عرض مشاركة واحدة
قديم 22-03-2013, 03:28 AM   رقم المشاركة : 2
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


ذَكَرَ اللهُ البلاءَ عن أيوب ، فقال سُبحانه :
{ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ }
الأنبياء/83 ،
{ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ }
ناداه وقـد عَظُمت شكواه ، وعَظُمَ بلاؤه ، وعَظُمَ ضُرُّه ،
فنادَى اللهَ سُبحانه وتعالى بأسمائِهِ وصِفاتِهِ ، قال :
{ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ }
الحالُ والشأنُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ ، ولكنْ أنتَ أرحمُ الرَّاحمين ،
{ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ *
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ
وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ }
الأنبياء/83-84 .

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

قال بعضُ العُلَماءِ : ﴿ ذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ : أيْ أنَّ أيوبَ دعا رَبَّه بيقين ،
فإنَّ اللهَ يستجيبُ لِكُلِّ مَن أُصيبَ ببلاءٍ فدعاه بيقين .
﴿ ذِكْرَى : هـذه الذِّكرى تتذكَّرُها في كُلِّ بلاء ، وفي كُلِّ خَطْبٍ وكَرْب ، في أهلِكَ ومالِكَ وولَدِكَ .

تكونُ في رَغَدٍ مِن العيش وأنتَ آمِنٌ في سِرْبِكَ ، مُعافىً في بدنِكَ ، عندكَ قُوتُ يومِكَ فلا تلبثُ أنْ شاءَ اللهُ
بلاءَك ، فنزلت بِكَ المصائِب ، وحلََّت بِكَ المَتاعِب ، فأحاطت بِكَ الديونُ مِن كُلِّ جانب ، وأصبحت بعـد
رَغَدِ العيش في ضِيقِهِ وفي صعوبتِهِ ، فالبِنتُ تشتكي ، والابنُ يشتكي ، وتُصبِحُ في هَمٍّ وغَمّ وكَرْب ،
فيأتيكَ ضلعُ الدَّيْن ، وهَمُّ الدَّيْنِ ، والمَغْرَم ، والمأثَم ، فعندها تضيقُ بِكَ الأرضُ بما رَحُبَت ،
لكنْ لا يُوَسِّعُها إلَّا يقينُكَ باللهِ جَلَّ جلالُه ، ولا يُبَدِّدُ هـذه الهُمومَ ويُذهِبُها إلَّا يقينُكَ بأنَّ اللهَ
أرحمُ بكَ مِن نَفْسِكَ التي بين جَنبيكَ .
يا هـذا ، إنْ صدقتَ مع اللهِ صَدَقَك .

مَن هـذا الذي وقف ببابِ اللهِ فطردَه ..؟! حاشاه .
مَن هـذا الذي صَدَقَ مع اللهِ فخَيَّبَه ..؟! حاشاه .
ما وجدناه إلَّا حليمًا رحيمًا ، ما وجدناه إلَّا كريمًا عظيمًا ، يفتحُ لَكَ أبوابَ الفَرَجِ مِن حيثُ تحتسِب ومِن
حيثُ لا تحتسِب ، وما مِن عبدٍ يدعوا في كَرْبٍ ويَصْدُقُ مع الرَّبِّ إلَّا أعطاه اللهُ إحدى الحُسْنََيَيْن ؛
إنْ كان عَلِمَ سُبحانه أنَّ كَرْبَه يُفَرَّجُ فَرَّجَ عنه عاجِلاً ، وإذا عَلِمَ سُبحانه أنَّه سيُؤخَّرُ عنه الفَرَجُ رَزَقَهُ
اليقينَ والإيمانَ والتسليمَ ، حتى أنَّ البلاءَ يعودُ عليه نِعمةً وسرورًا

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

جعلنا اللهُ وإيَّاكم ذلك الرَّجُل .
إذا كُنتَ واثقًا باللهِ وناديتَه وناجيتَه صادِقًا مُؤمِنًا مُتَوكِّلاً عليه ، إمَّا أنْ يُفَرِّجَ كَرْبَكَ ، وإمَّا أنْ يُفرِغَ عليكَ
مِن الصبر واليقينِ ، حتى يُصبِحَ العذابُ لَكَ رحمة ، وتعلو درجتُكَ ، ويَعظُمَ أجرُكَ ، ويُغفَرَ ذنبُكَ ،
ويُقضَى دَيْنُك ، ويُبَدَّدَ هَمُّكَ وحُزنُك .
ولذلك في البلاءِ ، وفي الشِّدَّةِ والعَناءِ ، سُرورٌ بمُناجاةِ الله لا يَعدلُه سُرور .
ما أسعـدها مِن لَحظاتٍ ، وما أسعـدها مِن ساعاتٍ طيِّباتٍ مُباركاتٍ إذا خَلَوْتَ برَبِّكَ ، وبَثثتَ إليه أحزانَكَ ،
واشتكيتَ إليه أحزانَكَ ، وبَثثتَ إليه ما تجدُه مِن الكَرْبِ ومِن الهَمِّ والغَمِّ ، فسألتَه وناجيتَه ودعوتَه
ووثقتَ به سُبحانه وتعالى ..!


أسعـدُ الناسِ مَن جعل شكواه إلى الله ، ولم يشتكِ اللهَ إلى خَلْقِهِ .
أسعـدُ الناس مَن جعل يقينَه باللهِ ، ولم يجعل يقينَه في زيدٍ وعَمرو .






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة