عرض مشاركة واحدة
قديم 13-05-2013, 10:42 AM   رقم المشاركة : 4
ملكة الرومنس
( مشرفة العام والمكتبه الادبيه )
 
الصورة الرمزية ملكة الرومنس

معنى الإنقاص من الأطراف بمفهوم العصر:




سأكتفي بكلام أحد المعاصرين الأعلام وهو متخصص في مجاله، وهو الدكتور زغلول النجار أفادنا الله بعلومه، وسردت كلامه بشيء من الاختصار والتصرف خشية الإطالة على القارئ وذهاب رونق الموضوع، حيث تتبعت كلامه وتفسيره لمعاني النقص الوارد على الأرض في الآية المتقدمة، من منظور العلم المعاصر وما توصل إليه من حقائق تتفق مع مضمون الآية، فوجدت أن النقص في مصطلح العلم الحديث يأتي على الأرض من عدة مجالات من حيث أن الأرض ترد في القرآن بمعنى الأرض كاملة، كما ترد ويعني بها اليابسة التي نعيش عليها، كما ترد ويراد بها التربة التي تغطي الصخور، ولإنقاص الأرض من أطرافها في إطار كل معنى من تلك المعاني عدد من الدلالات العلمية نحصي منها ما يلي‏:‏
أولا‏:‏ في إطار دلالة لفظة الأرض على الكوكب ككل‏.
ثانيا‏:‏ في إطار دلالة لفظ الأرض على اليابسة التي نحيا عليها‏.
ثالثا‏:‏ في إطار دلالة لفظ الأرض على التربة التي تغطي صخور اليابسة‏.
وتحت كل من هذه الأطر تندرج عدة معاني لكل منها تفسيره
العلمي
الثابت، وفيما يلي التفصيل:

أولا‏:‏ في إطار دلالة لفظة الأرض على الكوكب ككل‏:‏
في هذا الإطار نجد ثلاثة معان علمية بارزة يمكن إيجازها فيما يلي‏:‏
‏(‏أ‏)‏ انكماشها على ذاتها وتناقص حجمها باستمرار‏:‏
تفيد الدراسات أن أرضنا مرت بمراحل متعددة من التشكيل منذ انفصال مادتها عن سحابة الدخان الكوني التي نتجت عن عملية الانفجار العظيم إما مباشرة أو بطريقة غير مباشرة عبر سديم الدخان الذي تولدت عنه مجموعتنا الشمسية‏, ‏وبذلك خلقت الأرض الابتدائية التي لم تكن سوى كومة ضخمة من الرماد، ‏ومكونة من عدد من العناصر الخفيفة‏،‏ ثم ما لبثت تلك الكومة الابتدائية أن رجمت بوابل من النيازك الحديدية‏, والحديدية الصخرية‏, والصخرية‏, وبحكم كثافتها العالية نسبياً اندفعت النيازك الحديدية إلى مركز تلك الكومة الابتدائية حيث استقرت‏,‏ مولدة حرارة عالية أدت إلى صهر كومة الرماد التي شكلت الأرض الابتدائية وإلى تمايزها إلى سبع أرضين، وبالمناسبة فإن من حكمة الله البالغة أن كمية الشهب والنيازك التي تصل الأرض يومياً تلعب دوراً هاماً في ضبط العلاقة بين كتلتي الأرض والشمس إذا زادت كمية المادة المنفلتة من عقال جاذبية الأرض‏.‏
إن حجم الأرض الابتدائية كان على الأقل يصل إلى مائة ضعف حجم الأرض الحالية، وأن هذا الكوكب قد أخذ منذ اللحظة الأولى لخلقه في الانكماش على ذاته من كافة أطرافه‏، وكان انكماش الأرض على ذاتها سنة كونية لازمة للمحافظة على العلاقة النسبية بين كتلتي الأرض والشمس‏, هذه العلاقة التي تضبط بعد الأرض عن الشمس‏, ذلك البعد الذي يحكم كمية الطاقة الواصلة إلينا‏.‏
ولما كانت كمية الطاقة التي تصل من الشمس إلى كل كوكب من كواكب مجموعتها تتناسب تناسباً عكسياً مع بعد الكوكب عن الشمس‏, وكذلك تتناسب سرعة جريه في مداره حولها‏, ‏اتضحت لنا الحكمة من استمرارية تناقص الأرض وانكماشها على ذاتها أي تناقصها من أطرافها‏،‏ ولو زادت الطاقة التي تصلنا من الشمس عن القدر الذي يصلنا اليوم قليلاً لأحرقتنا‏, ‏وأحرقت كل حي على الأرض‏, ولبخّرت الماء‏, ‏وخلخلت الهواء‏,‏ ولو قلّت قليلاً لتجمد كل حي على الأرض ولقضي على الحياة الأرضية بالكامل‏.‏
ومن الثابت علمياً أن الشمس تفقد من كتلتها في كل ثانية نحو خمسة ملايين من الأطنان على هيئة طاقة ناتجة من تحول غاز الإيدروجين بالاندماج النووي إلى غاز الهليوم‏،‏ وللمحافظة على المسافة الفاصلة بين الأرض والشمس لابد وأن تفقد الأرض من كتلتها وزناً متناسباً تماماً مع ما تفقده الشمس من كتلتها‏,‏ ويخرج ذلك عن طريق كل من فوهات البراكين وصدوع الأرض على هيئة غازات وأبخرة وهباءات متناهية الضآلة من المواد الصلبة التي يعود بعضها إلى الأرض‏,‏ ويتمكن البعض الآخر من الإفلات من جاذبية الأرض والانطلاق إلى صفحة السماء الدنيا‏,‏ وبذلك الفقدان المستمر من كتلة الأرض فإنها تنكمش على ذاتها‏,‏ وتنقص من كافة أطرافها‏,‏ وتحتفظ بالمسافة الفاصلة بينها وبين الشمس‏.‏ ولولا ذلك الإحكام العظيم من الخالق العظيم لانطلقت الأرض من عقال جاذبية الشمس لتضيع في صفحة الكون وتهلك ويهلك كل من عليها‏, ‏أو لانجذبت إلى قلب الشمس حيث الحرارة في حدود ‏15‏ مليون درجة مئوية فتنصهر وينصهر كل ما بها ومن عليها‏.‏

