لما حضرت الأوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر الوفاة
اجتمع إليه قومه من غسان فقالوا:
إنه قد حضرك من أمر الله ما ترى، وكنا نأمرك بالتزوج في شبابك فتأبى،
وهذا أخوك الخزرج له خمسة بنين وليس لك ولد غير مالك
(ج/ص:/405)
فقال: لن يهلك هالك ترك مثل مالك، إن الذي يخرج النار من الوثيمة
قادر أن يجعل لمالك نسلاً ورجالاً بسلاً وكل إلى الموت.
ثم أقبل على مالك وقال: أي بني المنية ولا الدنية، العقاب ولا العتاب،
التجلد ولا التلدد، القبر خير من الفقر، إنه من قل ذل، ومن كر فر،
من كرم الكريم الدفع عن الحريم، ولدهر يومان فيوم لك ويوم عليك،
فإذا كان لك فلا تبطر، وإذا كان عليك فاصطبر، وكلاهما سينحسر،
ليس يثبت منهما الملك المتوج، ولا اللئيم المعلهج، سلم ليومك حياك ربك،
ثم أنشأ يقول:
شـهـدت الـسـبـايـا يـوم آل مـحـرِّق وأدرك أمــري صـيـحــة الله فــي الـحـجــر
فـلـم أر ذا مـلـك مـن الـنـاس واحــداً ولا سـواقــة إلا إلــى الـمــوت والـقـبــر
فـعـل الـذي أردى ثـمـوداً وجـرهـمـاً سـيـعـقـب لـي نـسـلاً عـلـى آخـر الـدهــر
تـقـربـهـم مـن آل عـمـرو بـن عـامـر عـيـون لـدى الـداعـي إلـى طـلـب الـوتـر
فـإن لـم تـك الأيـام أبـلـيـن جِـدّتـي وشـيّـبـن رأسـي والـمـشـيــب مــع الـعـمــر
فـإن لـنـا ربـاً عـلا فـوق عـرشـه عـلـيـمـا بـمــا يـأتــي مــن الـخـيــر والـشــر
ألـــم يـــأت قــومــي أن لله دعـــوة يــفــوز بــهــا أهـــل الـســعــادة والــبـــر
إذا بـعـث الـمـبـعــوث مــن آل غـالــب بـمـكــة فـيـمــا بـيــن مـكــة والـحـجــر
هـنـالـك فـابـغـوا نـصـره بـبـلادكـم بـنــي عـامــر إن الـسـعــادة فــي الـنـصــر
قال: ثم قضى من ساعته.
والله جل جلاله اعلم