عرض مشاركة واحدة
قديم 21-02-2013, 03:10 AM   رقم المشاركة : 2
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


ثم إن في إطلاق الخبر﴿ مُوسِعُونَ ﴾، دون تقييده بالإضافة ، دلالة أخرى
على ما أراد الله تعالى أن يخبر عنه ، وأكده العلم الحديث . فقد ثبت للعلماء
منذ الثلث الأول للقرن العشرين أن هذا الجزء المرئي من الكون مُتَّسِعٌ
اتِّساعًا ، لا يدركه عقل ، و أنه في اتِّساع دائم إلى اليوم . بمعنى أن المجرَّات
فيه تتباعد عن مجرتنا ، و عن بعضها البعض بسرعات هائلة .
فقد ثبت للعلماء منذ الثلث الأول للقرن العشرين أن هذا الجزء المرئي
من الكون مُتَّسِعٌ اتِّساعًا ، لا يدركه عقل ، و أنه في اتِّساع دائم إلى اليوم
صورة تبين توسع السماء بعد خلق الكون و هذه الحقيقة المكتشفة أكدتها
حسابات كل من الفيزيائيين النظريين و الفلكيين ,
و لا تزال تقدم المزيد من الدعم والتأييد لهذه الحقيقة المشاهدة ،
التي تشكل إعجازًا علميًا رائعًا من إعجاز القرآن !
و في قوله تعالى :
{ وَ الْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ }
إعجاز آخر من إعجاز القرآن ؛ حيث كان الظاهر أن يقال :
{ فَنِعْمَ الْفَارِشُونَ }بدلاً من قوله تعالى :{ فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ }
و لو قيل ذلك ، لكان بليغًا ؛ و لكنه لا يؤدِّي المعنى المراد ؛ لأن الأرض
خُلِقتْ ؛ لتكون موضع سكن و استقرار . و لا يمكن أن تكون كذلك إلا إذا
مُهِدَت بعد فرشها . فاختار سبحانه و تعالى للمعنى الأول لفظ ( الفرش )،
لِمَا فيه من دلالة على الراحة و الاستقرار ، و اختار للمعنى الثاني لفظ
(التمهيد )، لِمَا فيه من دلالة على البَسْط و الإصلاح .
وكونُ الأرض مفروشة، وممهدة لا ينافي كونها كروية، بل ينسجم معه تمام
الانسجام؛ لأن الكرة إذا عَظُمَتْ جِدًا، كانت القطعة منها كالسطح في
إمكان الاستقرار عليه.
و فَرْشُ الأرض يعني : تذليلها بعد أن كانت ناتئة صلبة . و كما تُذَلَّلُ الأنعام .
أي : تفرَش ؛ ليُركَب عليها ، كذلك تفرَش الأرض ؛ ليُسْتقَرَّ عليها ..
و أما تمهيد الأرض فهو تهيئتُها ، و تسويتها ، و إصلاحها ؛ لينتفع بها .
و أما قوله تعالى :
{ وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }
فيشير إلى أن الله تعالى خلق زوجين من كل شيء ، ممَّا نعلم ، و ممَّا لا نعلم
و جاء العلم الحديث ؛ ليكتشف تباعًا ظاهرة الزوجية ، في هذا الكون الفسيح
و تمكن العلماء أخيرًا من رؤية هذه الظاهرة ، في الحيوان المنوي الذكر .
و الزَّوْجُ من الألفاظ المتَضَايفَة ، التي يقتضي وجودُ أحدهما وجودَ الآخر .
و هذا الآخر يكون نظيرًا مُماثلاً ، و هو المِثْلُ ، و يكون ضِدًّا مُخالفًا ،
و هو النِّدُّ . و ما من مخلوق إلا و له مِثْلٌ ، و نِدٌّ ، و شِبْهٌ ، و الله جل و علا
وحده هو الذي لا مِثْلَ له ، و لا نِدَّ ، و لا شِبْهَ ؛ لأنه واحد أحد ،
و فرد صَمَد ،
{ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ و َالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَ مِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً
يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّميعُ البَصيرُ }
(الشورى:11) .
و لهذا لا يستحق أحد أن يُسَمَّى خالقًا و ربًّا مطلقًا ، و أن يكون إلهًا معبودًا
إلا الله جل و علا ؛ لأن ذلك يقتضى الاستقلال والانفراد بالمفعول المصنوع ،
و ليس ذلك إلا لله وحده سبحانه ، و تعالى عمَّا يقول الظالمون عُلُوًّا كبيرًا ..
و الحمد لله الذي خلق الإنسان ، و علمه البيان ،
و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه ، و سلم تسليمًا كثيرًا .






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس