قال ابن ذي يزن: إن الذي قلت لك كما قلت، فاحتفظ بابنك،
واحذر عليه اليهود، فإنهم له أعداء، ولن يجعل الله لهم عليه سبيلاً،
واطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذين معك، فإني لست آمن أن
تدخل لهم النفاسة، من أن تكون لكم الرياسة، فيطلبون له الغوائل،
وينصبون له الحبائل، فهم فاعلون أو أبناؤهم، ولولا أني أعلم
أن الموت مجتاحي قبل مبعثه، لسرت بخيلي ورجلي حتى أصير بيثرب دار مملكته.
فإني أجد في الكتاب الناطق، والعلم السابق، أن بيثرب استحكام أمره،
وأهل نصرته، وموضع قبره، ولولا أني أقيه الآفات، وأحذر عليه العاهات،
لأعلنت على حداثة سنه أمره، ولأوطأت أسنان العرب عقبه،
ولكني صارف ذلك إليك، عن غير تقصير بمن معك.
قال: ثم أمر لكل رجل منهم بعشرة أعبد، وعشرة إماء، وبمائة من الإبل،
وحلتين من البرود، وبخمسة أرطال من الذهب، وعشرة أرطال فضة،
وكرش مملوء عنبراً، وأمر لعبد المطلب بعشرة أضعاف ذلك.
وقال له: إذا حال الحول فأتني.
فمات ابن ذي يزن قبل أن يحول الحول.
فكان عبد المطلب كثيراً ما يقول يا معشر قريش:
لا يغبطني رجل منكم بجزيل عطاء الملك و إن كثر، فإنه إلى نفاد، ولكن ليبغبطني
بما يبقى لي ولعقبي ومن بعدي، ذكره، وفخره، وشرفه،
فإذا قيل له متى ذلك؟
قال: سيعلم ولو بعد.
قال: وفي ذلك يقول أمية بن عبد شمس:
جلبنا النصح تحقبه المطايا على أكوار أجمال ونوق
مقلفة مراتعها تعالى إلى صنعاء من فج عـــــــميق
تؤم بنا ابن ذي يزن وتغري بذات بطونها ذم الطـــــــريق
وترعى من مخائله بروقا مواصلة الوميض إلى بروق
فلما واصلت صنعاء حلت بدار الملك والحسب العريق
(ج/ص: 2/ 404)
وهكذا رواه الحافظ أبو نعيم في (الدلائل) من طريق عمرو بن بكير
بن بكار القعنبي.
ثم قال أبو نعيم:
أخبرت عن أبي الحسن علي بن إبراهيم بن عبد ربه بن محمد بن
عبد العزيز بن عفير بن عبد العزيز بن السفر بن عفير بن زرعة بن سيف
بن ذي يزن، حدثني أبي أبو يزن إبراهيم، حدثنا عمي أحمد بن محمد
أبو رجاء به، حدثنا عمي محمد بن عبد العزيز،
حدثني عبد العزيز بن عفير، عن أبيه، عن زرعة بن سيف بن ذي يزن
الحميري قال:
لما ظهر جدي سيف بن ذي يزن على الحبشة. وذكره بطوله.
وقال أبو بكر الخرائطي: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن إسحاق القلوسي،
حدثنا العلاء بن الفضل بن أبي سوية، أخبرني أبي، عن أبيه عبد
الملك بن أبي سوية، عن جده أبي سوية، عن أبيه خليفة قال:
سألت محمد بن عثمان بن ربيعة بن سواة بن خثعم بن سعد فقلت:
كيف سماك أبوك محمداً ؟
فقال: سألت أبي عما سألتني عنه فقال: خرجت رابع أربعة من بني تميم
أنا منهم، وسفيان بن مجاشع بن دارم، وأسامة بن مالك بن جندب
بن العقيد، ويزيد بن ربيعة بن كنانة بن حربوص بن مازن،
ونحن نريد ابن جفنة ملك غسان، فلما شارفنا الشام نزلنا على غدير
عليه شجرات فتحدثنا، فسمع كلامنا راهب فأشرف علينا فقال:
إن هذه لغة ما هي بلغة هذه البلاد!
فقلنا: نعم نحن قوم من مضر. قال: من أي المضرين؟
قلنا: من خندف. قال: أما إنه سيبعث وشيكاً نبي خاتم النبيين فسارعوا إليه،
وخذوا بحظكم منه ترشدوا.
فقلنا له: ما اسمه؟
قال: اسمه محمد،
قال: فرجعنا من عند ابن جفنة
فولد لكل واحد منا ابن فسماه محمداً، يعني أن كل واحد منهم طمع في
أن يكون هذا النبي المبشر به ولده.
وقال الحافظ أبو بكر الخرائطي: حدثنا عبد الله بن أبي سعد،
حدثنا حازم بن عقال بن الزهر بن حبيب بن المنذر بن
أبي الحصين بن السموأل بن عاديا،
حدثني جابر بن جدان بن جميع بن عثمان بن سماك
بن الحصين بن السموأل بن عاديا قال: