عرض مشاركة واحدة
قديم 08-11-2012, 03:30 AM   رقم المشاركة : 3
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور




أختاه: لقد بحثت عن الحب الحقيقي الصادق.. فوجدت أن الناس إذا أحبوا أخذوا.. وإذا

منحوا طلبوا.. وإذا أعطوا سلبوا.. ولكن الله تعالى إذا أحب عبده أعطاه بغير حساب.. وإذا

أطيع جازى وأثاب..



أيتها الغالية: إن الناس لا يمكن أن يمنحونا ما نبحث عنه من صدق وأمان.. وما نطلبه من

رقة وحنان.. ونتعطش إليه من دفء وسلوان.. لأن كلا منهم مشغول بنفسه مهتم بذاته..

ثم إن أكثرهم محروم من هذه المشاعر السامية والعواطف النبيلة.. ولا يعرف معناها

فضلا عن أن يتذوق طعمها.. ومن كان هذا حاله فهو عاجز عن منحها للآخرين.. لأن فاقد

الشيء لا يعطيه كما هو معروف..


أختاه: لن تجدي أحدا يمنحك ما تبحثين عنه.. إلا ربك ومولاك.. فإن الناس يغلقون

أبوابهم.. وبابه سبحانه مفتوح للسائلين.. وهو باسط يده بالليل والنهار.. ينادي عباده:

تعالوا إلي؟ هلموا إلى طاعتي.. لأقضي حاجتكم.. وأمنحكم الأمان والراحة والحنان.. كما

قال تعالى: { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا

لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون }


أختاه: إن السعادة الحقيقية.. لا تكون إلا بالحياة مع الله.. والعيش في كنفه سبحانه

وتعالى.. لأن في النفس البشرية عامة ظمأ وعطشا داخليا.. لا يرويه عطف الوالدين.. ولا

يسده حنان الإخوة والأقارب.. ولا يشبعه حب الأزواج وغرامهم وعواطفهم الرقيقة.. ولا

تملؤه مودة الزميلات والصديقات.. فكل ما تقدم يروي بعض الظمأ.. ويسقي بعض

العطش.. لأن كل إنسان مشغول بظمأ نفسه.. فهو بالتالي أعجز عن أن يحقق الري

الكامل لغيره.. ولكن الري الكامل والشبع التام لا يكون إلا باللجوء إلى الله تعالى..

والعيش في ظل طاعته.. والحياة تحت أوامره.. والسير في طريق هدايته ونوره.. فحينها

تشعرين بالسعادة التامة.. وتتذوقين معنى الحب الحقيقي.. وتحسين بمذاق اللذة

الصافية.. الخالية من المنغصات والمكدرات.. فهلا جربتِ هذا الطريق ولو مرة واحدة..

وحينها ستشعرين بالفرق العظيم.. وسترين النتيجة بنفسك..


فأجابت الفتاة ودموع التوبة تنهمر من عينيها: نعم.. هذا والله هو الطريق!! وهذا هو ما

كنت أبحث عنه.. وكم تمنيت أنني سمعت هذا الكلام.. منذ سنين بعيدة.. ليوقظني من

غفلتي.. وينتشلني من تيهي وحيرتي.. ويلهمني طريق الصواب والرشد..


فبادرها ( محمد ) قائلا : إذن فلنبدأ الطريق من هذه اللحظة.. وها هو الفجر ظهر وبزغ..

وها هي خيوط الفجر المتألقة تتسرب إلى الكون قليلا قليلا.. وها هي أصوات المؤذنين

تتعالى في كل مكان.. تهتف بالقلوب الحائرة والنفوس التائهة.. أن تعود إلى ربها ومولاها..

وها هي نسمات الفجر الدافئة الرقيقة تناديك أن عودي إلى ربك.. عودي إلى مولاك..

فأسرعي وابدئي صفحة جديدة من عمرك.. وليكن هذا الفجر هو يوم ميلادك الجديد..

وليكن أول ما تبدئين به حياتك الجديدة ركعتين تقفين بهما بين يدي الله تعالى.. وتسكبين

فيها العبرات.. وتطلقين فيها الزفرات والآهات.. على المعاصي والذنوب السالفات..


وأرجو أن تهاتفيني بعد أسبوعين من الآن.. لنرى هل وجدت طعم السعادة الحقيقية أم

لا؟


ثم أغلق ( محمد ) السماعة.. وأنهى المكالمة..


بعد أسبوعين.. وفي الموعد المحدد.. اتصلت الفتاة بـ( محمد ).. ونبرات صوتها تطفح

بالبشر والسرور.. وحروف كلماتها تكاد تقفز فرحا وحبورا.. ثم بادرت قائلة: وأخيرا.. وجدت

طعم السعادة الحقيقية.. وأخيرا وصلت إلى شاطئ الأمان الذي أبحرت بحثا عنه.. وأخيرا

شعرت بمعنى الراحة والهدوء النفسي.. وأخيرا شربت من ماء السكينة والطمأنينة

القلبية الذي كنت أتعطش إليه.. وأخيرا غسلت روحي بماء الدموع العذب الزلال.. فغدت

نفسي محلقة في الملكوت الأعلى.. وأخيرا داويت قلبي الجريح.. ببلسم التوبة الصادقة

فكان الشفاء على الفور.. لقد أيقنت فعلا أنه لا سعادة إلا في طاعة الله وامتثال أوامره..

وما عدا ذلك فهو سراب خادع.. ووهم زائف.. سرعان ما ينكشف ويزول.


وإني أطلب منك يا شيخ طلبا بسيطا.. وهو أن تنشر قصتي هذه كاملة.. فكثير من

الفتيات تائهات حائرات مثلي.. ولعل الله أن يهديهن بها طريق الرشاد..

فقال لها الشيخ ( محمد ) عسى أن تري ذلك قريباً






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة