من أسباب المغفرة فى القران (2)
6-ومن أسباب المغفرة في القرآن كذلك الاستقامة بعد الضلالة والتوبة بعد العصيان,
فالتوبة كذلك تجُب ما كان قبلها
قال تعالى :
{ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ
فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا }
فمن تاب لله تاب الله عليه مهما أسرف وشطَّ , والتائبُ على الله مغفورٌ له بدلالة الآية السابقة
وغيرها من آيات القرآن
كقول الله سبحانه و تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا
عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ }
و (عسى) حيثما جاءت في القرآن فهي متحققة الوقوع بخلاف (لعلَّ).
بل لا أدلَّ على كرم الله وحلمه بعباده من أنَّ تائبَهم إذا قبِل اللهُ توبتَه جعلَ معاصيه
وفجراته السابقةَ حسناتٍ ترتفع بها درجاتُه وتكثر بها حسناتُه ذلك أنه كلما تذكر
ما مضى ندم واسترجع واستغفر الله حسرةً منه على ماضيه وغفلته،
فينقلب الذنب السابقُ طاعةً لله تعالى بهذا الاعتبار ,
قال الله تعالى
{ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا
فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }
7-ومن أسباب المغفرة في القرآن حرصُ المسلمِ على أن لا يقترف كبيرةً
من كبائر الذنوب التي جاء الوعيد من الله أو رسوله
أو منهما في مرتكبها على القول بانقسام الذنوب إلى صغائرَ وكبائرَ ,
قال الله تعالى
{ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا }
وصغائر الذنوب لا يسلمُ منها أحدٌ مهما بلغ من الإيمان والطاعة لله
لأنَّ من اجتمع له ترك الصغائر والكبائر بالكلية فهو معصومٌ,
ولا عصمة لأحدٍ بعد رسول الله
, وفي السنَّة النبوية
جاء ما يدل على أن من اجتهد في مجانبة الوقيعة في كبائر الذنوب
أن الله يتجاوز له عن صغائرها كما في الصحيح
أنه
قال
( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان
مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر )
وقال
في الصحيح كذلك
( ما من امرىء مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها
إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يأت كبيرة وذلك الدهر كله )
8-ومن أسباب المغفرة في القرآن العفوُ عند المقدرة والتمكنِ من مصالح
عباد الله كما جاء في قصة الإفك لما حلف الصديق
ألا ينفع مِسْطَح بن أثاثة
بنافعة بعدما قال في عائشة
ما قال مما أشاعه المنافقون
فأنزل الله تعالى قوله
{ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ
وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا
أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
فمن عفا عن عباد الله عفا الله عنه ومن يسَّر عليهم يسَّر الله عليه ,
ولذلك أدرك الصديقُ هذا السبب فأرجع نفقته على مسطح وهو يقول مجيباً لله تعالى:
بلى، والله إنا نحب يا ربنا أن تغفر لنا.
9-ومن أسباب المغفرة في القرآن السبقُ إلى الطاعات عموماً ,
فإن الله يحب التنافس في السبق على مرضاته
كما قال جَلَّ و علا :
{ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ }
ولا يكون التنافس فيه إلا بالتسابق في الطاعة ,
ودليل هذا السبب أنَّ مؤمني بني إسرائيلَ لمَّـا هددهم فرعونُ بالتقتيل
والتمثيل بهم حكى الله عنهم أنهم قالوا له