وما عُرِفَ أن النبي صلى الله عليه وسلَّم قام الليل كله،
إلا قام بعض الليل.
هذا الكلام لكي يكون الإنسان واقعي، ويكون دينه واقعي،
ولا يحس بالإحباط دائماً أن صلاته غير صحيحة،
وقيامه غير صحيح، وتلاوته غير صحيحة،
لأنه يوجد أناس خمسون سنة صلوا الفجر بوضوء العشاء،
هذا الكلام قد يتوهَّم منه أنه فيه تعظيم لسعيد بن المسيب،
ولكن هذا ليس تعظيم هذا فيه مزاودة، النبي سيد الخلق ما فعل هذا.
{ فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً (17) }
الطفل لا يشيب، وإذا شاب الطفل فالهَوْل لا يوصف،
فهؤلاء الذين ينغمسون في الدنيا، ويقترفون المعاصي والآثام ينتظرهم
يومٌ تشيب لهَوْلِهِ الولدان.
يُقاس على الليل والنهار أشياء كثيرة..
{ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى
وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ
وَآَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ }
سيدنا علي له كلمة: " إن للنفس إقبالاً و إدباراً،
فإذا أقبلت فاحملوها على النوافل،
وإن أدبرت فاحملوها على الفرائض ".
إنسان مسافر الله شرع له قصر الصلاة، المسافر مشغول،
في عنده ابن مريض يحتاج إلى عملية، فإذا في مشكلة،
في مهمة، في أمر عويص الفرائض طبعاً مع السُنَن الراتبة،
أما إذا كان في راحة نفسيَّة النوافل. "إن للنفس إقبالاً وإدباراً،
فإذا أقبلت فاحملوها على النوافل ". صار في مشكلة،
صار في انشغال شديد ؛ الفرائض والرواتب هذه الحد الأدنى.
والحمد لله رب العالمين