‏(‏ب‏)‏ تفلطحها قليلاً عند القطبين‏, ‏وانبعاجها قليلاً عند خط الاستواء‏:‏
إن مادة الأرض لا تتأثر بالجاذبية نحو مركزها فحسب‏, ‏ولكنها تتأثر كذلك بالقوة الطاردة‏(‏النابذة‏)‏ المركزية الناشئة عن دوران الأرض حول محورها‏, وقد نتج عن ذلك انبعاج بطئ في الأرض ولكنه مستمر عند خط الاستواء حيث تزداد القوة الطاردة المركزية إلى ذروتها‏, ‏وتقل قوة الجاذبية إلى المركز إلى أدنى قدر لها‏, ويقابل ذلك الانبعاج الاستوائي تفلطح‏ (‏انبساط‏)‏ قطبي غير متكافئ عند قطبي الأرض حيث تزداد قوتها الجاذبة‏, ‏وتتناقص قيمة القوة الطاردة المركزية‏, والمنطقة القطبية الشمالية أكثر تفلطحاً من المنطقة القطبية الجنوبية‏، ويقدر متوسط قطر الأرض الاستوائي بنحو‏12756.3‏ كم‏, ونصف قطرها القطبي بنحو‏12713.6‏ كم وبذلك يصبح الفارق بين القطرين نحو‏42.7‏ كم‏, ‏ ويمثل هذا التفلطح نحو‏33.%‏ من نصف قطر الأرض‏, مما يدل على أنها عملية بطيئة جداً تقدر بنحو ‏1‏سم تقريباً كل ألف سنة‏, ولكنها عملية مستمرة منذ بدء خلق الأرض‏, وهي إحدى عمليات إنقاص الأرض من أطرافها‏.‏

‏(‏جـ‏)‏ اندفاع قيعان المحيطات تحت القارات وانصهارها:‏


يمزق الغلاف الصخري للأرض بواسطة شبكة هائلة من الصدوع العميقة التي تحيط بالأرض إحاطة كاملة‏,‏ وتمتد لعشرات الآلاف من الكيلومترات في الطول‏,‏ وتفصل هذه الشبكة من الصدوع الغلاف الصخري للأرض إلى ‏12‏ لوحاً رئيسياً وعدد من الألواح الصغيرة نسبيا‏ً,‏ ومع دوران الأرض حول محورها تنزلق ألواح الغلاف الصخري للأرض فوق نطاق الضعف الأرضي متباعدة عن بعضها البعض‏,‏ أو مصطدمة مع بعضها البعض‏.
وكما يصطدم قاع المحيط بكتل القارتين أو القارات المحيطة بحوض المحيط أو البحر‏, ‏فإن العملية التصادمية قد تتكرر بين كتل قاع المحيط الواحد فتكون الجزر البركانية وينقص قاع المحيط‏, ‏ وكما تحدث عملية التباعد في أواسط القارة فتؤدي إلى فصلها إلى كتلتين قاريتين مفصولتين ببحر طولي مثل البحر الأحمر يظل يتسع حتى يتحول إلى محيط في المستقبل البعيد وفي كل الحالات تستهلك صخور الغلاف الصخري للأرض عند خطوط التصادم‏, وتتجدد عند خطوط التباعد‏, وهي صورة من صور إنقاص الأرض من أطرافها‏.‏



وتحرك ألواح الغلاف الصخري للأرض يؤدي باستمرار إلى استهلاك صخور قيعان كل محيطات الأرض‏, ‏وإحلالها بصخور جديدة‏, ‏وعلى ذلك فإن محاور المحيطات تشغلها صخور بركانية ورسوبية جديدة قد لا يتجاوز عمرها اللحظة الواحدة‏, ‏بينما تندفع الصخور القديمة عند حدود تصادم قاع المحيط مع القارات المحيطة به‏, ‏والصخور الأقدم عمراً من ذلك تكون هبطت تحت كتل القارات وهضمت في نطاق الضعف الأرضي وتحولت إلى صهارة‏, وهي صورة رائعة من صور إنقاص الأرض من أطرافها‏.‏
ويبدو أن هذه العمليات الأرضية المتعددة كانت في بدء خلق الأرض أشد عنفاً من معدلاتها الحالية لشدة حرارة جوف الأرض بدرجات تفوق درجاتها الحالية وذلك بسبب الكم الهائل من الحرارة المتبقية عن الأصل الذي انفصلت منه الأرض‏, ‏والكم الهائل من العناصر المشعة الآخذة في التناقص باستمرار بتحللها الذاتي منذ بدء تجمد مادة الأرض‏.‏








رد مع اقتباس