختلاف مدارسهم ومناهجهم، وتفاوت علمهم وفضلهم لا يعدون كونهم بشراً غير معصومين، بل إنهم يصيبون ويخطئون، شأنهم في ذلك شأن كافة البشر، وأن الجميع بمن فيهم صفوة السلف الصالح رضوان الله عليهم، والأئمة الأعلام (يؤخذ منهم ويرد) ولا معصوم إلا قول النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا لا يتنافى أبداً مع فضل العلماء ومنزلتهم، أو يقلل عياذاً بالله من شأنهم، حيث أنه من البديهي توقير أهل العلم الصحيح عامة، ورفعهم المكانة اللائقة بشرف ما يحملونه من العلم؛ وهذا أيضاً لا يتنافى مع كونهم متفاوتون في سبقهم للعلم والفضل، كلٌ بحسب ما رزقه الله، وفتح عليه من فيض علمه وحكمته، وما آتاه من الفقه والبصيرة.

إلا أن حماسة حديثي العهدٍ بالالتزام، تفقدهم كثيراً من الحكمة والروية في تقييمهم للأمور!! حيث سرعان ما تنزلق بهم الأقدام بسبب العاطفة الزائدة في منزلق (الحب للشيء يعمي ويصم!!) فيطلقون سيل اتهاماتهم على مخالفيهم، تارة بالجهل وأخرى بالتبديع وثالثة بالتفسيق!!






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس